السيسي نحو تعديلات في المحاكم أقرب إلى الأحكام العرفية

01 يوليو 2015
عائلة بركات أثناء تشييعه أمس (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
ظهر حجم الخسارة التي تعرض لها نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي باغتيال النائب العام هشام بركات، في نبرة صوت وطريقة حديث السيسي أمس الثلاثاء، خلال الجنازة، حيث بدا عصبياً وغاضباً يلوح يميناً ويساراً في مواجهة القضاة، موجهاً لهم انتقادات عنيفة على ما وصفه بـ"بطء إجراءات التقاضي وعدم الفصل سريعاً في قضايا الإرهاب".

اقرأ أيضاً: الإخوان يستنكرون محاولة وصمهم بالإرهاب بعد اغتيال بركات 

تصريحات السيسي أخذت أيضاً بعداً غير منطقي وغريب على شخصيته المعروفة بالمحافظة في الحديث، إذ لمح باقتضاب إلى مقطع فيديو ظهر فيه الرئيس المعزول محمد مرسي في قفص الاتهام بعد اغتيال النائب العام، وهو يشير إلى أحد محدثيه، فإذ بالسيسي يشير إلى ذلك التلويح ليفسره بأنه إشارة للذبح، فقال السيسي متهكماً: "هم يعطون الأوامر من داخل الأقفاص ونحن سنطبق القانون عليهم". يعكس هذا الحديث توتراً ربما لم يصب السيسي بهذه الدرجة من قبل، فهو كان يجهز لاحتفالات واسعة بمناسبة الذكرى الثانية لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، ويعد في الوقت ذاته لزيارة لندن قريباً قبل افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس، قبل أن تحصل جريمة الاغتيال وتربك المشهد المصري بالكامل.

لكن السيسي لا يستطيع تغيير وزير الداخلية الجديد اللواء مجدي عبد الغفار الذي عينه أخيراً بتوصية خاصة من مستشاره الأمني أحمد جمال الدين، الذي يسعى هو الآخر للانقضاض على منصب رئيس الوزراء بدلاً من رئيس الحكومة الحالي إبراهيم محلب المتهم من دوائر السيسي بالضعف وعدم الفاعلية.
سبب عدم استطاعة السيسي تغيير وزير الداخلية هو عدم جاهزية الكوادر الكبرى في الوزارة لتولي هذه الحقيبة في الوقت الراهن، فالأداء الأمني الضعيف لكبار القيادات وفقاً لرؤية جمال الدين وتركيزهم على مصالح خاصة وعدم امتلاكهم رؤية أمنية، دفعه للإلحاح على السيسي لاستدعاء عبدالغفار من تقاعده ليتولى هذا المنصب الحساس.

كما أن السيسي لا يريد الظهور كرئيس يغير تشكيلته الوزارية بشكل متواصل، مما قد ينعكس سلباً على إرادة وقدرة الوزراء للعمل وتنفيذ مخططاته، مما يفتح الباب أمام تنفيذ سيناريوهات بديلة تتوقعها مصادر حكومية خلال الساعات المقبلة، على رأسها الإطاحة بعدد من قيادات الصف الثاني بوزارة الداخلية أبرزهم مساعدا الوزير لمديريتي أمن القاهرة والجيزة. وعلى الجانب القضائي، فالسيسي الذي دعا القضاة أكثر من مرة لسرعة الفصل في القضايا، لا يحتاج إلى مزيد من الجهد لخلق خصومة تاريخية بين القضاة والإخوان والإسلاميين عموماً، فالقضاة حالياً باتوا في أشد حالات التربص بالمتهمين فيما يسمى بقضايا الإرهاب، وهم متحفزون لتنفيذ أي قوانين جديدة من شأنها سرعة الفصل في القضايا حتى إذا كانت على حساب ضمانات التقاضي المنصوص عليها في الدساتير المصرية المتعاقبة.

ووفقاً للمصادر، فإن وزارة العدل التي يتولاها أحد الفاعلين الرئيسيين في نظام السيسي، وهو أحمد الزند، اقترحت رسمياً أن تصبح محكمة النقض محكمة موضوع من شأنها البت نهائياً في الطعون المقامة أمامها ضد أحكام الجنايات، وذلك من المرة الأولى، من دون إحالتها مرة أخرى إلى محكمة الجنايات، وهو ما يعني إلغاء درجتي تقاضٍ بالمخالفة لما تأسس عليه النظام القضائي المصري.

كما اقترحت الوزارة أيضاً، على عكس ما أوصى به مجلس الدولة سلفاً، أن يكون سماع الشهود في القضايا غير ملزم للقضاة في المحاكمات الجنائية، وهو ما يخالف بوضوح بعض مواد الدستور، مما دفع الحكومة من قبل إلى صرف النظر عن هذا المقترح. جميع الطرق إذن تؤدي إلى مزيد من التضييق والاستثناءات في التقاضي واستخدام سياسة أمنية أكثر تشدداً تجاه المعارضين تصديقاً لحديث السيسي أمس عن "إيد الدولة اللي ماتعرفوش هي عاملة ازاي" وهو ما يقلل من فرص إجراء اﻻنتخابات البرلمانية هذا العام.

وتتبقى مرحلة واحدة فقط تفصل المشهد المصري الحالي عن انتكاسة تاريخية تعيده إلى ماض قمعي بامتياز، هي إعلان حالة الطوارئ التي لوح بها بقوله "حتى الآن الدولة ماخدتش إجراءات استثنائية" لكن الشواهد تؤكد أن السيسي لن يقدم عليها رغم دراستها فعلياً قبل رحلة لندن المرتقبة واحتفالية قناة السويس لأسباب تتعلق فقط بصورة نظامه في الخارج.

اقرأ أيضاًاغتيال هشام بركات يهزّ مصر...فرضيات قتل "نائب عام العسكر" 
المساهمون