وأفرز قرار التكليف الذي أعلنه الرئيس العراقي برهم صالح، أمس الثلاثاء، بعد خلافات بين الكتل أفضت إلى فشل عمل اللجنة المكلفة باختيار مرشح للمنصب، إلى تشكيل معسكر رافض لخطوة تكليف الزرفي تشكيل الحكومة، وهو المعسكر القريب من إيران، وأبرز أطرافها كتل ائتلاف "دولة القانون" (بزعامة نوري المالكي)، وتحالف "الفتح" (الذي يعد الواجهة السياسية للحشد الشعبي)، عدا بعض الكتل الصغيرة المتحالفة.
ويفسر خبراء سياسيون القصف الصاروخي الذي وقع ليل الثلاثاء – الأربعاء بالقرب من قصر السلام وهو القصر الرئاسي الذي تم فيه تكليف الزرفي على أنها من ضمن رسائل التهديد التي تبعثها تلك الجهات. وقال رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "الرافضين للزرفي قد يعتمدون رسائل برائحة البارود مثل ما لاحظنا بالقصف الذي كان أقرب إلى قصر السلام منه إلى السفارة الأميركية للتعبير عن موقفهم".
وأضاف أنه "ليس من مصلحة من يحمل السلاح أو داعميهم الإقليميين بالتحديد أن تذهب الأمور نحو الاحتكام الى السلاح"، مشيرا إلى أنه "بالنهاية ستكون هناك تسوية، خصوصا أن مساحة الرفض لا تزال محصورة بحلفاء إيران فقط، ويستطيع الزرفي الوصول إلى تسوية على مستوى تقديم الضمانات أو المساحات القادمة بالسلطة التنفيذية، أو أن يذهب إلى الأغلبية، خصوصاً أنه ضامن لتصويت جزء أساس من التحالف الشيعي، كما رحّب به تحالف القوى وجبهة الإنقاذ من السنة، وهم جانب كبير، فضلا عن الترحيب الحذر للكتل الكردستانية".
وعبّر عن تصوره أن "يصل الزرفي إلى مساحة توافق مع الجميع، ينهي بها جدلية الرفض والتهديد".
من جهته، عبّر النائب عن تحالف "القوى"، رعد الدهلكي، عن قلقه من لغة التهديد والسلاح ومحاولات فرض الإرادات بالقوة من قبل بعض الأطراف التي تعترض على التكليف.
وقال الدهلكي، لـ "العربي الجديد"، "أتمنى أن يكون التوافق السياسي هو الذي يعتمد في هكذا قضايا، خاصة بالظرف الصعب الذي يمر به البلد"، معبراً عن أسفه من أن "البعض يذهب إلى لغة التهديد بالسلاح الذي يجب أن يرفع لمصلحة البلد فقط، وليس لمصالح شخصية".
كذلك أعرب عن "مخاوف كبيرة في ظل وجود فوضى السلاح التي تحكم البلاد، ومحاولة فرض الإرادات بالقوة"، داعيا إلى "التقارب بوجهات النظر وحل الأمور بالحوار السياسي، واعتماد لغة العقل والتقارب السياسي، والابتعاد عن لغة السلاح التي سيكون الجميع خاسرين بها".
من جهته، يرى النائب المستقل باسم الخشان أن لغة التهديد قد تضعف أمام المكاسب، وقال لـ"العربي الجديد" إن "لغة المكاسب بالتأكيد ستكون أقوى من لغة الرصاص، وإن تلك الجهات في حال حصلت على مكاسب ستترك لغة السلاح التي اعتمدها للضغط والاستعراض فقط".
وتواصل الكتل المعترضة بعث رسائل التهديد والتلويح باللجوء إلى القوة، معبرة عن رفصها لتكليف الزرفي، وقال زعيم مليشيا "العصائب" (جزء من الحشد الشعبي) قيس الخزعلي، في تغريدة عنونها إلى رئيس الجمهورية، "خالفت توجيهات المرجعية الدينية التي أكدت ألا يكون المرشح جدلياً".
وأضاف "ناقضت نفسك لأنك ستعرض السلم الأهلي للخطر، إذ إن القوى المعترضة وجمهورها ترفض مرشحك رفضاً قاطعاً، ولا يمكن أن تسمح بتمريره".
Twitter Post
|
كذلك هدّد القيادي بالمليشيا ذاتها، جواد الطليباوي، بشكل أكثر وضوحها عندما تحدث لوسائل إعلام عراقية محلية عن تكليف الزرفي، إذ قال إنها "مؤامرة"، وإنهم "سيقلبون عاليها سافلها"، مبينا أن "هناك مؤامرة تحاك بالظلام لتمرير بعض الأسماء ومنهم الزرفي لخيانة دماء الشهداء ولن نسمح بها ولن نسكت وسنقلب عاليها سافلها على الأسياد والعملاء والمتآمرين"، بحسب قوله.
من جهته، كتب زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي"، شبل الزيدي، على "تويتر"، معلقاً على التكليف "باتحادنا نهزم أقوى الاتحاد وبتفرقنا بحكمنا برهم"، في إشارة إلى الرئيس العراقي برهم صالح.
Twitter Post
|
بموازة ذلك، يسعى المعسكر الرافض للزرفي إلى إيجاد مخرج قانوني يتيح إمكانية الطعن بقرار التكليف، معتبرا أنه قرار باطل، ولم يستند إلى أسس قانونية صحيحة، وقفز على حق "الكتلة الكبرى" بتشكيل الحكومة.
وتستند تلك الكتل إلى العرف السياسي الذي اتبع بتشكيل الحكومات العراقية بعد عام 2003، والذي منح القوى السياسية الشيعية الحق بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء ليكلفه رئيس الجمهورية، وهو ما لم يحدث في التكليف الأخير، إذ استند الرئيس إلى الدستور الذي يمنحه حق ترشيح رئيس للوزراء، إذا فشلت الكبرى بذلك.
وقلل خبراء قانونيون من أهمية محاولات الطعن تلك واللجوء للقضاء، وقال طارق حرب لـ"العربي الجديد"، إنه "بإمكان الكتلة التي تقول إنها الكبرى تقديم دعوة قضائية تطعن بقرار التكليف، والمحكمة لا ترفض ذلك، لكن بالنتيجة عادة عندما يتم الطعن بهكذا قضايا تتركها المحكمة إلى ما بعد شهر، حتى يتضح موقف البرلمان، ما يعني أن موقف البرلمان هو الأساسي، وهو الحاسم في قضايا كهذه".