"حماس" ودحلان... شبهة اتفاق لا تنفيه الحركة ولا تؤكده

14 يونيو 2017
معلومات عن لقاء جمع دحلان والسنوار(فيسبوك)
+ الخط -
تسربت للإعلام أنباء عن اتفاق بين حركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) في غزة، والقيادي الأمني المفصول من حركة "فتح"، المقيم في دولة الإمارات، محمد دحلان، برعاية مصرية، يتضمن تقديم الثاني للحركة التي تسيطر على القطاع، تسهيلات، منها ما هو مرتبط بمصر ومنها تمويل إماراتي لبعض المشاريع.

في غزة، تلتزم حركة "حماس" رسمياً الصمت بشأن كل الأخبار الواردة عن الاتفاق مع من كانت تتهمه إلى وقت قريب بأنه سبب كل الأزمات التي يعيشها القطاع، فلولا تشكيله للقوى الأمنية المضادة وفرق الموت عقب فوزها بالانتخابات، لما جرى الاقتتال ومن ثم الانقسام المستمر منذ 11 عاماً.

غير أنّ التسريبات التي بدأتها أقلام مقربة من دحلان، تشير إلى اتفاق ينص على تسهيلات لغزة من قبل مصر تخص معبر رفح والحركة التجارية، وتذهب بعيداً للقول باتفاق سياسي بين الطرفين على أن يكون الأمن لـ"حماس" والسياسة الخارجية لدحلان.

وتتضارب المعلومات بشأن إذا ما كان دحلان التقى قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار، الذي خاض المفاوضات في مصر مع تياره. لكن الأكيد أنّ الشارع الفلسطيني بات متخوفاً ومشككاً بالاتفاق، بسبب شخصية دحلان وسوابقه في الشأن الفلسطيني والعربي.

ونقل الكاتب المقرب من دحلان، عدلي صادق، أنّ الأخير أبلغه أنّه قريباً سيبدأ بخطوات إغاثية من أجل تخفيف الحصار عن قطاع غزة المستمر منذ 11 عاماً. وأوضح دحلان، وفق ما كتب صادق على "فيسبوك"، أنه من بين الخطوات الإغاثية، ملف الكهرباء، حيث سيتم نقل الوقود سريعاً لمحطة كهرباء غزة بسعر معتدل، بالإضافة إلى تجديد خطوط النقل المهترئة للكهرباء من مصر بهدف توفير احتياجات غزة التي تبلغ 550 ميغاوات.



كما أشار صادق إلى أن معبر رفح البري سيفتح خلال الشهرين المقبلين، بين الحين والآخر بمواعيد متقاربة، لافتاً إلى أنّ الجانب المصري يقول إن انتظام فتح معبر رفح يومياً، يحتاج إلى شهرين لاستكمال الصيانة، وتأمين خط السفر المباشر والسريع إلى الضفة الغربية من القناة والإجراءات اللازمة.

وسبق أن أكدّ القيادي المقرب من دحلان، سمير المشهراوي، أنه تم الاتفاق في أربع لقاءات مع قيادات "حماس" بالقاهرة على اعتماد وثيقة الأسرى ووثيقة القاهرة للمصالحة الوطنية، موضحاً أن الحديث عن دولة غزة لا أساس له.



وتركت "حماس" لعناصرها ومحلليها الرد على أسئلة العامة بشان الاتفاق، ولم تعلق هي بشكل واضح لا نفياً ولا تأكيداً ولا توضيحاً لما كل ما يثار، ما يضع مزيداً من الأسئلة حول الاتفاق، وربما تكون "حماس" وقعته لكنها تخشى من عدم تطبيقه، أو أن يكون فخاً لها نُصب في غمار الأزمات المشتعلة في المنطقة.

وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، لـ"العربي الجديد"، إنّ كلمة السر في لقاء دحلان وحركة "حماس" هم المسؤولون المصريون، حيث لم تكن هذه اللقاءات ضمن الأجندة الرسمية لزيارة الوفد، وفي الغالب فإن تنفيذ هذه الاتفاقيات سيجري مع النظام المصري.

ورأى المدهون أنّ هناك قراراً عربياً بإعادة دحلان إلى المشهد الفلسطيني السياسي الداخلي، مستغلين بذلك حالة الحصار التي يعاني منها القطاع خلال السنوات الماضية، حتى وإن كان الأمر عبر بوابة حركة "حماس" التي تدير شؤون غزة.

وأكد الكاتب عدم وجود "فيتو" ورفض لدى حركة "حماس" للتعامل مع دحلان رغم أنها ستكون حذرة في أي تعاملات أمنية وسياسية معه، خصوصاً أن الأمر لم يعد مقتصراً على حسابات قديمة، بقدر دوره في بعض الدول، كمصر والانقلاب في تركيا وأخيراً قطر، وعمله في الإمارات كمستشار لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وأوضح المدهون أن اللقاءات التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة تمت بين وفد "حماس" ومقربين من دحلان ولم تكن معه مباشرة، وسارع الأخير إلى نشر الكثير من المعلومات والتفاصيل التي بعضها كان حقيقياً، والآخر جرى تضخيمه عبر بعض الأدوات الإعلامية والمقربين منه.

كما بيّن أن دحلان يريد العودة للمشهد الفلسطيني الداخلي عبر بوابة "حماس"، وهو يسعى لذلك، في الوقت الذي تريد الحركة منه المساهمة في رفع وتخفيف الحصار الخانق الذي يشكل أزمة كبيرة بالنسبة لها بعد دخوله العام الحادي عشر على التوالي.

وعن مدى قبول الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادة السلطة بالتقارب بين "حماس" ودحلان، نبه المدهون من أن الأول يأخذ شرعيته من النظام العربي الرسمي، وإذا كان النظام العربي متبنياً لخيار عودة دحلان سيجد الرئيس الفلسطيني نفسه أضعف الأطراف في المشهد.

وعن أسباب استمرار صمت "حماس" على المعلومات المتداولة، رغم عودة وفدها قبل عدة أيام من مصر إلى غزة، بيّن الكاتب والمحلل السياسي أنّ الحركة تدرس الأمور بشكل دقيق، ولا تريد رفع سقف توقعات المجتمع كون الأمر ليس سهلاً، فهي لا تريد أن تتحدث عن الأمر قبل إنضاجه ودراسته من مختلف الجوانب.

المساهمون