دعم أميركي محتمل لتركيا وفرنسا وألمانيا تطالبان روسيا بوقف هجوم إدلب

21 فبراير 2020
يواصل الجيش التركي إرسال تعزيزات إلى سورية (Getty)
+ الخط -
طالبت تركيا الولايات المتحدة تزويدها بصواريخ "باتريوت" في ظل استمرار تصعيد النظام السوري وروسيا في إدلب، فيما طالبت فرنسا وألمانيا روسيا بإيقاف الهجوم في إدلب وإيجاد حل سياسي هناك.

قال مسؤول أميركي إن تركيا تقدمت بطلب لبلاده بخصوص بطاريات "باتريوت" الدفاعية، لكن لم يتم اتخاذ قرار بعد في هذا الصدد. جاء ذلك في تصريحات لوكالة الأناضول، مساء الخميس.

وقال المسؤول في تصريحاته "نعرف أننا تلقينا طلبًا (من تركيا) بخصوص بطاريات باتريوت، غير أنه لم يصدر قرار بعد بهذا الشأن".

وبينما لم يحدد المسؤول توقيت توجيه أنقرة هذا الطلب لواشنطن، اكتفى في رده على هذه الجزئية بقوله "حدث ذلك خلال الآونة الأخيرة".

وفي وقت سابق الخميس، تحدث وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عن إمكانية تقديم دعم أميركي محتمل لبلاده، على خلفية التطورات التي تشهدها إدلب شمال غربي سورية مؤخرًا.

ونفى الوزير خلال مقابلة أجرتها معه قناة "سي إن إن تورك" التركية، أن يكون هناك دعم بالجنود على الأرض في إدلب، لافتاً إلى "إمكانية أن تقدم واشنطن دعمًا عبر بطاريات باتريوت".

واستطرد أكار قائلاً "لأن هناك تهديدات صاروخية موجهة نحو تركيا، كما أن أمين عام (حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ لديه تصريحات بهذا الصدد".

ولوّح الوزير إلى أن الناتو قد يكون له خطط وتحركات خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى إمكانية أن تقدم دول أوروبية أخرى بطاريات باتريوت. وأكد أن تركيا واحدة من أقدم الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وتؤدي مهامها ومسؤولياتها دون أي نقصان، موضحاً بالقول: "نحن في الناتو، ونواصل وجودنا فيه".

وفي الأثناء دعا كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إنهاء "فوري" للاشتباكات في محافظة إدلب السورية. جاء ذلك في اتصال هاتفي مشترك، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفن سيبرت، الخميس.

وأضاف سيبرت أن ميركل وماكرون أعربا عن قلقهما البالغ حيال الأوضاع الإنسانية الكارثية في إدلب، ودعيا بوتين إلى إنهاء "فوري" للاشتباكات فيها. وطالبت ميركل وماكرون بضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في المنطقة، بحسب المتحدث.

وبيّن سيبرت أن المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي، أبديا استعدادهما للقاء بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بغية إيجاد حل سياسي في إدلب.

كما بحث أمير قطر تميم بن حمد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، التطورات الإقليمية والدولية. جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه الأمير تميم مع الرئيس التركي اليوم، حسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا).

وذكرت الوكالة أنه تم خلال الاتصال "استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل دعمها وتطويرها". وأضافت أن الاتصال تطرق أيضاً إلى "مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية".

يأتي الاتصال بين الزعيمين في ظل تطورات الأوضاع الإقليمية وعلى رأسها الملفان الليبي والسوري.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريحاته اليوم إن بلاده ليس لديها النية لخوض مواجهة مع روسيا في سورية، مشددًا أن جُلّ ما تسعى إليه أنقرة هو التزام نظام الأسد بوقف إطلاق النار.

وأكد الوزير أن أنقرة بذلت وتواصل بذل كافة الجهود لمنع وقوع مواجهة بين القوات التركية مع روسيا في سورية. وشدد على أن "جُلّ ما نريده هناك (إدلب)، هو التزام النظام بوقف إطلاق النار".

وأوضح أن تركيا لم تغير موقفها حيال الشأن السوري، وأن أنقرة توفي بمسؤولياتها وتتطلع إلى التزام الأطراف الأخرى بمسؤولياتها في هذا الإطار.

وأشار أكار إلى أن حدود منطقة خفض التصعيد (في سورية) واضحة، بموجب مذكرة التفاهم التي تم التوصل إليها في سوتشي، مشدداً على ضرورة التقيد بهذه الحدود.

وأضاف أن الجانب التركي يدعو نظيره الروسي في الاجتماعات الثنائية إلى استخدام نفوذه على النظام لمنعه من انتهاك حدود منطقة خفض التصعيد، وإرغامه على الالتزام بمذكرة تفاهم سوتشي.

وبيّن الوزير أكار أن ملايين الناس في إدلب يواجهون ظروفاً إنسانية صعبة، تحت وطأة البرد الشديد، وأنهم يحاولون التشبث بالحياة في ظروف الطقس القاسية. وأكد أن المستشفيات تُستهدف في إدلب، مضيفاً: "لذا فليس هناك تغيير في موقفنا، فمطالبنا واضحة للغاية". وشدد أكار أن مباحثات بلاده مع الجانب (الروسي) حيال إدلب مستمرة وستستمر.

وأضاف أن النظام يصف قرابة 4 ملايين إنسان في إدلب بالإرهابيين، مبينًا أن ذلك إن دل فإنما يدل على إفلاس النظام. وتابع: "النظام يصف جميع معارضيه بالإرهابيين، ولا يمنحهم حق الحياة، ويقتل الناس براً وجواً بما فيها البراميل المتفجرة دون تفريق، وهذه مجزرة".

وأوضح أن تركيا وقفت إلى جانب المظلومين عبر التاريخ وستواصل الوقوف، مضيفاً: "وجودنا مستمر هناك (في إدلب) بهذا الإطار، ونطالب الالتزام بمذكرة تفاهم سوتشي".

وشدد أكار أن تركيا تطالب نظام الأسد بالانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية في المنطقة، مبيناً أن لتركيا 12 نقطة مراقبة.

وأكد أن تركيا ستلجأ إلى القوة إن اضطرت، لتحقيق وقف إطلاق النار في المنطقة، بموجب المادة الخامسة من تفاهم أستانة حول سورية. وأوضح أن المادة الخامسة تنص على أن "الأطراف ستتخذ تدابير إضافية للحد من التوتر في منطقة خفض التصعيد بإدلب".

وأكمل: "ونحن في هذا السياق سنحقق وقف إطلاق النار عبر إرسال وحداتنا العسكرية إلى هناك واستخدام القوة إن لزم الأمر، (ضد) كل من ينتهك وقف إطلاق النار كائناً من كان". 

وذكر أكار أن الهجمات على إدلب منذ مايو/أيار الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 شخص، وإصابة نحو 5 آلاف آخرين، وتهجير أكثر من مليون من مناطقهم.

وأضاف أن تركيا استقبلت نحو 4 ملايين لاجئ سوري، وأن زيادة التصعيد في إدلب سيؤدي إلى حدوث موجة هجرة جديدة لا يمكن لتركيا مواجهتها.

ولفت أن موجة الهجرة الجديدة ستؤثر أيضاً على أوروبا والولايات المتحدة، مؤكداً أن جهود تركيا بهذا الصدد لا تأتي فقط من مصالحها المشروعة وحسب، وإنما تأتي في صالح السوريين والمنطقة وأوروبا والولايات المتحدة.

وبخصوص احتمالية القيام بعملية عسكرية جديدة بإدلب في حال عدم انسحاب قوات النظام إلى خلف نقاط المراقبة، قال أكار: "لقد أعطى الرئيس (رجب طيب) أردوغان، التعليمات بهذا الخصوص، وبدورنا قمنا بوضع الخطط  A و B و C حول إدلب، وسنبدأ بتطبيق الخطط في المكان والزمان المناسبين".

وتابع: "نعلم أن روسيا تدعم النظام السوري، وليس لدينا أيّ نوايا للدخول في مواجهة مع موسكو، فهدفنا هو النظام المخالف لوقف إطلاق النار". وأشار إلى وجود حوار بنّاء بين القوات التركية والروسية في المنطقة وتبادل للأفكار والمعلومات في كل وقت.

وأشار إلى أن جهود صياغة الدستور متواصلة، وتوقعات تركيا هي إجراء انتخابات بعد انتهاء عملية صياغة الدستور، ليتم تمثيل الجميع في إطار حكومة سورية شرعية، وتأسيس دولة تنعم بالاستقرار وتحترم قيم الديمقراطية.  

ورداً على سؤال حول تصريحات روسية بأن "تركيا لم تفِ بمسؤولياتها في إدلب"، لفت أكار إلى أن بلاده بذلت جهوداً مكثفة في المنطقة بين 15- 20 كيلومتر التي سيتم نزع السلاح منها وفقاً للاتفاقية.

وأضاف أن النظام السوري انتهك هدنة وقف إطلاق النار مرات متكررة، الأمر الذي أجهض الجهود المبذولة في المنطقة، مبينًا أنه لم تتم الاستجابة لطلب تركيا استخدام المجال الجوي في المنطقة بشكل كامل.

وأشار إلى أن هناك مشاكل حدثت بسبب عدم استخدام بلاده المجال الجوي في المنطقة، مبيناً أن المباحثات مستمرة من أجل استخدام تركيا للمجال الجوي هناك.

ورداً على سؤال حول "ماذا سيحدث لو وقعت مواجهة بين تركيا وروسيا؟"، أجاب أكار "ليست لدينا نية أو رغبة لحدوث مواجهة مع روسيا، ولا يوجد شيء من هذا القبيل، بذلنا ولا زلنا نبذل كل ما بوسعنا للحيلولة دون حدوث ذلك".

وأضاف: "إن كل ما في الأمر بالنسبة لنا هو التزام النظام السوري بوقف إطلاق النار هناك، وانتهاء الظلم والأذى الذي يمارسه على سكان المنطقة، وبذلك نمنع التطرف وتدفق موجات النزوح، وهذا ما أكدناه بكل وضوح". ولفت إلى أنهم اتخذوا كافة التدابير من أجل أمن وسلامة الجنود الأتراك في المنطقة.

وبخصوص موعد انسحاب الجيش التركي من إدلب، أشار أكار أن ذلك سيكون بعد أن يتم تنظيم انتخابات ديمقراطية بمشاركة الجميع في سورية، وتشكيل حكومة شرعية.

ولفت إلى أن عدداً كبيراً من الدول تُدرك ما يحدث من مأساة إنسانية في إدلب، وتقدر ما تقوم به تركيا في المنطقة، مؤكداً أهمية أن تقدم تلك الدول دعماً ملموساً بهذا الصدد وأن لا تكتفي بالتصريحات. 

وحول منظومة الدفاع الجوي "إس -400" التي اشترتها تركيا من روسيا، قال أكار إن "عملية تركيبها، وتدريب الكوادر التركية متواصلة، وأنشطتنا تسير وفقاً للخطط المرسومة" مبيناً أن عمليات نصب المنظومة والتدريبات ستكتمل في الربيع المقبل.

وكانت تركيا وروسيا قد توصلتا في سبتمبر/أيلول 2018، إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، تُحظر فيها الأعمال العدائية.

ومنذ ذلك التاريخ، قُتل أكثر من 1800 مدني في هجمات شنها النظام السوري والقوات الروسية، منتهكين بذلك اتفاق وقف إطلاق النار في 2018، واتفاقاً آخر بدأ تنفيذه في 12 يناير/كانون الثاني الماضي.

ونزح أكثر من 1.9 مليون سوري إلى مناطق قريبة من الحدود التركية لتجنب الهجمات المكثفة على مدار العام 2019. 


(العربي الجديد)