حمّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حركة "أنتيفا" المسؤولية عن أعمال الشغب المرافقة للاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة. واندلعت الاحتجاجات منذ قرابة الأسبوع بعذ مقتل جورج فلويد.
وندد المحتجون بعنف الشرطة الأميركية تجاه أصحاب البشرة السوداء والأقليات عموماً، لكن ترامب استجاب للاحتجاجات بتصنيف "أنتيفا" المشاركة بالاحتجاجات كمنظمة إرهابية ووصف أعمالها بأنها "إرهاب محلي".
وحركة "أنتيفا" هي حركة يسارية مناهضة للفاشية واسمها مركب من كلمتين معناهما "ضد الفاشية". ويشير الخبراء إلى أن التسمية ظهرت تاريخيا في ألمانيا وإيطاليا واستعملتها حركات يسارية في أربعينيات القرن الماضي عارضت كلاً من الحكم الفاشي الإيطالي والنازي الألماني. وظهرت التسمية في الولايات المتحدة لأول مرة في عام 2007 تحت اسم "أنتيفا روز سيتي" بمدينة بورتلاند بولاية أوريغن.
لكن تيارات الفكر المعادي للفاشية كانت موجودة قبل ذلك بكثير في الولايات المتحدة وإن لم تطلق على نفسها تسمية "أنتيفا"، والحركة في الولايات المتحدة غير مسجلة كحزب كما أنها غير ممثلة بمجموعة معينة ولا يوجد لها قيادة واحدة أو مركزية. وقد يلجأ المنتمون إلى فكرها وتياراتها للعنف إذا دعت الحاجة ضد مجموعات عنصرية لفض اجتماعاتها كما حدث مثلا عام 2012 في أحد مطاعم ميشيغن عندما فضوا بالقوة، عن طريق استخدام الهراوات والمطارق، اجتماعا لإحدى المجموعات العنصرية التي تؤمن بتفوق القوميين البيض.
وكثفت الحركة عملها بشكل أكبر بعد صعود ترامب إلى سدة الحكم وانتخابه عام 2016، وقام منتسبوها بالتصدي لعدد من الفعاليات والمسيرات التي نظمها اليمين المتطرف بما فيها مسيرات تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا في عام 2017.
حيث نظم آلاف القوميين البيض في بلدة تشارلوتسفيل احتجاجات حينها تحت شعار توحيد اليمين وسيادة البيض، وتصدت مجموعات من "أنتيفا" للمجموعات اليمينية. وهاجم أحد اليمينيين المتظاهرين اليساريين بمن فيهم منتمو "أنتيفا" بسيارته ودهسهم مما أدى إلى مقتل سيدة وجرح 19 آخرين.
ويشير الخبراء إلى أن المنتمين إلى "أنتيفا" غالبا ما يصفون أنفسهم علي أنهم اشتراكيون، أو فوضويون، أو شيوعيون أو معادون للنظام الرأسمالي، ويوحدهم في الغالب عدد من الأمور من بينها معاداتهم للحركات الفاشية واليمين واليمين المتطرف، كما يعملون في أكثر من مجال فبعض المجموعات في الولايات المتحدة تركز على مساندة السكان الأصليين وبعضها يركز على قضايا البيئة أو قضايا معاداة العنصرية، وقد يدعم أعضاؤها تيارات محلية ويتحالفون معها.
واللافت أن قوة الحركة هي مصدر ضعف في ذات الوقت. فمن ناحية لا يوجد لها "رؤوس" كي يتم القبض عليها وحبسها وتفكيكها. حيث يعمل المنتمون إلى فكرها بشكل مستقل على مستوى محلي. ولكن من ناحية أخرى يمكن انتحال اسمها أو ممارسة أعمال عدائية باسمها.
كما يحاول آخرون معادون للحركة وفكرها انتحال اسمها والتحريض على العنف ونشر الفوضى باسمها. على سبيل المثال أعلن "تويتر"، الاثنين، عن وقف حساب يحمل اسم "أنتيفا" بعدما تبين أنه مزور وينتحل اسم الحركة. وحرض الحساب على العنف وتبين بعد تحقيقات لمسؤولين في شركة "تويتر" أن الحساب مزور وتم تأسيسه من قبل مجموعة يمينية متطرفة معروفة، من المجموعات التي تؤمن بتفوق "البيض".
ومن المثير أنه وقبل أن يوقف موقع تويتر الحساب كان ابن الرئيس الأميركي، أريك ترامب، وله أكثر من 2.8 مليون متابع قد ذكر الحساب كمثال على خطورة "أنتيفا".
ومن اللافت في الحملة التي شنها الرئيس ترامب وأعضاء في الحزب الجمهوري بمن فيهم وزير العدل، وليام بار، أنها لا تقدم أي دليل على تلك الاتهامات ومسؤولية "أنتيفا" عن أعمال العنف التي تجري، مما قد ينبئ باستغلال الوضع من قبل الساسة الأميركيين لتبرير عنف الشرطة المستمر ضد المتظاهرين الذين يحتجون في أغلبيتهم الساحقة بشكل سلمي.