أنهى السفير الأميركي روفوس غيفورد ولايته في كوبنهاغن بفتح نار الانتقادات اللاذعة لساسة اليمين في كوبنهاغن، وبدون تردد، ذهب غيفورد في برنامج يبث مساء اليوم الخميس مع المذيع في القناة الثانية للتلفزة الدنماركية DR2، إلى أن الاتجاهات السياسية في الدنمارك والولايات المتحدة تعد متشابهة جداً، وذلك في حديث وداعٍ تقدمه القناة في برنامجها "مع عبدالعزيز" (عبد العزيز محمود مذيع من أصل فلسطيني).
صدمة كبيرة أثارها سفير واشنطن بين الأوساط السياسية والإعلامية في كوبنهاغن حين قال: "بغض النظر عما يفكر به المرء إزاء ما جرى في الولايات المتحدة، فإن الحقيقة هي أن نفس الاتجاهات السياسية موجودة في الدنمارك".
ويحتل حزب "الشعب الدنماركي"، المرتبة الثانية في البرلمان الدنماركي؛ ومن وجوهه البارزة سورن اسبرسن، السياسي الذي يرأس لجنة الأمن والخارجية في المجلس النيابي، سورن اسبرسن صاحب العلاقة الممتازة مع أطراف ثلاثة: إسرائيل وإيران وروسيا؛ بل إن الرجل يفاخر بأنه "صهيوني حتى آخر لحظة".
ماذا قال غيفورد الذي يغادر غداً الجمعة؟
"يتبنى كل من سورن اسبرسن وماريا كاروب (مقررة الشؤون الدفاعية عن ذات الحزب اليميني المتطرف "الشعب الدنماركي") نسخة طبق الأصل لمواقف ترامب"، يقول السفير المودع لكوبنهاغن ويشرح الموقف كالتالي: "إذا ألقينا نظرة على أبرز آراء ترامب والمتعلقة بمنع المسلمين من دخول البلد، فإنك ستجد سورن اسبرسن قد استنسخ ذات الموقف المشابه؛ منع المهاجرين (واللاجئين) المسلمين من دخول الدنمارك لـ6 أعوام، لنعرف ما نحتاج إلى القيام به". وكان اسبرسن بالفعل قد طرح في يوليو/تموز الماضي ذلك الموقف وكرره في أكثر من مناسبة، حتى أسابيع قليلة قبل زيارته إلى طهران التي استقبل فيها استقبالاً حميمياً بكثير من الإطراء، رغم تذمر الصحافة والأحزاب منه.
المثير أيضاً في هذا اللقاء قول السفير الأميركي إن ما يجري في الدنمارك "أكثر إثارة للجدل مما يأتي عليه ترامب"؛ ففي معرض تناوله لموقف مقررة الدفاع في الحزب ماريا كاروب، وهي التي ذهبت في لقاء صحافي مع موقع مجلة "أريسون" للقول: "تسود حالة من الهيستيريا في الغرب تجاه بوتين وروسيا، وبدلاً من ذلك يجب أن نرى بوتين حليفاً مستقبلياً"، وتعد هذه التصريحات أكثر إثارة للجدل مما تثيره في أميركا تصريحات ترامب.
ويرى غيفورد في سياسة هذا الحزب المتشدد "تذهب أبعد مما يطرح في واشنطن. إذا ما نظرنا لتصريحات ترامب حول العلاقة مع روسيا وبوتين فهو كلام لإصلاحها، بينما ماريا كاروب تذهب أشواطاً أبعد ومنها أن تغير الدنمارك مسار سياستها الخارجية من الاتحاد الأوروبي نحو روسيا".
يشدد السفير الذي عمل في الدنمارك لسنوات طويلة على أن التصريحات التي تصدر في الدنمارك تصدر عن ساسة في مناصب عليا وحساسة، "فهؤلاء الذين اقتبس ما صرحوا به يمكن أن يصبحوا في تغيير حكومي ذات يوم وزراء للخارجية والدفاع (اسبرسن وكاروب)، ونقطتي الأساسية هنا أن هؤلاء السياسيون في الدنمارك لديهم تأثير كبير وهام على النقاش العام الدائر في بلدهم".
جولة الوداع التي قام بها السفير الأميركي في الدنمارك، والتي تابعها معه "عبد العزيز" تمت في بلد يعتبر تاريخياً أقرب دول إسكندنافيا إلى واشنطن، وهو الوحيد من بين دولها الذي يحتفل مع الأميركيين بعيد الاستقلال كون الكثير من مواطني أميركا قدموا منه ومن النرويج التي كانت تحت التاج الملكي الدنماركي.
الترامبيون يردون...
يعج موقع "سورن اسبرسن" على "تويتر" بإساءات علنية للإسلام والمسلمين واستهزاء من كلمة "الله أكبر". وقالت سياسية دنماركية من أصل تركي حوله إنه "ليس فقط جرى إرهاب في برلين بل قُتل مسلمون في زيورخ بذات اللحظة دون أي انتقاد". وذهب بعض المعلقين للرد عليه بأنه كان للتو في إيران ولا بد أنه سمع كلمة "الله أكبر"، لكن يبدو "أن النفاق لا حدود له في مصلحة جمع الصداقة بين الصهيونية ودولة دينية متشددة كإيران".
وذهب اسبرسن للرد على السفير الأميركي بالقول: "روفوس غيفورد لا أعتقد بأنه يملك وعياً وحساً سياسياً ليجري تلك المقارنة... أشعر بخيبة تجاهه".
مقررة الشؤون الدفاعية في البرلمان، المقربة من موسكو، ماريا كاروب علقت بالقول: "أنا لم أذهب أبعد من ترامب في تصريحاته عن روسيا، لذا أرفض هذه الانتقادات التي لا تركز على محتوى المواقف"، وذلك في معرض تبريرها للموقف الإيجابي من بوتين وروسيا في وقت تعيش فيها الكثير من مجتمعات الشمال مشاعر مقتٍ تجاه الرئيس الروسي "بوتين" بسبب ما يتكشف عن علاقاته باليمين المتطرف، واختراقه لنواب برلمانات في السويد والدنمارك والنرويج وهولندا وألمانيا.
رئيس تحرير مكتب شؤون البرلمان الدنماركي "كريستيانسبورغ" مارتن كوي، أطلق على "كاروب" في صحيفة "يولاندس بوستن" (ذات توجه يميني وسط)، لقب "صوت روسيا في برلمان الدنمارك"؛ إذ أن مارتن اعتبر تاريخ هذه السياسية المسؤولة عن لجنة دفاعية "متأثرة بعملها ملحقة سابقة في السفارة في موسكو وضابطة لغة روسية، ويبدو أنه لا يروق لها أبداً الحديث عن سياسة دفاعية بوجه موسكو، أو انتقاد اختراق الحريات، وغياب الحقوق في روسيا؛ وهي من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الدنماركية".