احتجاجات العراق: أحزابٌ تتكتم عن حرق مقارها..وهراوات وعنف لتفريق المتظاهرين

17 يوليو 2018
المئات من العراقيين تظاهروا منذ ساعات الصباح الأولى(Getty)
+ الخط -
تواصلت الاحتجاجات الشعبية في محافظة البصرة، جنوبي العراق، في أسبوعها الثاني، فيما استخدمت الأجهزة الأمنية العراقية القوة لتفريق المتظاهرين.


في هذه الأثناء، برز تكتم أحزاب ومليشيات عراقية عن حرق المتظاهرين لمقارها، فيما خرج حزبا نوري المالكي وهادي العامري كأبرز المتضررين جراء ذلك.

استمرار التظاهرات وعنفٌ لتفريقها

وقال مصدر محلي إن المئات من العراقيين تظاهروا منذ الساعات الأولى لصباح اليوم، عند مدخل حقل الزبير النفطي بمحافظة البصرة، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المتظاهرين رفعوا شعارات دعوا فيها إلى الاستجابة لمطالبهم المتعلقة بالخدمات والتعيينات.

وأشار المصدر إلى قيام القوات العراقية بتفريق التظاهرة من خلال إطلاق النار في الهواء، واستخدام العصي والهراوات وخراطيم المياه، لافتا إلى حدوث اشتباكات مباشرة بالأيدي بين عناصر الأمن وبعض المحتجين.

إلى ذلك، قال مدير بلدة السيبة، جنوب البصرة، أحمد الربيعي، إن الأوضاع في البلدة بدت أهدأ، صباح اليوم الثلاثاء، بعد موافقة المتظاهرين على فتح الطرق التي أغلقت في وقت سابق، مؤكدا في تصريح صحافي، أن مدير شركة نفط البصرة وافق على مطالب المحتجين التي تضمنت تشغيل العاطلين من العمل، فضلا عن مطالب أخرى تمت الموافقة عليها بشكل مبدئي.

وفي السياق، قال عضو تنسيقيات تظاهرات البصرة أحمد الميالي، إن الاحتجاجات لن تتوقف حتى تحقيق جميع المطالب التي خرج المتظاهرون للمطالبة بها، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الهدوء النسبي في بعض المناطق لا يعني أن الاحتجاج انتهى، بل هذا الأمر يمثل منح فرصة أخيرة للسلطات للاستجابة للمطالب.

وأضاف "خرجنا وتظاهرنا وقدمنا تضحيات للحصول على حقوقنا المشروعة التي كفلها لنا الدستور، ولا يمكن للممارسات القمعية للقوات العراقية والحشد الشعبي أن تخيفنا"، مؤكدا أن الرصاص الحي تسبب في مقتل وإصابة عشرات المتظاهرين، فضلا عن الاعتقالات التي طاولت ناشطين بالتظاهرات.

وتابع "كان الأولى بالحكومة أن تستمع لأصوات المحتجين وتستجيب لمطالبهم بدل قمعهم ومطاردتهم"، منتقدا قيام السلطات بحجب مواقع التواصل الاجتماعي، في مؤشر على وجود نية لقمع التظاهرات.

وأكد ناشطون قيام وزارة الاتصالات العراقية بحجب مواقع التواصل الاجتماعي للحيلولة دون وصول مقاطع الفيديو التي توثق حالات اعتداء على المتظاهرين إلى العراقيين.


وانطلقت في الثامن من الشهر الحالي تظاهرات واسعة في محافظة البصرة الغنية بالنفط احتجاجا على تردي الخدمات، وغياب فرص العمل، وازدياد أعداد العاطلين من العمل، قبل أن تتمدد التظاهرات إلى محافظات جنوبية أخرى، قابلتها القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" بإطلاق الرصاص الحي واستخدام القوة لإنهاء مظاهر الاحتجاج.


حرق مقار الأحزاب
 
إلى ذلك، كشفت التظاهرات الشعبية الغاضبة التي اجتاحت مدن العراق، عن مدى استياء الشعب من أحزاب السلطة التي لجأت إلى حرق مقار بعض الأحزاب، في وقت تحاول الأحزاب التكتم على ذلك. وكشفت مصادر أنّ حزبي نوري المالكي وهادي العامري هي الأكثر تضرراً من التظاهرات.

وفي هذا السياق، كشف مسؤول عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، أنّ "المتظاهرين الغاضبين في محافظات الجنوب أقدموا خلال الأيام الماضية على حرق 17 مقراً للأحزاب، وثمانية مكاتب ومقرات للمليشيات المنتشرة في محافظاتهم"، مبيناً أنّ "حالة الغضب الشعبي وجهت نحو تلك الأحزاب، ولم توجه إلى دوائر الدولة، وقد كتب المتظاهرون على تلك المقار، عبارات (سرّاق أموال الشعب) و(حرامية)، وغيرها من العبارات التي تصف تلك الأحزاب بالفساد".

وأوضح المصدر أنّ "تلك المقار لا تعد مقار حكومية، وإن كانت قد افتتحت بموافقات حكومية، لكنّ الاعتداء عليها لا يمثل اعتداء على ممتلكات الدولة كما يسميه البعض"، مبيناً أنّ "أكثر المقار المتضررة على يد المتظاهرين هي التابعة لائتلاف المالكي، ولمليشيا بدر بزعامة هادي العامري، حيث أحرق العشرات منها".

وأكد أنّ "تلك الأحزاب تحاول التكتم على حرق مقارها، وتحاول منع تصويرها، كما رفضت إقامة دعاوى قضائية ضدّ المتظاهرين، حتى لا يعرف حجم استياء الشعب منهم".

ويؤكد ناشطون بارزون في التظاهرات، أنّ حرق مقار تلك الأحزاب هو دليل على رفض الشعب لها، وعدم القبول بها.

وفي هذا الإطار، قال ناصر اللامي، وهو أحد الناشطين في التظاهرات بمحافظة ذي قار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشعب مستاء جداً من أحزاب السلطة، التي سرقت أمواله وتتحدث باسمه، ونهبت خيرات هذا البلد"، مضيفاً أن "المتظاهرين لم يستطيعوا تحمل هذه الحالة المزرية، من تسلط تلك الأحزاب على رقابهم، فتوجهوا نحو مقارهم وأحرقوها". وأكد أنّ "المتظاهرين رفضوا عودة تلك المقار الى محافظاتهم، وكتبوا ذلك ضمن الطلبات الرئيسة لهم".

وقال: "لن نقبل بوجود مكاتب السرّاق والمجرمين في محافظاتنا، عليهم أن يغادروها إلى البلدان التي دعمتهم، فالشعب يرفضهم ويرفض بقاءهم".

وتحاول الأحزاب المتضررة من التظاهرات، أن تخرجها عن أهدافها الحقيقية، وتلصق بها التهم للتكتم على استياء الشعب منها.

وقال القيادي في ائتلاف المالكي، سعد المطلبي، في تصريح صحافي، إنّ "حرق المتظاهرين لمقار بعض الأحزاب دون أخرى، دليل على أنّ التظاهرات هي تصفية حسابات من قبل كتل سياسية، ضد أحزاب معينة، ومهاجمتها واتهامها بالعمالة إلى إيران"، مؤكدا أنّ "المندسين أفقدوا التظاهرات قيمتها، من خلال تلك التصرفات".

وأشار إلى أنّ "هناك جهات داخلية عملت على حرف التظاهرات عن أهدافها الحقيقية".

وحاولت الأحزاب السياسية والمليشيات، التي أحرق المتظاهرون مقارها، ركوب موجة التظاهرات الشعبية التي اجتاحت أغلب المحافظة العراقية وتبني مطالبها، على الرغم من أنّ التظاهرة موجهة ضدّها.

 

 

 


 

دلالات