كشفت مصادر دبلوماسية مصرية رفيعة المستوى، عن دورٍ أدته الإدارة المصرية لمنع التجاوب مع مطلب إثيوبي بالحصول على أسلحة نوعية من فرنسا، من بينها مقاتلات "رافال". وبحسب المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن وزارة الخارجية رفعت تقريراً في أغسطس/آب الماضي بشأن مطلب إثيوبيا من فرنسا عبْر خطاب أرسله رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (في يوليو/تموز الماضي)، يطلب فيه تزويد بلاده بأسلحة متطورة تقترب قيمتها من أربعة مليارات دولار، على أن يتم تسديد قيمتها في وقت لاحق غير محدد. وأضافت المصادر أن تواصلاً رسمياً على أعلى مستوى، تمّ بين القيادتين في البلدين، لوقف تزويد باريس لأديس أبابا بتلك الأسلحة، مبررة مطلبها بأنه سيزيد الأوضاع في الشرق الأوسط تأزماً، وملمحةً إلى مستقبل تعاقدات متفق عليها بين البلدين (مصر وفرنسا)، في وقت تفي فيه مصر بالتزاماتها المالية مباشرة، في حين أن الجانب الإثيوبي لن يسدد في الوقت الراهن.
وأوضحت المصادر أن قائمة الأسلحة التي طلبتها إثيوبيا من الرئيس الفرنسي، تتعلق بشكل مباشر بأزمة سد النهضة، بما سيزيد من تعقيد المعادلة، ويصعّب التوصل إلى حل سياسي للقضية. كما كشفت المصادر أن القاهرة ضغطت مستعينة بتحالفاتها الخليجية، وتحديداً دولة الإمارات، لتعطيل إتمام الاتفاق مع إثيوبيا، ملوحة بتأخير صفقات السلاح التي تشتريها من فرنسا، والتي يتولى الطرف الإماراتي تمويلها بنسبة كبيرة.
وأوضحت المصادر أن إثيوبيا بدأت سباق تسلح بشكل كبير منذ تولي آبي أحمد رئاسة الحكومة، على وقْع أزمة سد النهضة مع مصر، لافتة إلى أن أديس أبابا حصلت على كميات كبيرة من الصواريخ بعيدة المدى من إسرائيل، عدا عن منظومة دفاع جوي صاروخية، بدون تسديد قيمتها حتى الآن، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن روسيا عرضت التعاون مع أديس أبابا في الشأن العسكري. وشملت قائمة الأسلحة التي طلبتها أديس أبابا من باريس 18 مروحية هليكوبتر، وطائرتين للنقل العسكري، وأنظمة تشويش إلكترونية، ونحو 30 صاروخاً باليستياً من طراز "إم 51" يصل مداها إلى 6 آلاف كيلومتر وقادرة على حمل رؤوس نووية، و12 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" و"ميراج 2000"، و10 طائرات من دون طيار التي تصنعها شركة "داسو" الفرنسية.
وكشفت وسائل إعلام فرنسية أخيراً عن مضمون الرسالة التي توجه بها آبي أحمد إلى فرنسا. وقالت مجلة "لو بوان" إنها حصلت على الرسالة، التي نشرتها على موقعها، والتي اعتبرت أنها تتضمن "لائحة طويلة من الأسلحة". وفي رسالته، طلب رئيس الوزراء الإثيوبي من ماكرون الدعم لـ"تقوية القوة الجوية الإثيوبية". وذكرت "لو بوان" أن باريس ترفض التدخل، رسمياً، بملف سد النهضة، ناقلة عن مكتب الإعلام في الإليزيه رده حول الطلب الإثيوبي بأن "الاتفاق (اتفاق دفاعي) الذي تمّ التوصل إليه في مارس/آذار الماضي (خلال زيارة ماكرون لأديس أبابا) يفتح الباب أمام تعاون في مجالي البحرية وسلاح الجو"، لكنه أضاف أن "فرنسا لم تصل بعد (مع إثيوبيا) إلى هذا المستوى من النقاش".
يذكر أنه في ما يتعلق بملف سد النهضة، فإن وزير الري السوداني ياسر عباس، قال الأحد الماضي، إن مداولات الاجتماع بين السودان ومصر وإثيوبيا، التي جرت في أديس أبابا، يومي الجمعة والسبت الماضيين، وحضرها ممثلون عن الولايات المتحدة والبنك الدولي، أحرزت تقدماً في القضايا الخلافية التي يجري التفاوض حولها بشأن سد النهضة الإثيوبي.
وأوضح المسؤول السوداني أن الدول الثلاث توافقت على الملء الأول لبحيرة سد النهضة، في فترة زمنية تصل إلى سبع سنوات، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام عربية. وبحسب الوزير عباس، فإن التفاوض شمل موضوعات التشغيل الدائم لسد النهضة، وتأثيراته على منظومة السدود في كل من السودان وفي مصر، وأرجئ بحث القضايا الخلافية غير المتوافق عليها لشهري ديسمبر/كانون الأول 2019، ويناير/كانون الثاني المقبل.