"العربي الجديد" ينشر تقرير عريقات: صفقة القرن والإملاءات الأميركية

24 يناير 2018
ترامب إثر إعلان القدس عاصمة لإسرائيل (ماندل أنغان/فرانس برس)
+ الخط -
تفاعل الحديث عن "صفقة القرن" في ظلّ مؤشرات حول إمكانية السير بها، إثر تقديم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في تقريره السياسي الذي رفعه للرئيس الفلسطيني محمود عباس قبيل انعقاد المجلس المركزي، رؤية سياسية كاملة حول الملف. وكان الشق المتعلق بالرؤية الأميركية معتمداً بشكل كامل على ما تم إطلاع القيادة الفلسطينية عليه من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول صفقة القرن. وعلى الرغم من نفي القيادة لاحقاً لتصريحات عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني، حول إطلاع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده، عباس على تفاصيل صفقة القرن، إلا أن هجوم الإعلام الأميركي والإسرائيلي على الأجزاء "الأميركية" المتعلقة بهذا التقرير، أكدت صحتها. وتقاطعت قرارات عباس، حسبما جاء في خطابه أمام المجلس المركزي في 14 يناير/ كانون الثاني الحالي، مع توصيات تقرير عريقات، فضلاً عن توجيهه انتقاداً شديداً غير مسبوق لترامب، قائلاً له أكثر من مرة "يخرب بيتك يا ترامب"، بالإضافة إلى توجيه الرئيس الفلسطيني رسائل واضحة لدول عربية معينة بعدم التدخل بالشأن الفلسطيني وأن القرار الفلسطيني مستقل، قائلاً: "قلنا لا لترامب ولا لغير ترامب".

ورأى عريقات في تقريره، أن "المرحلة المقبلة هي مرحلة فرض الإملاءات الأميركية، مع تأكيده على أن التوصيات الواردة في هذا التقرير لا تمثل بأي حال من الأحوال إجماع أعضاء اللجنة السياسية، لأنه كانت هناك تحفظات وآراء مختلفة حول عدد من التوصيات". وجاء في التقرير أنه "على كل من يريد السلام أن يوافق على ما سوف تفرضه أميركا، وأن كل من يعارض ذلك سيعتبر من قوى الإرهاب والتطرف المتوجب على القيادات السياسية في المنطقة طردها ومحاربتها، فالاعتدال يعني قبول صفقة فرض الإملاءات، التي تعتبر بامتياز تبنّياً كاملاً وشاملاً لمواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بفرض الأمر الواقع من خلال الاستيطان الاستعماري، ومصادرة الأراضي، وطرد السكان، والتطهير العرقي، وهدم البيوت، والاغتيالات والاعتقالات والحصار والإغلاق".

تقرير عريقات

وتابع عريقات في تقريره: "لقد بدأ الرئيس ترامب بفرض المرحلة الأميركية الجديدة من خلال الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، وسوف تشمل مرحلة فرض الحل على الفلسطينيين والعرب وبشكل تدريجي، فرض إملاءات الحكومة الإسرائيلية حول كافة قضايا الوضع النهائي. ويبررون ذلك بالقول إن كل جهود الإدارات الأميركية السابقة قد تم رفضها فلسطينياً، ولن تقوم أي قيادة فلسطينية مستقبلية بقبول ما توافق عليه إسرائيل. لذلك فإن إدارة الرئيس ترامب تقول إنها لن تكرر أخطاء ما قامت به الإدارات الأميركية السابقة، وأنها سوف تفرض صفقة تاريخية بدأتها بأن أعلنت أن القدس عاصمة لإسرائيل، وأنها سوف تحمّل الجانب الذي يرفض المسؤولية وتفرض عليه دفع الثمن".



واعتبر أن "تصويب العلاقة الفلسطينية الأميركية لا يمكن أن يتم إلا من خلال إلغاء قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وإلغاء قرار اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية. وبما أن إدارة الرئيس ترامب لن تقوم بأي من الأمرين، لذلك لا بد من التمسك بوقف كل الاتصالات مع إدارة ترامب حول عملية السلام، مع رفض اعتبارها وسيطاً أو راعياً لعملية السلام بأي شكل من الأشكال". وشدّد عريقات على رفضه "إعطاء ترامب أي فرصة والصبر عليه لحين طرحه معالم صفقته التاريخية، لأن هذا الموقف يعني بالضرورة قبول قرار الرئيس ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، إضافة إلى قبول سياسة المرحلة الأميركية الجديدة والتي سنطلق عليها فرض الحلول والإملاءات وبما يشمل تصفية القضية الفلسطينية".

وحسب عريقات، فإن "الإملاءات الأميركية ورؤيتها للحلول هي أولاً الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها. وبالتالي تكون قد انتهت من مسألة القدس، فكيف يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تتفاوض حول القدس بعد اعتراف الإدارة الأميركية بها كعاصمة لدولة إسرائيل (دولة للشعب اليهودي). وبهذا تكون الإدارة الأميركية قد أعلنت موافقتها على ضمّ القدس الشرقية إلى إسرائيل رسمياً. ولا بد أن نذكر أن القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 1995 ينص على القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، لقد قام الكنيست الإسرائيلي بتعديل المادة الثانية من القانون الأساسي حول القدس في 2 يناير الحالي".

البند الثاني، وفقاً لعريقات، هو أن "إدارة الرئيس ترامب سوف تقوم باختراع عاصمة لدولة فلسطين في ضواحي القدس (خارج إطار الكيلومترات الأربعة) عام 1967". والبند الثالث هو "الإعلان خلال شهرين أو ثلاثة على أبعد حد، عن موافقة إدارة ترامب على ضمّ الكتل الاستيطانية. (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يطرح ضمّ 15 في المائة، فيما يقترح ترامب 10 في المائة".



البند الرابع، وفقاً لعريقات، هو "قيام إدارة ترامب بعد ذلك بالإعلان عن مفهوم أمني مُشترك لدولة إسرائيل ودولة فلسطين كشركاء في السلام، يشمل: أ) دولة فلسطين منزوعة السلاح مع قوة شرطة قوية. ب‌) تعاون أمني ثنائي وإقليمي ودولي وبما يشمل مشاركة الأردن ومصر والولايات المتحدة، والباب سيكون مفتوحاً أمام دول أخرى. ت‌) وجود قوات إسرائيلية على طول نهر الأردن والجبال الوسطى، وذلك لحماية الدولتين. ث) تبقي إسرائيل على صلاحيات الأمن القصوى، بيدها لحالات الطوارئ".

أما البند الخامس، فهو "تنسحب القوات الإسرائيلية وتعيد تموضعها تدريجياً، خارج المناطق (أ + ب)، مع إضافة أراضٍ جديدة من المنطقة (ج)، وذلك حسب الأداء الفلسطيني (من دون تحديد الزمن)، وتعلن دولة فلسطين بهذه الحدود". وفي البند السادس "اعتراف دول العالم بدولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي". والبند السابع "اعتراف دول العالم بدولة فلسطين كوطن قومي للشعب الفلسطيني". والبند الثامن "تقوم إسرائيل بضمان حرية العبادة في الأماكن المُقدسة للجميع مع الإبقاء على الوضع القائم بها". وفي البند التاسع "تخصيص إجزاء من ميناءي أسدود وحيفا ومطار اللد للاستخدام الفلسطيني، على أن تكون الصلاحيات الأمنية بيد دولة إسرائيل". وفي البند العاشر "سيكون هناك ممر آمن بين الضفة وقطاع غزة تحت سيادة إسرائيل". وفي البند الـ11 "المعابر الدولية ستكون بمشاركة فلسطينية فاعلة وصلاحيات الأمن القصوى بيد إسرائيل". والبند الـ12 "المياه الإقليمية، والأجواء، والموجات الكهرومغناطيسية تحت سيطرة إسرائيل، من دون الإجحاف بحاجات دولة فلسطين". البند الـ13 "حلّ عادل لقضية اللاجئين من خلال دولة فلسطين".



أما البند الـ14، وفقاً لعريقات، فكشف أن "هذه هي معالم الصفقة التاريخية التي سوف تسعى إدارة الرئيس ترامب لفرضها على الجانب الفلسطيني، مع الإبقاء على عبارة الحدود النهائية وقضايا الوضع الدائم، يتم الاتفاق عليها بين الجانبين ضمن جدول زمني محدد ومتفق عليه". وفي البند الـ15 "كان علينا عدم انتظار قيام أميركا بطرح معالم ومضمون هذه الصفقة التصفوية الإملائية، التي تُبقي الوضع القائم على ما هو عليه، والذي يعني دولة واحدة بنظامين، أي تشريع الأبرتهايد (نظام الفصل العنصري) والاستيطان بمعايير أميركية، من خلال حكم ذاتي أبدي".

وتابع عريقات "وفي تاريخ 3 يناير الحالي، أعلن الرئيس ترامب أنه قام بإسقاط ملف القدس من طاولة المفاوضات. وإذا ما استمر رفض الجانب الفلسطيني للعودة للمفاوضات بالشروط والإملاءات الأميركية، فإنه سوف يقوم بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، تحديداً ما تقدمه أميركا من مساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وهذا يعتبر مقدمة لإسقاط ملف اللاجئين من طاولة المفاوضات وإنهاء تفويض وعمل أونروا".
أما بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، فقد أكد عريقات في تقريره السياسي على أن "حكومة بنيامين نتنياهو متمسكة باستراتيجيتها القائمة على وجود سلطة فلسطينية لكن دون سُلطة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي دون كلفة، والإبقاء على قطاع غزة خارج إطار الفضاء الفلسطيني".

وأكد عريقات أنه "سوف نشهد مستقبلاً بدء طرح مشاريع اقتصادية لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه في قطاع غزة، مع إمكانية إضافة ميناء عائم. لذلك تُحارب الحكومة الإسرائيلية أي جهد لإنهاء الانقسام وتحقيق المُصالحة، وتحارب بشدة جميع الخطوات التي يقوم بها الرئيس محمود عباس لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية".

المساهمون