وفضلت العديد من الأحزاب السياسية في المعارضة والأغلبية الحكومية الاكتفاء بمراقبة تداعيات حملة المقاطعة، وشكاوى المغاربة من غلاء الأسعار، وآثار هذه الحملة على تماسك مكونات الحكومة، باستثناء حزبين سارعا إلى التفاعل بشكل أو بآخر مع ما يجري.
وفيما لم تعلق الكثير من الأحزاب على الحملة الشعبية العارمة التي شنها المواطنون ضد منتجات استهلاكية بعينها، فإن حزب "التقدم والاشتراكية" المشارك في الحكومة، دعا إلى الإنصات لصوت المقاطعين، كما أن فيدرالية اليسار المعارض طالبت بتدابير تحمي المواطنين من جشع بعض الشركات.
وأما حزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة، فقد وجد نفسه بين نارين، الأولى أن بعض وزرائه يمثلون القطاعات المعنية بالمقاطعة، وهو ما دفع بهم إلى الخروج بتصريحات تدافع عن تلك الشركات الكبرى، والثانية خروج قياديين من الحزب بتصريحات تؤيد المقاطعة وترفض أن يتحول الحزب إلى ناطق باسم هذه الشركات النافذة.
هذا "الوضع المتفرج" للأحزاب المغربية، دفع "المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية" إلى المطالبة بحل هذه الهيئات لكونها لا تمثل المغاربة، منتقدا ما سماه "تواطؤ الأحزاب وسكوتها المخجل عن التهديدات التي يتعرض لها المغاربة من لدن الحكومة"، في إشارة إلى وعيد الحكومة بمتابعة من ينشر أخبارا زائفة عن حملة المقاطعة.
المرصد المذكور طالب أيضا المواطنين بـ"العمل على إعداد وإنتاج لوائح مستقلة ومرشحين مستقلين ولا منتمين في أفق الاستعداد لبلورة برلمان وجماعات تمثل الشعب وتتكلم باسمه عِوَض تلك التي تمثل أصحاب المصالح والمتاجرين بعرق المواطن، طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بحق الترشح والانتخابات".
ويعلق الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، الدكتور محمد نشطاوي، على هذا الموضوع بالقول إن الأحزاب في المغرب "لا تقوم بتأطير المواطن، بل أكثرها مجرد دكاكين موسمية خلال الانتخابات فقط، وكثير منها تبحث عن موطئ قدم في السلطة، ما تسبب في عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية".
وتابع نشطاوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الواقع ظهر جليا عندما لم تجد مطالب المواطن المغربي، الذي انخرط في مقاطعة سلمية وحضارية لمنتوجات معينة تشكل بالنسبة له عنوانا للريع والفساد والاغتناء الفاحش على حساب قوته اليومي وكرامته المعيشية، أي تفاعل من قبل الأحزاب التي يفوق عددها الثلاثين، باستثناء حزبين أو ثلاثة".
وأورد المتحدث أن الآفة التي تنخر الحياة السياسية في المغرب هي أحزاب تركت المجال للفضاء الأزرق (مواقع التواصل الاجتماعي)، "الذي استطاع أن يصبح الحزب رقم واحد في البلاد"، مبرزا أن "هذه الأحزاب لا تعي جيدا خطورة هذا الفاعل الجديد في تشكيل الرأي العام وإيصال أفكاره صوتا وصورة".