روسيا وطيران الأسد يحرقان إدلب لتهجير المدنيين إلى مناطق النظام

26 مايو 2019
ارتفع عدد النازحين إلى 210 آلاف (نذير الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -

رغم تراجع حدة المعارك البرية في ريف حماة الشمالي الغربي وأطراف إدلب الجنوبية، إلا أن طائرات نظام بشار الأسد، ما تزال تشن عشرات الغارات يومياً هناك، مُتسببة بسقوط مزيد من الضحايا المدنيين، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد النازحين، الذين قالت الأمم المتحدة إنهم بلغوا 210 آلاف في أسبوعين فقط.

وبعد يوم شهد مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بغارات الطيران الحربي في إدلب، استأنفت طائرات النظام الحربية والمروحية، منذ فجر أمس السبت، قصفها الكثيف لبلدات وقرى في منطقة "خفض التصعيد" شمالي حماة وجنوبي إدلب. وقالت مصادر محلية في المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إن الغارات التي شنها الطيران الحربي تركزت قبل ظهر السبت على أطراف بلدة معرة مصرين، وكنصفرة، والبارة، ومناطق أخرى في جبل الزاوية، حيث أدت الضربات الصباحية الأولى، إلى سقوط إصابات بين المدنيين.

من جهته، أحصى "المرصد السوري لحقوق الإنسان" 35 غارة شنتها طائرات النظام الحربية، قبل ظهر أمس السبت، في منطقة "خفض التصعيد"، معظمها في محافظة إدلب، وأطرافها الجنوبية والغربية، استهدفت 9 منها كفرزيتا وكفرنبودة واللطامنة شمالي حماة "في حين ارتفع إلى 47 عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها المروحيات منذ ما بعد منتصف الليل (السبت)، وهي 18 برميلاً على بلدة الهبيط، و7 براميل على كفرنبودة، و5 براميل على تل عاس، و5 براميل على محور كبانة ضمن جبل الأكراد، وبرميلان على كل من اللطامنة ومدايا والضابية وعابدين والقصابية، ومحيط خان شيخون". وكان يوم الجمعة، شهد مقتل ستة مدنيين، وإصابة نحو 20، حسب إحصائيات "الدفاع المدني السوري"، بقصف طيران النظام مناطق واسعة في محافظة إدلب، التي أعلنت مديرية الأوقاف فيها عدم إقامة صلاة الجمعة في بعض المناطق، خوفاً من قصف الطيران الحربي الذي كان لا يهدأ.

عسكرياً، وبينما لم تُسجل أي معارك، قبل ظهر أمس السبت، فإن يوم الجمعة الماضي، شهد مواجهات محدودة بين فصائل الجيش السوري الحر وفصائل أخرى من جهة، وقوات النظام ومليشيات تسانده من جهة أخرى في ريف حماة الشمالي الغربي. وحسب معرفات "الجبهة الوطنية للتحرير"، على الإنترنت، فإن عناصرها هاجموا أكثر من نقطة لقوات النظام قريباً من تل الهواش، فضلاً عن مهاجمتهم حاجز بريديج وقصف نقاط تمركز للمليشيات في المناطق القريبة من تل العثمان، وغرب كفرنبودة وشرق قلعة المضيق. وفيما لم يُسجل أي تغيير بخارطة السيطرة الميدانية، خلال الأيام الأربعة الماضية، التي أعقبت استعادة المعارضة لمدينة كفرنبودة ومناطق حولها، أبرزها تل الهواش، فإن قائداً في الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، قال، الخميس الماضي، إن المعارك لن تتوقف عند كفرنبودة، وستبقى متواصلة، حتى إعادة كافة المناطق التي دخلتها قوات النظام خلال الحملة العسكرية الحالية. وقال القائد في "جيش العزة" جميل الصالح، في مقابلة مصورة معه في ريف حماة الشمالي، إن الفصائل ستواصل التقدم في الأيام المقبلة، مُعتبراً أن هدف النظام وروسيا من الهدن هو قضم مناطق إضافية خارجة عن سيطرتهم في شمال غربي سورية.



إلى ذلك، فإن أعداد النازحين جراء قصف النظام وروسيا، في شمال غربي سورية، تتزايد، في حين يعيش معظمهم أوضاعاً مأساوية، إذ إن مئات العائلات لم تجد مأوى تسكن فيه، نتيجة اكتظاظ المخيمات على الحدود التركية، ما دفع بهذه العائلات لتسكن الأراضي الزراعية، فيما تحاول بعض المنظمات الإغاثية تقديم ما أمكن من مقومات الحياة لهم. وأمس السبت، أصدر فريق "منسقو استجابة سورية"، بياناً، أوضح فيه الموقف من مزاعم النظام وروسيا حول نيتهما فتح معبرين "إنسانيين" يُتيحان عبور المدنيين من إدلب وحماة نحو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وجاء في البيان، الذي حصلت "العربي الجديد"، على نسخة منه، أن "الأعمال العدائية التي تمارسها قوات النظام والجانب الروسي على مناطق شمال غربي سورية، مستمرة للأسبوع السادس عشر على التوالي، وتسببت بموجات نزوحٍ ضخمة من المنطقة منزوعة السلاح ودمار كبير في الأحياء السكنية والمنشآت والبنى التحتية".

وحول ما ذكره "مركز المصالحة" الروسي في قاعدة حميميم، قبل أيام، عن افتتاح معبرين لخروج السكان المدنيين من شمال غرب سورية، وهما في منطقتي أبو الظهور شرقي إدلب، وصوران شمالي حماة، أكد فريق "منسقو استجابة سورية" أن "المعابر التي تنوي قوات النظام وروسيا افتتاحها محاولة جديدة لخلط الأوراق، تحت حجج عديدة، أهمها حماية المدنيين وإبعادهم عن العمليات العسكرية"، مشيراً إلى أن "من يدعي أنه يريد حماية المدنيين لا يقوم باستهدافهم بشكل مباشر، ويتسبب بنزوح أكثر من 521 ألف نسمة، خلال أربعة أشهر، ويتسبب بوفاة أكثر من 650 مدنياً منذ توقيع اتفاق سوتشي في 17 سبتمبر/أيلول 2018". وتابع "نؤكد أن المساعي التي تبذلها روسيا لإخراج المدنيين من شمال غربي سورية، إلى مناطق سيطرة النظام السوري، ستُقابل بالفشل كما حصل في المرات السابقة، لأن أغلب قاطني الشمال السوري هم من المهجرين قسراً والنازحين الذين هجرتهم الآلة العسكرية الروسية وقوات النظام". واعتبر البيان أن "إظهار القوات الروسية بمظهر الضامن لعمليات حفظ السلام في المنطقة، والمساعد الأول في العمليات الإنسانية، من خلال تقديم المساعدات للمدنيين، عن طريق تلك القوات والمنظمات التابعة للنظام السوري فاشلة حكماً". وطالب "منسقو الاستجابة" كلا من "المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية تحمل مسؤولياتهم حيال السكان المدنيين في شمال غربي سورية، وفي مقدمتهم اليونيسف، خصوصاً مع نزوح أكثر من 40 ألف طفل خلال الفترة السابقة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في التعليم، وذلك من خلال استهداف أكثر من 50 مدرسة في الشمال السوري".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت، الخميس الماضي، أن أعداد النازحين تتزايد في شمال غربي سورية، وقد بلغت 210 آلاف، خلال 16 يوماً نتيجة التصعيد العسكري الكبير للنظام وروسيا. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن "الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التقارير المستمرة عن الغارات الجوية والقصف المدفعي والاشتباكات داخل وحول منطقة التصعيد شمال غربي سورية"، مشيراً إلى أن القصف "أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، منذ أواخر إبريل/نيسان الماضي، فضلاً عن الهجمات المتكررة على البنية التحتية المدنية وزيادة مستويات النزوح". وأضاف "تم إبلاغنا بنزوح نحو 210 آلاف شخص بسبب العنف، بين 1 و16 مايو/أيار" الحالي، مُجدداً دعوة الأطراف لـ"احترام الالتزامات المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والالتزام التام بترتيبات وقف إطلاق النار المتفق عليها بين روسيا وتركيا".