"هآرتس": التصعيد الإسرائيلي لمنع اتفاق أميركي إيراني

28 اغسطس 2019
نتنياهو قلق من التقارب بين واشنطن وطهران (Getty)
+ الخط -
حذّرت صحيفة "هارتس" الإسرائيلية من أن توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتصعيد ضد إيران و"حزب الله" في كل من سورية والعراق ولبنان مرتبط بسعيه الهادف إلى إحباط الجهود التي تبذل حالياً لعقد لقاء قمة يجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الإيراني حسن روحاني، بهدف بحث فرص التوصل لاتفاق نووي جديد.

وأشارت الصحيفة العبرية في افتتاحيتها، اليوم الأربعاء، إلى أن التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد إيران و"حزب الله" يعيد للأذهان عمليات التفجير والتخريب التي نفذتها إسرائيل في مصر في خمسينيات القرن الماضي بهدف إحباط فرص التقارب بين الدول الغربية والرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر.

وشددت الصحيفة على أن نتنياهو المصمم على إحباط فرص جسر الهوة بين الموقفين الأميركي والإيراني بشأن الاتفاق النووي، لم يتردد في التصعيد ضد إيران و"حزب الله" حتى بثمن المخاطرة باندلاع مواجهة مع الأخير.


وأشارت إلى أن نتنياهو يبدي قلقاً من المساعي التي يبذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتقريب وجهات النظر بين القيادة الإيرانية وإدارة ترامب، ومحاولته جسر الهوة بين موقفي طهران وواشنطن من الاتفاق النووي.

وذكرت أن نتنياهو يشعر بقلق كبير إزاء ما يمكن أن تسفر عنه الجهود الدبلوماسية التي تبذل حالياً للتوصل لاتفاق نووي جديد، خشية ألا يلبي هذا الاتفاق الشروط التي ترى تل أبيب أنها تستجيب لخارطة مصالحها الاستراتيجية.

وشددت الصحيفة على أن ما يسوغ شعور نتنياهو بالقلق حقيقة أنه وضع على رأس أولويات سياسة إسرائيل الخارجية العمل على إضعاف إيران وتكريس عزلتها في الساحة الدولية، إلى جانب فرض العقوبات الاقتصادية ومحاولة ابتزازها بإطلاق التهديدات العسكرية.

ولفتت إلى أن نتنياهو يلمس مؤشرات التحول على موقف ترامب من العلاقة مع إيران، لا سيما في أعقاب تأكيد الأخير حرصه على التوصل لاتفاق مع طهران، مشيرة إلى أن ما يفاقم الأمور سوءاً بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي حقيقة أنها تتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية التي يتنافس فيها من موقف ضعف.

وأشارت إلى أنه في حال حدث ما تخشاه تل أبيب، وعقد لقاء بين ترامب وروحاني، فإن هذا سيمثل إحراجاً كبيراً لنتنياهو وسيظهره أمام العالم على أنه زعيم ضعيف، إلى جانب أن هذا اللقاء سيمثل ضربة قوية للعمود الفقري للحملة الانتخابية لحزب "الليكود" الذي يقوده، حيث يحاجج الحزب بأن نتنياهو نجح في توظيف علاقته بترامب في تحقيق المصالح الإسرائيلية بشكل لم ينجزه أي زعيم إسرائيلي سبقه.

ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو يخشى أن يساهم أي لقاء بين روحاني وترامب في المس بحظوظه الانتخابية.

وفي تقرير آخر نشرته اليوم، وأعده مراسلها العسكري عاموس هارئيل، أشارت "هارتس" إلى أن نتنياهو يعارض بشدة إجراء أي مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران ويفضل مواصلة فرض العقوبات الاقتصادية.

ولفتت إلى أن نتنياهو كان معنياً فقط بأن تساهم العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية في انهيار نظام الحكم الإيراني أو على الأقل أن تعمد طهران للتراجع عن مواقفها وتقبل بالإملاءات الإسرائيلية والأميركية.

وشددت على أن المؤشرات الواضحة التي أبدها ترامب والتي تدلل على عدم حرصه على مواجهة عسكرية مع طهران حتى بعدما قامت بإسقاط طائرة التجسس الأميركية، فاقم الشعور بالإحباط لدى نتنياهو.

وأشار هارئيل إلى أن إسرائيل قلقة من وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى مكان انعقاد مؤتمر قادة الدول السبع في فرنسا، مشيراً إلى أن مصدر القلق يرجع إلى تخوف تل أبيب من إمكانية أن تكون هذه الخطوة مرتبطة بتحول في الموقف الإيراني.

ولفت إلى أن إفصاح ماكرون عن إمكانية عقد لقاء بين ترامب وروحاني في الأسابيع المقبلة فاقم القلق لدى إسرائيل.

وأوضح أن القيادات الإسرائيلية التي التقت ترامب خلال الأعوام الماضية تبدي قلقاً لأنه عبر عن رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام، حيث يعتقدون أن هذه الرغبة قد تدفعه للتوصل لاتفاق مع الإيرانيين لا يلبي مصالح تل أبيب.


وأشار إلى أن ما فاقم الأمور الخطيرة بالنسبة لإسرائيل يتمثل في أن إدارة ترامب حرصت بشكل تظاهري ليس فقط على عدم إسناد الهجمات التي تنفذها إسرائيل في العراق، بل إنها شددت على حق العراق في الدفاع عن نفسه، لافتا إلى أن موظفين كبارا في البنتاغون اتهموا إسرائيل بتهديد المصالح الأميركية في العراق من خلال هذه الهجمات.

وهاجمت "هارتس" نتنياهو مطالبة إياه بالتوقف عن الجهود الهادفة إلى إحباط فرص التوصل لاتفاق جديد بين طهران وواشنطن وعدم العمل على إعاقة التحركات الدبلوماسية المبذولة حالياً لتحقيق هذا الهدف.

وحسب الصحيفة، فإن احتواء التوتر ومنع حدوث مواجهة شاملة تؤثر على الواقع الأمني في إسرائيل يعد مصلحة كبيرة لتل أبيب أكثر من المغامرات التي يقدم عليها نتنياهو بهدف إحباط التحركات الدولية لتقريب وجهات النظر بين ترامب وروحاني.

المساهمون