اتهامات بتنفيذ أجندات خارجية تلاحق القوى السياسية العراقية

26 يناير 2019
يقول التيار الصدري إنّ قراره عراقي (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
تلاحق الأحزاب والقوى السياسية العراقية المتصارعة في ما بينها اتهامات عدة من بينها وجود ارتباطات خارجية لها تقدّمها على مصالح العراق.
وفي السياق، قال وزير سابق في حكومة حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "غالبية الأحزاب التي حكمت البلاد خلال السنوات الماضية، لم تنحز للعراق إطلاقا، فقد كانت قريبة من محورها (الخارجي) أكثر مما كانت قريبة من الشعب العراقي، وعليها الاعتذار للشعب"؟. وأوضح أنّ "الأحزاب في العراق بحاجة إلى فكر وقرار، لأنّ القيادات السياسية بأسمائها المعروفة والمشهورة، لا تمتلك خطاباً سياسياً حتى على مستوى المشاكل البسيطة التي يعاني منها العراق، مثل البطالة والأمية، التي لا تحتاج إلى قرارات لها علاقة بأن يكون الحزب الحاكم مع إيران أو مع أميركا". وتابع الوزير "هم دائماً يبحثون عن مكاسبهم، ويتحدثون عما تحصل عليه الكيانات السياسية الأخرى في الاستحقاقات العراقية".
وفي مثال على ذلك، أشار الوزير إلى أنّ "التقارب الأخير بين تحالف البناء الذي يتزعمه هادي العامري، وبين قوى سياسية سنية، حدث لأنّ طهران أوعزت لقادة الشيعة بإشراك السنة معهم في التحالف، مع العلم أنّ السنة لم يكونوا موافقين ولا الشيعة على ذلك، ولكنّهم رضخوا للقرارات الخارجية"، واصفاً ما حدث بـ"الكارثة". ولفت الوزير إلى أنه "من الصعب تبديل هؤلاء الساسة، لأنّ لهم أجنحة مسلحة وعصابات تقتل من يعاديهم، لكن يمكن للشعب العراقي أن يتابعهم ويضغط عليهم، لكي ينجزوا أعمالهم بطريقة أفضل من السابق".
من جهته، اعتبر عضو تيار "الحكمة" (جزء من تحالف الإصلاح)، حبيب الطرفي، أنّ "القول إنّ الأحزاب العراقية مقسومة بين محوري إيران وأميركا، تهمة مرفوضة، ولكنّ هذا لا يمنع أن شخصيات سياسية مدعومة من الخارج تسعى لإشاعة هذا الأمر، وهو أمر معيب جداً". وأكد الطرفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "تيّار الحكمة (بزعامة عمار الحكيم) ليس مع إيران ولا مع أميركا، لأنّه مع العراق. ولعل ما حصل في الانتخابات الماضية باحتواء الأكراد والسنة ضمن القوائم الشيعية، هو خير دليل على تهشّم جدار الطائفية، مما أشعر الساسة بأنّه لا يوجد ظهير للعراقيين غير العراق". وأوضح أنّ "هناك من الساسة من هم أصحاب أجندات ومدعومون مالياً من دول خارجية، ظهروا في الإعلام وأعلنوا الولاء لهذه الدول، وهؤلاء أثّروا على الطبقة السياسية في البلاد برمتها، وهم حالة شاذة لا يمكن الاعتماد عليها، ولكن حتى هذه الحالات بدأت تفتضح، ومَن عمل بناءً على هذه الطريقة بدأت تحترق أوراقه".


ويحاول قادة في أحزاب السلطة التقليل من شأن الارتباطات الخارجية، معتبرين أنّ الحديث عنها يندرج ضمن حملات التسقيط السياسي بين الكتل السياسية. وفي السياق، قال النائب السابق عن "التحالف الوطني"، محمد اللكاش، إنّ "الأحزاب العراقية لا توالي دولاً خارجية، والتأثيرات بالقرار العراقي تتمثّل بجزئيات بسيطة"، معتبراً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الاتهامات المتبادلة بين الكتل السياسية بشأن موالاتها للخارج، هي إعلامية والغرض منها هو التسقيط السياسي". وأشار اللكاش إلى أنّ "زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، سعى كثيراً من أجل نيل ولاية ثالثة عام 2014، وقد حصل على تأييد قوي من إيران وبعض الدول الأخرى، ولكن في النهاية طُبق التوجه العراقي، وهو ما نُفّذ وتمّ العمل به، عبر اختيار حيدر العبادي بدلاً منه"، موضحاً أنّ "ذلك يؤكد ضعف التأثير الخارجي بالقرار العراقي".
في المقابل، يرى مراقبون أنّ الأحزاب العراقية استطاعت أن تغيّر في انتماءاتها وارتباطاتها تجاه الدول الخارجية، وذلك حسب ما اقتضته مصالحها. وفي هذا الشأن، قال الباحث والمؤرخ العراقي، غالب الشابندر، إنّ "العارف بتاريخ العراق، يدرك تماماً أنّه تاريخياً كان محكوماً من قبل السنّة، ولكن مع الأسف، الوجود السني في البلاد اليوم متناثر وموزّع على دول الجوار، ويعاني من تشظٍ مأزوم، بسبب الولاءات للخارج". وأكد الشابندر في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الأمر ينطبق على الشيعة أيضاً، والدليل على ذلك، أنه حين انشق عمار الحكيم عن المجلس الأعلى الإسلامي (أحد أهم التشكيلات السياسية الدينية الشيعية في العراق)، كان له موقف سلبي من إيران، وأثار ذلك أيضاً غضب بعض القيادات الإيرانية".
وتابع أنّه "حتى بعض القوى التي تظهر على أنّها غير منتمية لأي محور، هي في الحقيقة لها علاقات خاصة واتصالات مع قوى سياسية إقليمية ودولية"، لافتاً إلى أنّ "من خسر في مصالحه مع إيران مثلاً، انتقل للخليج، وقد حدث هذا الأمر مع تيار الحكمة، وبعض الأطراف السنية التي أفلست من علاقاتها بالخليج العربي، فلجأت أخيراً إلى إيران". وأشار الشابندر إلى أنّ "تحالف سائرون الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدري، بدأ يشير منذ سنوات قليلة إلى أنّه عراقي ولا ينتمي إلى أي محور، ولكن هذا لا يعني عدم وجود اتصالات مع دول خليجية أو إيران، لكن المعروف عن الصدر أنّه عنيد، ومن الصعب أن يظفر به محور من هذه المحاور الخارجية".

المساهمون