الإنكار المُنكر

10 مارس 2017
دعا بيلين إلى حل السلطة الفلسطينية واستقالة قيادتها(مصطفى يلسين/الأناضول)
+ الخط -


بكل صراحة، وبتحرر كامل من عُقد النقص، أو أمراض الإنكار، يدعو مهندس "اتفاق أوسلو"، وأحد أبرز اليساريين الإسرائيليين، يوسي بيلين، إلى ضرورة حل السلطة الفلسطينية، واستقالة قيادتها، وإعادة المفاتيح لإسرائيل، والتخلص من الوضع القائم الذي وصفه بالأفضل لليمين الإسرائيلي. ويقول بيلين إن "الذي يتمسك باتفاق أوسلو هو اليمين الإسرائيلي من بنيامين نتنياهو وصولاً إلى نفتالي بينت لأن الوضع هو الأكثر أريحية لهم، لأن العالم يمول الاحتلال الإسرائيلي في ظل وجود سلطة فلسطينية، وميزانية دولية، وتنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية يحفظ أمن إسرائيل، وبالتالي أفضل من ذلك لن يكون".
لا شك أن يوسي بيلين، الذي شارك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من الطرف الفلسطيني، في هندسة اتفاق أوسلو، قد وصل من دون أي أوهام، وبوعي كامل، إلى أن أوسلو وأخواتها قد وصلت إلى طريق مسدود، لكنه لم يرَ من الصورة إلا نصفها الذي يخص المُستفيد الإسرائيلي من استمرار الوضع الحالي، ألا وهو بنيامين نتنياهو ومعه اليمين، كما يقول بيلين.
لكن ماذا عن النصف الآخر من الصورة أو الطرف الثاني في المعادلة؟ ماذا عن الطرف الفلسطيني، (السلطة وحزب السلطة) الذي يبدو، وعلى الرغم من تهديداته الممجوجة، وتصريحاته العنترية، هو الآخر مستفيداً من استمرار الوضع الحالي. وإلا فما معنى تمسك عباس باتفاق أوسلو، الذي لم يعطِ الفلسطينيين إلا "سلطة بلا سلطة"، على حد تعبير أبو مازن، وما معنى إصرار السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية على التمسك "بالتنسيق الأمني"، بل ووصفه بـ"المقدس".
لا شيء يفسر إصرار "سلطة المقاطعة" على عدم حل نفسها، وعدم "تسليم المفاتيح لإسرائيل"، مع الإشارة إلى أن حقوق الملكية الفكرية في هذا التعبير تعود لأبي مازن، وليس ليوسي بيلين، إلا أن الطبقة السياسية والاقتصادية والإعلامية التي نمت وترعرعت على ضفاف أوسلو، هي أيضاً، مستفيدة من استمرار الوضع الحالي، تماماً مثل اليمين الإسرائيلي.
وإن كان تمسك قيادات السلطة بـ"أوسلو"، رغم اعتراف أكثرهم بموت هذه الاتفاقيات، مُستنكر، فإن إنكارهم لفشل مشروع أوسلو، وتمسكهم بـ"سلطة" لا تتجاوز صلاحياتها مهام الحارس لأمن إسرائيل، هو المُنكر بعينه.
لن يُسلم أبو مازن المفاتيح، لأنه ببساطة، لا يحمل أي مفاتيح، وكأن مهندس أوسلو، يوسي بيلين، غَفل أن إسرائيل لم تعطِ عباس إلا "وكالة بلا باب، ولا بواب".