هل انتهت العملية الشاملة في سيناء؟

24 يناير 2019
لم تتوقف العمليات ضد الجيش في سيناء(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
للمرة الأولى منذ عام تقريباً، لم يتطرق البيان العسكري 31 الصادر عن القوات المسلحة المصرية، يوم الثلاثاء الماضي، إلى "العملية الشاملة" التي انطلقت في فبراير/ شباط الماضي في سيناء كما جرت العادة في البيانات السابقة كلها، ما قد يشير ضمناً إلى انتهاء العملية العسكرية الشاملة في ظل عدم قدرة الجيش على حسم المعركة لصالحه، مع استمرار هجمات تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش"، بشكل شبه يومي.
ولم يُشر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، العقيد تامر الرفاعي، إلى العملية الشاملة في تعريف الفيديو كما جرت العادة، كما أن فيديو البيان لم يبدأ بشعار العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" كبقية البيانات السابقة البالغ عددها 30 بياناً، وكذلك في صيغة التعليق على المشاهد و"الإنجازات" التي عرضها البيان لم يأتِ الحديث عن العملية الشاملة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ بدء العملية.

كما تضمّن البيان الرقم الأكبر في عدد الخسائر البشرية في صفوف الجيش، بالإعلان عن مقتل ضابط وستة مجندين في هجمات متفرقة وسط وشمال سيناء، إذ تراوحت الأعداد في البيانات السابقة بين مقتل مجند إلى خمس مجندين على الأكثر، ما يشير إلى ارتفاع في عدد الهجمات التي ينفذها التنظيم. وشملت الفترة الواقعة بين البيان الحالي والسابق عدة هجمات، ككمين اللصافة، وسط سيناء، الذي أدى إلى مقتل وإصابة 15 عسكرياً مصرياً، بينهم ضباط، بالإضافة إلى عشرات التفجيرات وعمليات القنص التي استهدفت قوات الجيش على امتداد سيناء طيلة الأسابيع الماضية.

وقال الجيش المصري في بيانه رقم 31، إن "القوات المسلحة استطاعت القضاء على 44 تكفيرياً، بحوزتهم عدد من البنادق مختلفة الأعيرة، والعبوات الناسفة المعدة للتفجير، وحزام ناسف، بنطاق الجيشين الثاني والثالث، فضلاً عن القضاء على 15 تكفيرياً آخرين شديدي الخطورة، من خلال ضربة استباقية لعناصر جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية شمالي ووسط سيناء". وأفاد الجيش بأنه استطاع القبض على 142 فرداً من "العناصر الإجرامية"، والمطلوبين جنائياً و"المشتبه بهم"، وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، بالإضافة إلى ضبط وتدمير والتحفظ على 15 سيارة تستخدمها "العناصر الإرهابية"، و43 دراجة نارية من دون لوحات معدنية خلال أعمال التمشيط والمداهمة، مشيراً إلى تدمير القوات الجوية 56 عربة دفع رباعي تستخدمها العناصر التكفيرية، بواقع 6 عربات على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، و39 عربة على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، و11 عربة على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، إلى جانب تدمير مخبأين للعناصر التكفيرية.

وفي الوضع الميداني، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن تنظيم "ولاية سيناء" لا يزال يواصل هجماته ضد قوات الجيش على امتداد مدن محافظة شمال سيناء، وتركزت في مدينتي رفح والشيخ زويد خلال الأيام الماضية. في حين يواصل الجيش حملات الهدم والتجريف في المناطق السكنية والزراعية، ليأتي على ما تبقى من أطراف لمدينة رفح، وجنوب مدينة الشيخ زويد، مع استكمال إجراءات إقامة الحرم الآمن لمطار العريش. وأشارت المصادر إلى أن التنظيم يعمل في مناطق خالية من السكان داخل مدينة رفح والتي كان آخرها حرق مستشفى رفح في حي الصفا بمركز المدينة، والهجوم المتكرر على موقع الأحراج قرب الحدود مع قطاع غزة.


وأضافت المصادر ذاتها أنه بالإضافة إلى التصدي لحملات الجيش المصري، فإن التنظيم ما زال يشدد القبضة على المجموعات العسكرية التابعة لرجل الأعمال المقرب من الاستخبارات المصرية، إبراهيم العرجاني، التي تنشط جنوب مدينة رفح. فقد شهدت الأيام الماضية اشتباكات متقطعة بين الطرفين، بعد محاولات المجموعات العسكرية الخروج من المناطق التي تسيطر عليها في منطقة البرث، جنوب رفح، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية في صفوف الطرفين، على الرغم من محاولات التهدئة التي تبذلها مجموعات الترابين من خلال عقد صفقة لتبادل الأسرى بين الطرفين قبل أسبوعين تقريباً، إلا أن ذلك لم يغير شيئاً في العداء القائم بينهما.

يشار إلى أن العملية العسكرية الشاملة بدأت في 9 فبراير الماضي أي قبل عام تقريباً، وأدت إلى مقتل مئات المدنيين واعتقال الآلاف، عدا عن خسارة الأمن المصري لعشرات المجندين والضباط، والخسائر المادية الكبيرة في الآليات والمواقع العسكرية، فيما لا يعترف الجيش المصري إلا بجزء يسير منها، مع تأكيد المصادر الطبية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، على ارتفاع ملحوظ في أعداد قتلى الجيش في الأشهر القليلة الماضية، على الرغم من الضربات الجوية والبرية التي نفذها الجيش ضد التنظيم في كافة أماكن وجوده.

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن أحد السيناريوهات التي كانت متوقعة للعملية العسكرية الشاملة يتمثّل في انسحاب صامت من العملية من دون إحداث ضجة قد تؤدي إلى السؤال عن الإنجاز الأكبر للعملية التي بدأت من أجله، والمتمثّل في القضاء على الإرهاب، خصوصاً أن أخبار الهجمات في سيناء لا تتوقف بشكل شبه يومي، ما يشير إلى فشل واضح في العملية العسكرية الشاملة. وأضاف "لم تستطع العملية القضاء على تنظيم ولاية سيناء، أو الحد من هجماته بعد مرور عام كامل تقريباً على بدء العملية، ما يحوّل ما يجري في سيناء إلى معضلة حقيقية في وجه الدولة المصرية وخصوصاً مؤسسة الجيش التي حشدت كل قوتها في سيناء من أجل إنجاح مهمة العملية الشاملة".
وأضاف الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن فشل العملية العسكرية وعدم قدرة الجيش على البوح بانتهاء بالعملية، يستدعي البحث عن حلول أخرى للانتهاء من الإرهاب القائم في سيناء، بالإضافة إلى أنه قد يشير إلى رغبة بعض الأطراف في النظام بعدم انتهاء هذا الملف بصفته شمّاعة يعلّق عليها النظام فشله، بحجة أنه يخوض حرباً واسعة في سيناء ضد الإرهاب، لافتاً إلى أن "هذا الأمر قد ينفعه أمام الجمهور الداخلي والخارجي وهو الأهم بالتأكيد، على الرغم من أن ذلك يمثّل وصمة عار على جبين المؤسسة العسكرية المصرية التي لم تتمكن من القضاء على تنظيم بحجم ولاية سيناء، على الرغم من العدة التي يملكها الجيش، مع عدم استشعار المخاطر الاستراتيجية المبنية على هذه النتيجة السلبية".