يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، الجمعة المقبل في بروكسل، اجتماعاً طارئاً لمناقشة الأزمة الإيرانية، وفق ما قالت مصادر دبلوماسية الاثنين لوكالة "فرانس برس".
ويعقد الاجتماع في وقت يحاول الاتحاد الأوروبي إيجاد سبل للتهدئة، بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الجمعة، بضربة أميركية في بغداد.
ويتوقع أن يتناول الاجتماع أيضا الخطوات التي أعلنت عنها طهران، مساء أمس، بشأن إيقاف كافة القيود المفروضة على برنامجها النووي، في ظل انتقادات أوروبية متصاعدة من هذا الموقف الإيراني.
وثمة مساع وجهود مضنية تبذل لإنقاذ اتفاق 2015 النووي، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من جانب واحد من الاتفاق العام الماضي، ما أدى إلى تفعيل عقوبات ألحقت أضرارا بالاقتصاد الإيراني.
ومنذ ذلك الحين وطهران تتراجع بالتدريج عن التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق.
اتصالات بظريف
وعلى صعيد متصل، أجرى وزيرا خارجية ألمانيا وبريطانيا، هايكو ماس ودومينيك راب، مكالمات هاتفية منفصلة، مساء الاثنين، مع نظيرهما الإيراني محمد جواد ظريف، بحسب بيان للخارجية الإيرانية، الذي أشار إلى أن المباحثات تمحورت حول التطورات الإقليمية والدولية والاتفاق النووي.
وأشارت الخارجية الإيرانية، في بيانها، أن ماس وراب أكدا، خلال اتصالهما بظريف، على "ضرورة منع زيادة التوتر في المنطقة"، مضيفة أن وزير خارجية إيران، بدوره، عبر عن عدم رضا بلاده من "المواقف الأخيرة" لألمانيا وبريطانيا حول اغتيال سليماني.
واتهم ظريف أوروبا بـ"عدم فهم حقائق المنطقة"، معتبرا أن ذلك يعتبر "خطأ استراتيجيا"، مع توجيه انتقادات "حادة" للإدارة الأميركية، وتحميلها مسؤولية "أي توتر واضطراب أمني في المنطقة، خصوصا بعد قيامها باغتيال الحاج قاسم سليماني".
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، انتقد ظريف "تقاعس" الأوروبيين عن تنفيذ تعهداتهم بالاتفاق، مشيرا إلى أن خطوات بلاده في تقليص تعهداتها "تأتي في إطار الاتفاق النووي"، مؤكدا أن "السبيل الوحيد لإيقاف هذا الوضع هو أن تفي أوروبا بالتزاماتها".
وتأتي هذه المباحثات الهاتفية الأوروبية مع وزير الخارجية الإيراني بعد أيام من اغتيال أبرز قادة إيران العسكريين، وعقب يوم واحد من إعلان إيران عن شروعها في تنفيذ خطوات المرحلة الخامسة "والنهائية" من تقليص تعهداتها النووية، وذكرت الحكومة أنها لن تبقى ملتزمة من الآن بأي قيود في إنتاج اليورانيوم ومستوى التخصيب والتطوير النووي، في تدبير يمكن اعتباره انسحاباً غير معلن من الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى في 2015.
وفيما أعلنت الحكومة، في بيان مساء الأحد،، إيقاف تنفيذ القيود الواردة في الاتفاق النووي، شددت على أنّ "برنامجها النووي لن يواجه أي قيود من الآن وسيتقدم وفق حاجاتنا الفنية". كما قالت إنها "ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما في السابق"، مضيفة أنه "في حال رفع العقوبات وتمتع إيران بمصالح الاتفاق النووي ستعود إلى تعهداتها النووية". وأعلنت الحكومة الإيرانية أنها ستوقف، خلال المرحلة النهائية، القيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي.
يشار إلى أن إيران كانت تشغل، قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، نحو 19 ألف جهاز للطرد المركزي، لكنها بموجب الاتفاق التزمت بألا يتجاوز عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها 5060.
كما أكدت الحكومة الإيرانية، في بيانها، أنها بعد اتخاذ هذه الخطوة "لن تواجه من الآن، في المجال العملياتي، أي قيود في مجالات كمية تخصيب اليورانيوم ومستوى التخصيب وإنتاج اليورانيوم المخصب والتطوير والبحث النووي". وشددت الحكومة الإيرانية على أنها، بعد إيقاف هذه القيود، ستواصل برنامجها النووي "وفقا لحاجاتها الفنية".
ردود على الخطوة الإيرانية
واليوم الاثنين، أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لإعلان إيران أنها لن تبقي على التزاماتها النووية، لكنه "يبقى عازما على إبقاء الاتفاق النووي قائما" للحيلولة دون تطوير إيران أسلحة ذرية.
وفي السياق، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن "عميق أسفه" لسماع تلك الأنباء.
Twitter Post
|
وكتب بوريل، عبر "تويتر"، أن التنفيذ الكامل للاتفاق النووي من قبل كافة الأعضاء "أصبح أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، من أجل الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي".
ويشرف الاتحاد الأوروبي على الاتفاق الذي يقيد طموح طهران النووي مقابل محفزات اقتصادية، لكنه يعتمد على الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في مراقبة ما إذا كانت إيران ملتزمة بالاتفاق أم لا، حيث واصلت الالتزام رغم تصريحاتها التهديدية.
بدوره، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إيران، في بيان مشترك الاثنين، بـ"التخلي عن أي أعمال عنف أو نشاط نووي"، داعين إياها إلى العودة عن "أي خطوات تتعارض مع بنود الاتفاق النووي".
كما أعلنت الدول الثلاث عن استعدادها للتواصل مع جميع الأطراف بغية وقف تصعيد التوتر وإعادة الاستقرار، معبرة عن قلقها "العميق" تجاه ما اعتبرته "الدور السلبي لإيران" في المنطقة، وخاصة "فيلق القدس" الذي كان يترأسه سليماني.
كما أكد قادة الدول الثلاث في بيانهم على ضرورة وقف العنف الجاري في العراق.
وعبرت الخارجية الألمانية عن موقفها من الإعلان النووي الأخير لإيران، معتبرة أنه "انتهاك آخر للاتفاق النووي".
ومن جهتها، الخارجية الروسية علقت على الخطوات "النووية" الإيرانية الجديدة، داعية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي إلى "بذل جهود جادة للحفاظ على الاتفاق"، وفقا لوكالة "إنترفكس" الروسية.
وعزت روسيا خطوات إيران بإنهاء القيود الواردة في الاتفاق النووي إلى "التناقضات المتراكمة داخل الاتفاق"، مؤكدة على "ضرورة قيام الدول المعنية بمواصلة التحرك الجاد لتجاوز العقبات".
كما أكدت الخارجية الروسية أن موسكو ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي وبنوده وأهدافه، معلنة عن استعدادها لمواصلة العمل مع طهران.