وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية العليا إياس الساموك، في بيان، اليوم الإثنين، إنّ المحكمة الاتحادية العليا "عقدت جلستها برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور القضاة الأعضاء كافة، وأصدرت الحكم بعدم دستورية المحاصصة".
وجاء في البيان أنّ "المحكمة الاتحادية العليا تجد أنّ قيام القوائم والكتل السياسية بالمطالبة بمناصب وكلاء الوزارات ورئاسة الهيئات والدرجات الخاصة في أجهزة الدولة وفق استحقاقها، لا سند له من الدستور، لأنّ هذه العناوين ما هي إلا عناوين وظيفية حدد الدستور في المادة (61/خامساً) منه الجهات التي تتولى ترشيح من تراهم لإشغالها وفق الاختصاص والكفاءة، وهذه الجهات ورد ذكرها حصراً في المادة (61/خامساً) من الدستور التي مرّ ذكرها، وليس من بينها (القوائم والكتل السياسية)، وإنّ السير في خلاف ما نص الدستور عليه قد خلق ما يدعى بـ(المحاصصة السياسية) في توزيع المناصب التي ورد ذكرها وما نجم عن ذلك من سلبيات أثرت في مسارات الدولة وفي غير الصالح العام".
وتابع البيان أنّه "إضافة إلى مخالفتها لمبدأ المساواة بين العراقيين الذي نصت عليه المادة (14) من الدستور، والتي ألزمت بالمساواة بين العراقيين أمام القانون دون تمييز، بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو ألاجتماعي".
ولفت إلى أنّ "قرار الحكم صدر بالاتفاق باتاً وملزماً للسلطات كافة استناداً لأحكام المادة (94) من الدستور والمادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005، وتلي قرار الحكم علناً في الجلسة المنعقدة بتاريخ 28/10/2019".
القرار اعتبره مراقبون ضمن حزم قرارات ومساعٍ حكومية لامتصاص نقمة الشارع، وأيضاً لتسهيل مهمة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، من أجل حسم ملف الدرجات الخاصة الذي قارب على أزمته نحو عام كامل، بسبب الخلافات بين الكتل السياسية.
غير أنّ القرار لقي، في الوقت عينه، انتقادات واسعة بسبب عدم تطرّق المحكمة للمناصب العليا وشرعية خضوعها للمحاصصة مثل الرئاسات الثلاث، حيث تحدث البيان عن المناصب بدرجات أقل كوزير ووكيل وزير ومدير عام ورئيس هيئة وما قارب منها.
وفي هذا الصدد، أوضح الخبير القانوني العراقي أمير الدعمي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أنّ "بيان المحكمة الاتحادية ألغى المحاصصة بالمطالبة للكتل السياسية والأحزاب بالمناصب والدرجات الخاصة. غير أنّ المحكمة الاتحادية لم تتطرق إلى الرئاسات الثلاث".
ورأى الدعمي أنّ "المفارقة بهذا القرار أنّ المحكمة الاتحادية ذهبت إلى عدم شرعية المطالبة بالمحاصصة السياسية بالدرجات الخاصة، التي تخص المدراء العامين ووكلاء الوزارات والمناصب الأخرى، ولم تذهب إلى إنهاء المحاصصة برئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان، وبالتالي، هذا القرار لا يشمل تلك الرئاسات". ولفت إلى أنّه "لا يوجد عرف دستوري أن تكون رئاسة الوزراء (للمكون الشيعي) والبرلمان (للمكون السني) والجمهورية (للقومية الكردية)".
واعتبر أنّ "بيان المحكمة الاتحادية هو محاولة لإرضاء الشارع من جهة، وإرضاء الكتل النافذة من جهة أخرى، على اعتبار أنّها تمس المناصب السيادية".
وبيّن الخبير القانوني العراقي أنّ "هذا القرار يعتبر ملزماً للحكومة، ومجلس النواب، والكتل السياسية، لكن ما سيحدث في الخفاء لا يعرف به الناس، ومن الممكن أن تتم المحاصصة وتقاسم المناصب دون التطرق إلى الإعلان عن ذلك".
وخلص إلى أنّه "من الناحية الدستورية قرار المحكمة الاتحادية هو ملزم وفق المادة 94 من الدستور، التي تعتبر قرار المحكمة الاتحادية باتاً وملزماً وغير قابل للطعن، لكن هذا القرار على الأغلب لا تلتزم به القوى السياسية من تحت الطاولة".
في المقابل، قال عضو التيار "الصدري" محمد الدراجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرار موجّه لمغازلة الشارع بالدرجة الأولى، وهذا اعتراف بأنّ مطالب المتظاهرين ليست فقط خبزا وماء وكهرباء كما يحاول البعض إيهام العالم، بل هي مطالب من أجل بناء وطن ودولة ناجحة لا فاشلة مثقلة بالمشاكل".
ورأى أنّ "القرار يعتبر إيجابياً وخطوة مهمة"، مستدركاً بالقول "لكن نجد أنّ الشارع لن يقتنع بمثل هذه القرارات والإصلاحات المطلوبة أكثر بكثير".