محاولة فاشلة لتلطيف هزيمة حفتر

05 يونيو 2020
ترهونة آخر معاقل حفتر محاصرة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
خسر الجنرال خليفة حفتر رهاناته بالسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس. الضربات الموجعة المتتالية على أيدي قوات حكومة الوفاق، منذ أسابيع، تُوجت بتأمين الحدود الإدارية للعاصمة. حتى أنّ آخر معاقله في ترهونة محاصرة. وهو ما عجز معسكره عن إنكاره، مقرّاً بالهزيمة، لكن محاولاً تلطيفها باستخدام تعبير "إعادة التمركز".

في العلم العسكري، لهذا المصطلح أهداف عسكرية تتعلق أولاً بالحفاظ على معنويات المقاتلين وإبقاء العدو قلقاً ومتأهباً لهجوم عكسي وشيك. لكن في السياسة، وبناء على تطورات الميدان، الأمر واضح: هزيمة موصوفة لن تفلح معها عمليات التجميل والتحايل.
لم يكن تقدم الوفاق ممكناً لولا الدعم التركي المباشر، وهو ما لا يمكن إنكاره. والتحالف بين طرابلس وأنقرة يدخل مراحل جديدة يومياً. وما لقاء فائز السراج ورجب طيب أردوغان اليوم سوى محطة إضافية في تمتين التحالف. لكن تقدم الوفاق أيضاً لم يكن متاحاً لولا عبثية الجنرال والتفكك الذي يعاني منه معسكره، حتى بات المرتزقة يشكلون عماد مليشياته.
ظنّ حفتر أنه قادر متى ما أراد على أن يعلن انقلاباً جديداً. لم يستطع قراءة التحولات السياسية والعسكرية في طرابلس أو داخل معسكره. ابتداءً من اليوم، سيكون عليه اعتياد إعادة حساباته وعدّ الخسائر. حتى فترة قريبة مضت، لم يكن الحديث عن استبداله من قبل داعميه في معسكر الشرق أو حلفائه الإقليميين قائماً. لكن اليوم يتم التداول بهذا الاحتمال علناً. انتقل حفتر من كونه يلهو بإعلان الانقلابات وإعداد مسرحيات سيئة الإخراج، على غرار إعلان "قبول تفويض الشعب له بحكم ليبيا"، إلى من يبحث عن دور له في المرحلة المقبلة، ما يجعله يحاول تلطيف هزائمه العسكرية. لكنه تحول إلى عبء حتى على داعميه، ولذلك فإن خياراته تضيق؛ فإما التنازل والسير في تسوية سياسية وإما الإبعاد التدريجي وإحلال شخصية أقل عبثية مكانه. أما الإتيان بأي خطوة تصعيدية جديدة، وهو احتمال لا يمكن استبعاده بناء على تاريخ حفتر، فالأرجح أن تكون خطيئة قاضية على فرصه بالاحتفاظ له بموقع في المشهد الليبي مستقبلاً.

المساهمون