ورداً على الحصار المفروض من قوات التحالف العربي، هدد الحوثيون، بـ"ضرب مطارات وموانئ السعودية والإمارات، رداً على قرار التحالف بقيادة الرياض بإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية لليمن". وذكر الحوثيون في بيان نشرته وكالة الأنباء "سبأ"، التابعة لهم، بأن "إعلان إغلاق كافة الموانئ هو أقصى درجات النزال بالحرب". وأضافوا بأن "إرادتنا لن تنكسر، وكل المطارات والموانئ والمنافذ والمناطق ذات الأهمية بالنسبة لهم، ستكون هدفاً مباشراً للسلاح اليمني المناسب".
بدورها، حثت الأمم المتحدة التحالف، بقيادة السعودية، على "إنهاء منع وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن الذي يعمق معاناة نحو سبعة ملايين إنسان، يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة". وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ينس لارك للصحافيين في جنيف، أمس، إنه "إذا لم يتم الإبقاء على هذه القنوات، على شرايين الحياة هذه، مفتوحة فإن الأمر سيكون كارثياً على الناس الذين يواجهون ما أطلقنا عليه بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم". وأضاف أنه "ينبغي استئناف إدخال الوقود والطعام والأدوية إلى البلد"، مضيفاً أن "مشكلة إيصال المساعدات هذه ذات أبعاد هائلة". وأضاف لارك أن "أسعار الوقود ارتفعت 60 في المائة، وأسعار غاز الطبخ تضاعفت مرتين مباشرة بعد الإغلاق"، متابعاً أن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يجري محادثات مع التحالف لإعادة إدخال المساعدات في أسرع وقت".
وفي حصيلة جديدة، أفادت الأمم المتحدة أن "النزاع خلّف 5295 قتيلاً مدنياً و8873 جريحاً منذ التدخل السعودي، لكن هذه الأرقام تمثل الأعداد التي تثبت منها موظفو الأمم المتحدة، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية"، الذي حذّر بأن "العدد الحقيقي أعلى من ذلك على الأرجح". وبحسب منظمة الصحة العالمية، خلّف النزاع أكثر من 8650 قتيلاً وأكثر من 58 ألف جريح منذ عام 2015، وتسبّب بانهيار النظام الصحي، وتوقف مئات المدارس عن استقبال الطلاب، وانتشار مرض الكوليرا، وأزمة غذائية كبرى. والشهر الماضي أدرجت الأمم المتحدة التحالف على قائمتها السوداء بسبب مقتل 683 طفلاً خلال النزاع في سنة 2016 وبسبب شنّه 38 هجوما مثبتا على مدارس ومستشفيات.
ميدانياً، أطلقت مقاتلة سعودية 3 صواريخ ضربت مبنى وملحقات سفارة الرياض في ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، مساء الإثنين الماضي، في تطور في سياق مرحلة جديدة للحرب في اليمن، عنوانها الكبير "تصعيد سعودي يردّ على إيران المتهمة بتهريب الصواريخ إلى الحوثيين". وفي إشارة توحي بأن السعوديين لن يعودوا دبلوماسياً إلى اليمن، قريباً. وذهبت تعليقات متابعين إلى أن قصف السفارة، مؤشر على مزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة.
وخلال الـ48 ساعة الماضية، بدأت تداعيات الحصار الناتج عن إغلاق كافة منافذ البلاد، على أكثر من صعيد، وأفادت مصادر محلية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، عن "ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وإغلاق العديد من محطات الوقود، بعد إقبال شديد من المواطنين المتخوفين من أزمة طويلة الأمد، يخشى معها من ارتفاع الأسعار وانعدام بعض السلع الأساسية، في بلد يعتمد على الواردات، بما فيها الغذائية والوقود، الأمر الذي لا يقتصر على صنعاء، بل امتد إلى العديد من محافظات البلاد".
وغرباً، بدت محافظة الحديدة، أحد أبرز محاور التصعيد، إذ ظهرت فيها قيادات بارزة للحوثيين، بمن فيها رئيس ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، صالح الصماد (المطلوب رقم 2 في القائمة السعودية)، الذي تواجد في الحديدة، وحضر تخرج دفعة من مسلحي الجماعة من "القوات البحرية". وجرى الإعلان من قبل الحوثيين عن منظومة صاروخية بحرية قالوا إنها محلية الصنع وتحمل مسمى "المندب" (إشارة إلى مضيق باب المندب، الموقع الاستراتيجي الأهم في البلاد).
على الجانب الآخر، كان المؤشر الأخطر، بالنسبة لميناء الحديدة، هو رسالة تلقتها السفن الإغاثية المتواجدة في الميناء، من الأمم المتحدة، تطلب منها المغادرة الفورية، الأمر الذي اعتُبر مؤشراً قوياً على أن الميناء بات هدفاً لتصعيد التحالف، الأمر الذي تتعزز مؤشراته، بكونه المرفأ الوحيد الواقع تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم، في ظل اتهامات التحالف المباشرة لإيران بتهريب الصواريخ للحوثيين عبر الميناء والمنافذ اليمنية المختلفة، لاستهداف السعودية.
والحديدة اليمنية الساحلية المطلة على البحر الأحمر، من أبرز المحافظات التي وضعها التحالف على رأس أهدافه في أشهر سابقة، قبل أن يتراجع الحديث عن عملية عسكرية باستهدافها، إلى مطالبة الحوثيين بتسليمها إلى الأمم المتحدة، ومع الموجة الجديدة من التصعيد من قبل التحالف، تعود الحديدة على رأس سيناريوهات التصعيد في المرحلة المقبلة.
وإلى جانب الحديدة والتصعيد غرباً على طول الساحل المطل على البحر الأحمر، والذي لا يزال تحت سيطرة الجماعة وحلفائها، تأتي صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم الموالين لعلي عبدالله صالح، كأحد أبرز محاور أي تصعيد عسكري مقبل. وهو الأمر الذي كان قد بدأ فعلاً، منذ نحو أسبوع، مع تكثيف القوات اليمنية الموالية للحكومة الشرعية والمدعومة من التحالف، محاولات تحقيق تقدم في مديرية نِهم شرق صنعاء، لتحقيق اختراق نحو العاصمة، بعد أن كانت وتيرة المواجهات في الجبهة ذاتها، قد دخلت بمرحلة جمود في الأشهر الماضية.
وركّز التحالف على استهداف قيادات الحوثيين، وهو ما بدا واضحاً من خلال إعلان قائمة تضم أسماء 40 قيادياً للحوثيين مطلوبين للسعودية، وتقديم مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات تقود إليهم، وهو ما قد يكون أثراً بارزاً في تحديد ملامح التصعيد في المرحلة المقبلة.