أحزاب تونس تدفع فاتورة الانتخابات

11 ابريل 2015
لم تنتهِ تداعيات الانتخابات بعد (ياسين الجعايدي/الأناضول)
+ الخط -
لم تنتهِ تداعيات الانتخابات التونسية، بشقيها التشريعي والرئاسي بعد، على الأحزاب التونسية المنتصرة والمهزومة على حدّ سواء، التي تقوم بإعادة النظر في هياكلها ومنتسبيها وقياداتها وتحالفاتها الجديدة. ولم ينجُ حزب تونسي واحد من عملية إعادة الحسابات.

وبعد أزمة "حركة النهضة"، التي أدت قبل الانتخابات الرئاسية إلى استقالات عدة، بدأت تتداوى عشية مؤتمرها العاشر الصيف المقبل، تتفاقم أزمة "نداء تونس"، الحزب الفائز تشريعياً ورئاسياً، بشكل يوحي بأن انفجاراً كبيراً يلوح في الأفق، وسط عدم قدرة قيادات الحزب في التقليص من حدّته، على الرغم من محاولات توسيع إدارة الحزب. وكشفت مصادر مطلعة في "نداء تونس"، لـ "العربي الجديد"، أن "الحالة الاحتجاجية للمنتسبين لن تتوقف بل مرشحة للتوسع، خصوصاً بعد احتجاج عدد من مناضلي الحزب أمام مقرّه المركزي، الخميس".

وفي سياق متصل، بدأت تتجمّد خطوات توحيد عدد من الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية في جبهة واحدة، وباتت تراوح مكانها منذ أشهر بسبب الأزمات الداخلية داخل كل حزب فيها، ما يعكس حالة التذبذب التي تعيشها الأحزاب وضبابية رؤيتها السياسية.

غير أن الشرخ الأكبر، المنتظر منذ فترة، قد حصل داخل حزب "التكتل" الذي يتزعمه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي. وشهد التكتل استقالة جماعية لـ18 قيادياً فيه، على رأسهم الأمين العام المساعد للحزب خيام التركي.

اقرأ أيضاً: في الحاجة إلى حركة المرزوقي

وذكر المستقيلون، في بيانهم، أن "استقالتهم جاءت بسبب عجز قيادة الحزب على استيعاب التحوّلات الراهنة، وإغفال النظر عن التطوّرات الكبرى الحاصلة في البلاد، وصمّ الآذان عن نواقیس الخطر التي قرعوها مراراً".
واعتبر البيان أنه "كان على التكتل عدم البقاء صامتاً أمام تجاوزات عدة كانت تستدعي حزماً أكبر، فقد ظلّ مشدوداً إلى سیاسة ماضویة جعلته متقوقعاً، ملقياً أخطاءه وفشله في صیاغة الموقف الصائب والحازم، على الآخرین، من دون البحث بعمق وجدیة عن الأسباب الداخلیة".

وكان منتظراً أيضاً أن تهب رياح الانتخابات على حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (الحزب السابق للرئيس السابق منصف المرزوقي)، خصوصاً أن مؤسسه بصدد تأسيس بديل عنه، سيرى النور بعد حوالي أسبوعين من الآن، وهو "حراك شعب المواطنين".

وكان "المؤتمر" قد عقد منذ أيام مجلسه الوطني، الذي شهد بدوره انسحاب قيادات بارزة فيه، تولّت وزارات في حكم الترويكا، وهي عبد الوهاب معطر وسمير بن عمر وسهام بادي. وعلى الرغم من تكتمّ المستقيلين عن أسباب انسحابهم، إلا أن بيان المجلس أشار إلى "ضخّ دماء جديدة للمكتب السياسي، عبر تطعيمه بأعضاء جدد".

وقال أمينه العام، عماد الدائمي، إن "الاستقالات الأخيرة من المكتب السياسي، مبنية على قناعة داخل الحزب، في أن يتمّ التغيير من الداخل، والعمل على إصلاح هيكلي جديد في مؤتمر للحزب". وأشار إلى أن "التقييم كان جريئاً وحصلت جلسات استماع مطولة لقيادات الحزب، واعتذرت لناخبي المؤتمر، بسبب خيبة أملهم من أدائنا في الانتخابات الماضية، في محاولة لتكريس ثقافة جديدة في السياسة بتونس". ولفت إلى أن "العمل جارٍ على وضع الحزب على سكة الإصلاح والتجديد وإعادة الهيكلة، بعد عملية التقييم الشامل التي استغرقت الكثير من الوقت".

غير أن ظلال "الحراك" تُلقي بنفسها بقوة على حزب "المؤتمر"، الذي تتردد قواعده وقياداته بين الانصهار فيه أو البقاء خارجه، على الرغم أن بيانه الأخير كان إيجابياً على الصعيد الاجتماعي لا السياسي، وجاء فيه "يتفاعل حزب المؤتمر إيجابياً مع مبادرة حراك شعب المواطنين في بعدها المواطني الاجتماعي".

وكان المرزوقي قد بعث برسالة إلى المجلس الوطني، شدّد فيها أن "الحراك ليس غريماً ولا منافساً، بل يُشكّل فرصة للتنسيق والتعاون مع مجموعات وقوى وشخصيات، تلتقي معكم حول نفس الأهداف الكبرى والرؤى، من أجل بناء قوة أكبر تكون قادرة على إنجاح المشروع المشترك".

وحثّ الرئيس السابق على التواصل من أجل "الخوض في المنافسة الجدية في الاستحقاقات المقبلة، وأولها البلدية، التي تتطلّب آلاف المرشحين". وأعاد التذكير أنه "كان يتابع دائماً ما يجري داخل الحزب"، مبدياً أسفه "لما حصل فيه من تجاذبات وانشقاقات بعد خروجه من رئاسته، وهو الحزب الثاني في البلاد". وأكد أنه نصح الأعضاء في الحزب بعدم الانزلاق في مستنقع الانقسامات، مشيراً إلى أنه "ألزمت نفسي أخلاقياً بعدم الاهتمام بالمسائل الحزبية على حساب الاهتمامات الوطنية، احتراماً لإرادتكم وللمؤسسات وواجب الحياد".

وإذا كانت بعض الأحزاب تواجه قواعدها بشجاعة في الاعتراف بالأخطاء والتفكير والمضي بجدية في اتجاه تجديد قياداتها وإعادة هيكلتها، فإن أخرى تظل على طريقتها، أداءً وقيادة، متمسكة بنفس الطرق التي أوصلتها إلى الهزيمة، ودفعت بأخرى إلى الاندثار كلياً من الساحة السياسية رغم ثقلها التاريخي.

اقرأ أيضاً: أزمة اليسار العربي1.. الثورة التونسيّة تمنح الحمر قبلة الحياة

المساهمون