مبادرة برلمان صنعاء تنذر بأزمة جديدة بين الحوثيين وصالح

27 يوليو 2017
أمام مقر البرلمان في صنعاء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
فجّرت المبادرة السياسية التي أعلنها مجلس النواب اليمني المحسوب على الانقلابيين في صنعاء، أخيراً، أزمة بين حزب "المؤتمر"، بقيادة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، صاحب الأغلبية في المجلس، وبين جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بعد أن تضمنت مقترحات مثيرة للجدل بخصوص الموانئ والمنافذ البحرية والبرية والجوية في البلاد. وذلك في وقت تحدثت فيه مصادر يمنية عن احتمال عقد لقاء مرتقب بين برلمانيين يمنيين مؤيدين للحكومة الشرعية، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

في هذا السياق، أفادت مصادر سياسية في صنعاء "العربي الجديد"، بأن "المبادرة التي أعلنها مجلس النواب، يوم السبت الماضي، أثارت حفيظة الحوثيين، حلفاء حزب صالح، في ظل حالة من عدم الثقة بين الطرفين. عزّزتها الرسائل التي حملتها المبادرة، والتي نظر إليها الحوثيون، أو تيار داخل الجماعة، باعتبارها تتضمن تنازلات غير مقبولة. وذهب البعض منهم إلى ربطها برسائل بين صالح وبين التحالف الذي تقوده أبوظبي والرياض، على الرغم من أنباء تفيد أن قيادات حوثية رفيعة وافقت على المبادرة قبل إعلانها".

وكان البرلمان الذي يمتلك حزب صالح، الأغلبية من أعضائه ويمر بأزمة حادة بسبب استقطاب الشرعية عشرات من أعضائه، أعلن يوم السبت الماضي، مبادرة بخصوص "الأوضاع الراهنة في اليمن"، وتضمنت عدة بنود، بما فيها "دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن، ودعوة مجلس الأمن لإلغاء قراراته التي اتخذت الفترة الماضية (تتضمن عقوبات ضد صالح والحوثي وقيادات أخرى)، وكذلك دعوة الأطراف المعنية إلى حوار بناء وشامل من دون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام".

ومن أبرز ما تضمنته المبادرة وأثار ردود فعل واسعة "دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية من دون استثناء، لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية". وهي الدعوة التي أتت كرد ضمني على مقترحات المبعوث الأممي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، بخصوص ميناء الحديدة المرفأ التجاري الأول في البلاد، وهو المنفذ الوحيد الواقع تحت سيطرة الحوثيين.



وفي السياق، اعتبر محللون أن "دعوة البرلمان، جاءت لتضع خياراً ثالثاً أمام مقترحات الأمم المتحدة ورفض الحوثيين وحزب صالح المبدئي لهذه المقترحات، إذ إنها تطلب من الأمم المتحدة وضع خطة لجميع الموانئ والمنافذ جواً وبحراً وبراً، بما يشمل ميناء الحديدة. ولكنه أيضاً يتطلب أن يكون ذلك ضمن آلية لجميع الموانئ بما فيها الواقعة تحت سيطرة قوات الشرعية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات، في محاولة التنصل مع رفض المبادرة الأممية الخاصة بالحديدة، إلى مطالبتها بتعميم مقترحاتها في أنحاء البلاد".

من جانبهم، نظر الحوثيون أو قيادات في الجماعة والمحسوبين عليها، بأن المبادرة تحقق لما يسمونه "العدوان"، أكثر مما يريد، فبعد أن كانت المطالب تقتضي إشراف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة، جاء البرلمان ليطالبها بالإشراف على جميع المنافذ. ورأوا أن "هذا الموقف مخالف لما أعلنه المجلس السياسي الأعلى"، واجهة سلطة الجماعة والحزب، برفض مبادرة الحديدة.

بدوره، شنّ أمين عام حزب الحق، القريب من الحوثيين، وهو وزير الشباب والرياضة بحكومة الانقلابيين، حسن زيد، هجوماً عنيفاً على المبادرة البرلمانية، معتبراً أن "الحوثيين كانوا يرون بنور الله، عندما منعوا البرلمان من الانعقاد (إشارة لقرار حله في فبراير/شباط 2015)".



وذكر زيد على موقع "فيسبوك"، أن "المبادرة ليست مجرد انبطاح وإنما إنهاء لوجود الدولة اليمنية وتحويل اليمن إلى أجزاء كل جزء محكوم كما في فلسطين المحتلة واقل صلاحية"، مضيفاً أن "الحديدة مستقلة عن المركز وخاضعة للإشراف والرقابة الدولية، وكذلك تعز ومأرب، والجنوب تحت الاحتلال بموافقة البرلمان". ولاحقاً استدعى البرلمان زيد للمساءلة حول هذه التصريحات.

ولمّح القيادي البارز في حزب المؤتمر، النائب ياسر العواضي، إلى أن "دوافع الاعتراض على المبادرة مرتبطة بأزمة مع البرلمان وليس المبادرة ذاتها". وذكر في تغريدة على موقع "تويتر" أنه "بالنسبة لبعض السياسيين، لا جميعهم، مشكلتهم مع البرلمان، لا مع ما يصدر منه، وبعضهم مشكلته مع مصدر شرعية البرلمان أساساً". وأضاف "لبعض الآخرين المعترضين أو المعارضين لما صدر عن مجلس النواب فلهم أن يرفضوه، وقد يكونون محل احترام إذا رفضوا القبول بما هو أقل منه".

الجدير بالذكر أن الحوثيين كانوا قد اتخذوا قراراً في عام 2015 بحل البرلمان مع مؤسسات الدولة الأخرى، إلا أن حزب صالح الذي يتمتع بأغلبية داخل المجلس، تمكن من استعادته باتفاق مع الجماعة في يوليو/تموز 2016. ورأى بعض المهتمين أن "المجلس ورقة لحزب صالح، وليس محل رضى لدى قيادات للحوثيين، على الرغم من محاولة الطرفين منح شرعية لـ"المجلس السياسي"، عبر اتفاق إعادة البرلمان.

في سياق متصل، واصلت الحكومة الشرعية والتحالف تحضيرات مكثفة تسعى من خلالها لاستقطاب عدد كافٍ من الأعضاء لعقد جلسة برلمانية في عدن، فكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "العشرات من أعضاء البرلمان يتواجدون في السعودية وسط أنباء عن لقاء مرتقب من المقرر أن يجمعهم بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في إطار جهود عقد تنشيط الجانب البرلماني للشرعية".

وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أعلن منذ أشهر نقل مقر البرلمان من صنعاء إلى عدن، في محاولة للالتفاف على القيود التي تقف أمام رئيس الجمهورية بحله. وتسعى الشرعية لعقد جلسة في عدن، يحضرها الموالون لها وأعضاء جرى استقطابهم في الفترة الأخيرة. وتشير مصادر الشرعية، إلى أنها "تجري ترتيبات لعقد جلسة برلمانية منتصف أغسطس/آب المقبل".