"فايننشال تايمز": الإمارات نقلت أمراء سعوديين بطائرت خاصة ضمن حملة "ريتز كارلتون"

18 فبراير 2018
تحوّل ريتز كارلتون لسجن مذهّب (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -


على الرغم من أنّ فندق ريتز كارلتون في العاصمة السعودية الرياض، أعاد فتح أبوابه، الأسبوع الماضي، إلا أنّ تداعيات "حملة التطهير"، التي قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضد مئات الأمراء ورجال الأعمال في المملكة، لا تزال مستمرة.

وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، اليوم الأحد، أنّه تم نقل ما يصل إلى 20 سعودياً، يعيشون في الإمارات، إلى السعودية، على متن طائرات خاصة، خلال "حملة مكافحة الفساد".

وتحدّثت الصحيفة، في تقرير لها، مع أكثر من عشرة أصدقاء وأشخاص على صلة بمعتقلين في الحملة، التي بدأت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبعد الإفراج عن معظم المشتبه بهم، بدأت تظهر إلى العلن، تفاصيل ما حدث في الفندق، والإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات السعودية، "في عملية مخطط لها بعناية، أملت من خلالها الرياض تحصيل مبلغ صافٍ قدره 100 مليار دولار"، بحسب الصحيفة.

وذكرت الصحيفة، أنّ السلطات، وفي غضون ساعات من بدء الحملة، وفّرت للمصارف ومديري الأصول، قوائم بتجميد الحسابات، بما في ذلك قوائم الأقارب المرتبطة بالمعتقلين.

ونقلت الصحيفة عن أحد المصرفيين، قوله إنّ أقارب معتقلين تمّ إبلاغهم، بأنّه لا يمكنهم سحب أكثر من 100 ألف ريال سعودي (26660 دولاراً) في الأسبوع لتغطية نفقات المعيشة، مشيراً إلى أنّ "ذلك تسبّب بضائقة خاصة لبعض الوقت".

وكشفت الصحيفة، أنّه تمت إزالة الأشياء الحادة أو الثقيلة، من زجاج الحمام إلى منافض السجائر من أجنحة في فندق ريتز كارلتون، لإحباط أي محاولات انتحار، مع تحوّل الفندق إلى "سجن مذهّب" لمئات الأمراء السعوديين ورجال الأعمال.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها، إنّ المعتقلين كانوا يمضون أوقاتهم في الفندق، بمشاهدة التلفزيون، بين جولات الاستجواب، بينما كانت الأبواب التي يحرسها ضباط المخابرات تُترك مفتوحة، لتدمير أي مظهر من مظاهر الخصوصية.

وتفاوت تأثير تلك الإجراءات على المعتقلين، بحسب الصحيفة، إذ يقال إنّ بعضهم "رجال مكسورون"، بالكاد يتحدّثون منذ إطلاق سراحهم، فيما يمزح آخرون مع مهنيئهم، حول نقص وزنهم، بفضل "ديتوكس ريتز"، نسبة إلى نظام الحمية "ديتوكس" المعروفة بقدرتها على تنظيف الجسم من السموم.

وقال صديق أحد المعتقلين، لـ"فايننشال تايمز"، "إذا كنت محترماً، فإنّهم يكونون معك على ما يرام، ولكن رجال المخابرات هؤلاء بالتأكيد يعطونك انطباعاً بأنك سوف تتلّقى ركلات إذا أبديت لهم أي حماقة".

وبدأت حملة الاعتقالات مع توقيف ملياردير متقدّم في السن، بحسب الصحيفة التي لم تكشف عن هويته، مشيرة إلى أنّ طائرته الخاصة، آنذاك، هبطت في مطار جدة، حيث كان من المفترض أن تتلقاه لجنة ترحيبية في الممر، إلى لقاء مع الأمير محمد بن سلمان، لكن بدلاً من ذلك، أخذته مرافقة مسلحة إلى جناح في فندق "ريتز".

ووفق الصحيفة، فقد تمكّن العديد من المعتقلين، من التواصل مع العائلة والأصدقاء عبر الهاتف، فيما اختفى آخرون في منتصف الليل، وأقاربهم غير قادرين على التأكد من أنّهم بخير لعدة أيام. وقال قريب أحد المعتقلين، الذي كان أفراد أسرته يكافحون في البداية لتأمين علاج لحالة قلبه، للصحيفة، "لقد كان أمراً فظيعاً، ولم يكن هناك أي أحد يمكن لنا أن نتوجّه إليه".


مذكرات سرية

بدأت السلطات السعودية، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، التفاوض مع المعتقلين بشأن التسوية لإطلاق سراحهم، والتي تقوم على أن يدفع هؤلاء ثمن حريتهم، عبر تسليم أصولهم المالية إلى الدولة.

وفي هذا الإطار كشفت "فايننشال تايمز"، أنّ عدداً من المصارف تلقّت مذكرات سرية، تطلب مبالغ نقدية لتحويلها إلى حسابات وزارة المالية السعودية.

وقالت مصارف سويسرية للصحيفة، إنّ وفوداً سعودية طلبت الولوج إلى حسابات لديها، إلا أنّ طلبات الوفود جوبهت بالرفض، مع طلب المصارف منها تقديم أدلة إلى القضاة السويسريين.

وقال محمد الجدعان وزير المالية السعودي، إنّ عدة مليارات من الدولارات تمت استعادتها بالفعل، لكن بلوغ هدف الدولة (100 مليار دولار) سيستغرق وقتاً، حيث يتم احتجاز الأصول وبيعها.

ورغم إبقاء تفاصيل التسويات المالية تحت غلاف من السرية، نقلت الصحيفة، عن أشخاص مقرّبين من الحكومة، قولهم إنّها تشمل تحويلات أصول نقدية وشراكات، وممتلكات إلى الدولة.

وعلى سبيل المثال، وفق الصحيفة، فقد أُبلغت مجموعة "إم بي سي"، أنّ وليد بن إبراهيم الإبراهيم، مؤسس الشركة، الذي كان من بين المعتقلين، سيحافظ على حصته البالغة 40% في المجموعة، بينما سيطرت الحكومة على الباقي. ومع ذلك، مثل حال شركات أخرى، لا تزال التسوية النهائية معه معلقة.


ورغم إطلاق سراح معظم الذين توصلوا إلى تسوية مع السلطات، إلا أنّهم لا يزالون ممنوعين من السفر، بينما "سيُسمح لمن يرغب في التعاون مع الحكومة، بالعودة إلى شركاتهم"، وفق ما قال مراقبون للصحيفة.

وفي نهاية الشهر الماضي، تم نقل 56 من المعتقلين الذين رفضوا التسوية، إلى المحاكمة، بحسب ما تنقل الصحيفة عن النائب العام، أما الآخرون الذين أبلغوا أسرهم بأنّه سيجري الإفراج عنهم قريباً، فما يزالون رهن الاحتجاز في "بيوت الضيافة الحكومية"، حيث يتم وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل تسوياتهم.