الصمت الرسمي يقمع غضب قضاة مصر من تعديلات الدستور

07 فبراير 2019
دار القضاء العالي في القاهرة (فيسبوك)
+ الخط -

استمر الصمت الرسمي في الهيئات القضائية المصرية على مقترحات التعديلات الدستورية التي تكرس إهدار ما تبقى من استقلال القضاة، وتجعل رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي هو المتحكم منفرداً في اختيار جميع رؤساء الهيئات القضائية، وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا، وكذلك أعضاء المحكمة الدستورية الجدد وهيئة مفوضيها، وتجريد مجلس الدولة من صلاحياته الإلزامية في مراجعة مشروعات القوانين والإفتاء ومراجعة العقود.

وأصدر نادي القضاة بياناً نفى فيه المسؤولية عن منشور نسبته إليه بعض المجموعات المغلقة الخاصة بالقضاة على مواقع التواصل، وتسرب منها للرأي العام، يصف التعديلات بأنها "تهدر ضمانات استقلال القضاء" وتدعو لاجتماع بنادي القضاة يوم الجمعة، 15 فبراير/ شباط الجاري، لدراسة الأمر، وتطالب بأخذ آراء مجلس القضاء الأعلى وباقي الهيئات القضائية في تلك التعديلات.

ورغم أن النادي نفى رسمياً علاقته بذلك المنشور، إلّا أن مصدراً في محكمة النقض أكد لـ"العربي الجديد"، صحته، وأن رئيس النادي المستشار محمد عبدالمحسن، وهو نائب لرئيس محكمة النقض أيضاً، كان قد تداول هذه الرسالة مع عدد محدود من زملائه بغية البحث في مدى ملاءمة الصمت أو الحراك إزاء تلك التعديلات، لكن الرسالة تم تسريبها لصفحات سياسية غير قضائية، فتسببت بغضب عارم بوزارة العدل، وتم التواصل مع مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مجدي أبوالعلا، الذي اتصل بدوره بنادي القضاة، وطلب إصدار بيان لتكذيب الأمر.

وكانت الرسالة التي تم تكذيبها تركز على عدم إمكانية القبول بتحصين التعديلات الدستورية المرتقبة لقوانين معيبة دستورياً، والمقصود بذلك قانون تنظيم تعيين رؤساء الهيئات القضائية، بالنص على أن يكون السيسي هو المختص باختيار رئيس الهيئة من بين 5 مرشحين يرفع أسماءهم المجلس الأعلى للهيئة، وهو نص مشابه لنص القانون الذي أصدره في إبريل/نيسان 2017 والمطعون عليه حالياً أمام المحكمة الدستورية العليا، والذي استبعد بسببه المستشاران يحيى دكروري وأنس عمارة من رئاسة مجلس الدولة ومحكمة النقض على الترتيب، بسبب تقارير أمنية اعتبرتهما من معارضي النظام، وخاصة أن تطبيق التعديل الدستوري سيؤدي إلى انعدام جدوى الطعون المرفوعة حالياً أمام "الدستورية" على هذا القانون.

أما في مجلس الدولة، فرغم عدم اتخاذ أي تحركات علنية أو رسمية بشأن عقد جمعية عمومية طارئة للاعتراض على تجريده من صلاحياته، فقد تداول القضاة منشوراً للمستشار سمير البهي، رئيس نادي قضاة المجلس، قال فيه: "مقترح تعديل الدستور بشأن السلطة القضائية: إمعان في هدم استقلال القضاء، وإفراط في النيل منه، مشفوع بمستتر العداوة، يمازجه حرص على الاجتياح". وفسرت مصادر قضائية عدم إصدار النادي بياناً رسمياً برفض التعديلات واكتفاء رئيس النادي بكتابة منشور بهذا الشأن، بأن رئيس المجلس المعين من قبل السيسي أحمد أبوالعزم حذر جميع القضاة سابقاً بالإحالة إلى التفتيش والتأديب وربما الفصل من القضاء حال التصدي لأي إجراء سياسي أو تشريعي، رغبة منه في عدم الدخول في مواجهة مع النظام.


وسبق أن كشفت مصادر قضائية بالهيئة الوطنية للانتخابات، لـ"العربي الجديد"، عن ظهور دعوات على المجموعات الخاصة بقضاة مجلس الدولة لمقاطعة الإشراف القضائي على الاستفتاء والانتخابات القادمة بكل أشكالها. ووصف مطلقو تلك الدعوات التعديلات بأنها "تخريب للمجلس وتفريط في دوره الكبير الذي اكتسبه في الدساتير، واعتبروا أن رغبة السيسي في تحجيم دور مجلس الدولة يرجع لعدة أسباب؛ أبرزها إصداره أحكام مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وتعطيله عدداً من مشروعات الحكومة لإصدار قوانين مشوبة بعدم الدستورية أو سيئة السمعة، وتدخل المجلس في التعاقدات التي تبرمها الجهات الحكومية مع بعضها ومع الغير بموجب الدستور والقانون كضمانة للتنافسية والالتزام بمشروعية العقود وحمايتها من البطلان لاحقاً.