وبموجب تعهدات سابقة، من حكومة جنوب السودان، التي تقود الوساطة بين الجانبين، كان من المفترض أن يوقع، اليوم السبت، بالأحرف الأولى على اتفاق سلام، يحيي أمل السودانيين في توقف الحرب في البلاد أو بعض من مناطقها، لكن الخلافات أجلت ذلك لأجل غير مسمى.
وبدأت عملية التفاوض في سبتمبر/ أيلول الماضي، وحققت العملية في بدايتها اختراقات عديدة في جملة من 5 مسارات خاصة بمناطق السودان، وقفزات أخرى في ملف القضايا القومية والعدالة الانتقالية في دارفور، فضلاً عن مثول المطلوبين دولياً من رموز البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقابل ذلك تعثر مع حركة مسلحة خارج إطار التحالف، هي الحركة الشعبية، فصيل عبد العزيز الحلو، وكذلك حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور، التي رفضت فكرة المشاركة في المفاوضات من بدايتها. وتتألف الجبهة الثورية، التي تأسست في 2013، من 3 حركات رئيسية، هي الحركة الشعبية قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان فصيل ميناوي، التي ابتعدت عن التحالف في الفترة الأخيرة لخلافات مع بقية المكونات. كما تشارك كيانات أخرى مدنية، أبرزها "مؤتمر البجا" المعارض.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الخلافات الأخيرة بين الحكومة والجبهة الثورية، تمثلت في 6 نقاط جوهرية؛ أولاها الترتيبات الأمنية وتحديدا البند الخاص بهيكلة القوات المسلحة السودانية، ومفهومها من كل جانب، وكذلك موضوع الجداول الزمنية لبقاء قوات الحركات المسلحة قبل تسريحها أو دمجها. وتقترح الحكومة 9 أشهر فقط تكتمل فيها عمليات الدمج والتسريح، بينما ترى الجبهة 4 سنوات مع تشكيل قوات مشتركة، وكذلك ترفض الحكومة منح تعويضات مالية لقتلى الحركات المسلحة أسوة بقتل الجيش خلال معارك دارفور.
أما نقطة الخلاف الثانية فتتعلق بمشاركة الجبهة الثورية في السلطة الانتقالية بهياكلها الثلاثة، مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي، وهذا أمر لا يجد الرفض من الوفد الحكومي، لكن نقطة الخلاف تتمثل في النسب التي ستشارك بها، وهذا قد يتطلب تعديلاً في الوثيقة الدستورية الحاكمة.
ثالث نقطة في الخلاف بين الجانبين، تتصل برغبة الحكومة في خروج بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من دارفور، وهو أمر ترفضه الجبهة الثورية اعتقاداً منها بأهمية بقاء البعثة لمواصلة مهمتها في حماية المدنيين من هجمات المليشيات المتفلتة.
أما الخلاف الرابع فيرتبط بالتعويضات التنموية التي يفترض أن تقدم لدارفور، ففيما التزمت الحكومة بدفع 10 مليارات دولار خلال 10 سنوات للتنمية في الإقليم، تطالب الأطراف الأخرى بـ 13 ملياراً.
النقطة الخلافية الخامسة تتصل بطلب الحركات المسلحة استثنائها من الانتخابات التي ستجرى بنهاية الفترة الانتقالية بحيث تحتفظ بنسبتها في السلطة كما هي حتى بعد الانتخابات.
أما الخلاف الأخير فيتعلق بموعد بدء الفترة الانتقالية المحددة بأربع سنوات، حيث ترى الحكومة أنها تبدأ في 17 أغسطس/ آب الماضي، اليوم الذي تم فيه التوقيع على الوثيقة الدستورية الحالية، بينما ترى الجبهة الثورة، أنها ينبغي أن تبدأ بعد توقيع اتفاق السلام.
من جهتها، أشارت لجنة الوساطة بدولة جنوب سودانية إلى وجود أسباب موضوعية حالت دون التوقيع على اتفاق السلام بالأحرف الأولى وفقا للموعد المحدد.
وذكر نائب رئيس لجنة الوساطة، ضيو مطوك، في مؤتمر صحافي مساء الجمعة، أن هناك صعوبات واجهت العملية التفاوضية تمثلت في التأخير في مناقشة الترتيبات الأمنية في مسار دارفور، بجانب التأخير في ملف تقاسم السلطة.
ويقود الوفد الحكومي المفاوض الذي سيصل غدا الأحد، نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، إلى جانب الفريق أول ركن شمس الدين كباشي لمناقشة القضايا العالقة المرتبطة بالترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة.
وعلى الرغم من تلك الخلافات فإن الأطراف تحتفظ بكثير من التفاؤل على تجاوزها من أجل استكمال العملية السلمية.
وفي هذا الصدد، قال نور الدائم طه المتحدث باسم حركة تحرير السودان، فصيل ميناوي، في تصريح لموقع "العربي الجديد" إن الأطراف في مفاوضات جوبا تتوافق على إرادة سياسية مشتركة ورغبة في الوصول إلى سلام عادل وشامل وتتحلى بالجدية الكافية لتجاوز العقبات. ورأى أن العقبات سهلة ويمكن تجاوزها، وتحتاج إلى قرارات سياسية شجاعة خاصة من الطرف الحكومي.