وفاة معتقلين سوريين تحت التعذيب في لبنان

04 يوليو 2017
توفي المعتقلون تحت التعذيب (Getty)
+ الخط -
قالت الهيئة السورية السورية لفك الأسرى والمعتقلين، إنّ الجيش اللبناني طلب من رئيس بلدية عرسال استلام جثث ثلاثة معتقلين سوريين توفوا تحت التعذيب لدى قواته والمخابرات اللبنانية، إثر اعتقالهم في حملات الدهم الأخيرة على مخيم عرسال وجرى دفنهم لاحقاً، فيما نفى الجيش حدوث التعذيب، مرجعاً سبب الوفاة إلى تدهور الحالة الصحية للمحتجزين.

وأوضح المحامي فهد الموسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ المواطنين الثلاثة وهما اثنان من بلدة قارة والثالث من أهالي القصير، هم من ضمن أربعمائة لاجئ سوري تم اعتقالهم يوم الجمعة الماضي من قبل الجيش والمخابرات اللبنانية، بعد اقتحامهما مخيم عرسال للاجئين السوريين في لبنان، حيث جرى قتل أربعة لاجئين آخرين خلال عملية الاقتحام.

وأكد المحامي أنه ما يزال هناك نحو أربعمائة معتقل في السجون اللبنانية تم احتجازهم خلال عملية المداهمة، وهم يتعرضون لـ "أشد أنواع التعذيب على يد الجيش اللبناني والمخابرات اللبنانية، ليضافوا إلى آلاف آخرين معتقلون في السجون اللبنانية وحزب الله" .

وأوضح أن أهالي المعتقلين تواصلوا مع هيئة علماء المسلمين في لبنان لمساعدة الأهالي في استلام الجثث من الأجهزة اللبنانية، إذ طلبت هيئة علماء المسلمين تسليم الجثث بعد تشكيل لجنة طبية من الطبابة الشرعية في لبنان للكشف عن أسباب الوفاة وتقديم تقارير طبية رسمية مفصلة لمتابعتها لدى المنظمات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن السلطات اللبنانية رفضت هذا الطلب، ووافقت فقط على تقديم تقرير طبي صادر عن طبيب وليس عن لجنة طبية.



وقدّر الموسى أن هناك نحو خمسة آلاف معتقل سوري في لبنان موزعين على سجون سرية وعلنية. وأوضح أن سجن رومية يضم في البناء الأحمر 400 معتقل سوري، حيث يعاني الضباط المنشقون عن النظام السوري اللاجئون إلى لبنان من الاعتقال، وخطر تسليمهم إلى النظام السوري، خلافاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، إذ يتم تعريضهم إلى التصفية والتعذيب والاختفاء القسري من قبل حزب الله والمخابرات اللبنانية والجيش اللبناني بالاشتراك مع النظام السوري، حسب قوله.

وطالب بيان للهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين الوفد المفاوض في مؤتمر أستانة والمجتمع الدولي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمبعوث الأممي للملف السوري ستيفان دي مستورا وإيفا سفوبودا مستشارة شؤون المعتقلين الخاصة بالملف السوري بتحمل مسؤولياتهم الإنسانية والأخذ بعين الاعتبار قضية المعتقلين السوريين المنسيين في لبنان، والعمل سريعاً على حل قضيتهم وفقاً للقانون الدولي. 

إلى ذلك، أكدت مصادر إغاثية لـ"العربي الجديد" ارتفاع عدد الضحايا اللاجئين الذين دفنوا في عرسال اليوم إلى 7 بينهم امرأة إضافة إلى جثة مقطوعة الرأس موجودة في براد مستشفى الشفاء في البلدة، وهم غير الأربعة الذين أعلن الجيش مقتلهم أثناء الاعتقال.

من جانبها، أقرّت قيادة الجيش اللبناني بوفاة أربعة لاجئين سوريين موقوفين منذ يوم السبت الماضي، لكنها أرجعت السبب إلى "تفاعل أمراض صحية مزمنة مع الأحوال المناخية"، واللاجئون هم: "مصطفى عبد الكريم عبسه، خالد حسين المليص، أنس حسين الحسيكي، عثمان مرعي المليص".

ويأتي إعلان الجيش بعد دفن ثلاثة لاجئين بشكل مُتكتم وسريع قبل ظهر اليوم الثلاثاء، بعد وقت قصير على إدخال أربع جثث لسوريين تم توقيفهم صباح السبت الماضي إثر العملية الأمنية التي نفذها الجيش اللبناني في البلدة وتخللها مقتل طفلة سورية واحدة وخمسة انتحاريين وجرح سبعة عسكريين وتوقيف نحو 400 لاجئ.

وأكدت مصادر محلية في البلدة لـ"العربي الجديد" أن الأهالي فوجئوا بخبر دفن ثلاث جثث من أصل أربع تم نقلها إلى البلدة اليوم، بعد توافر معلومات عن وجود تسع جثث لسوريين في مستشفيات محافظة البقاع تعود خمس منها للانتحاريين والأربع الباقية للاجئين، يقول أهلهم إنهم "تم توقيفهم وهم على قيد الحياة خلال العملية الأمنية".

 وقالت المصادر إن الجثة الرابعة التي أُدخلت إلى عرسال "وهي مقطوعة الرأس تم نقلها إلى براد مستشفى الشفاء في البلدة".

وكان من المُفترض أن يتم تنسيق إدخال الجثث وتعرف الأهالي عليهم بين فعاليات البلدة وبين قيادة الجيش اللبناني، إلا أن عملية الدفن سبقت أي تنسيق، بحسب المصادر المحلية نفسها. 

وفي مؤشر على احتمال تسجيل وفيات إضافية في صفوف اللاجئين السوريين الموقوفين، قال بيان الجيش إن "باقي الموقوفين يخضعون حالياً لفحوصات للتأكد من عدم تناولهم عقاقير سامة تشكل خطراً على حياتهم". ​

تجدر الإشارة إلى تسجيل حالات وفيات مُتكررة في صفوف المواطنين والمُقيمين الذين يتم توقيفهم من قبل الجيش اللبناني، ومن أبرز الوفيات المواطن اللبناني نادر البيومي الذي سلّم نفسه إلى جهاز استخبارات الجيش في مدنية صيدا عام 2013 بعدما علم أنه مطلوب للاشتباه بضلوعه في أحداث عبرا بين مجموعة الشيخ الموقوف أحمد الأسير والجيش.

وفوجئ أهل البيومي بطلب الحضور لاستلام جثته التي ظهرت علامات التعذيب عليها بشكل واضح بعد أيام قليلة على تسليم نفسه. وقد أصدر المشفى العسكري المركزي في بيروت شهادة وفاة لبيومي "بسبب سكتة قلبية".

وتؤكد تقارير حقوقية دولية أن مُختلف قطع الجيش اللبناني، ومنها جهاز الاستخبارات، تنتهج التعذيب خلال التحقيق مع الموقوفين. 

                

في السياق نفسه، أسفر حريق ثانٍ اندلع فجر اليوم في مخيم للاجئين السوريين في منطقة البقاع شرقي لبنان عن وفاة طفلة وإصابة آخرين.

وقال اتحاد الجمعيات الإغاثية، وهو إحدى الجمعيات المعنية بمساعدة اللاجئين السوريين، إنّ الحريق أتى على معظم الخيم في مخيم تل السرحون على طريق دير زنون وعددها 250 خيمة، وأسفر عن وفاة طفلة واحتراق 25 خيمة، فيما قال الصليب الأحمر اللبناني، في تقريره عن الحادث، إنّ "الحريق أدى إلى وفاة طفلة وجرح سبعة أشخاص تم نقلهم إلى مستشفيات المنطقة".

وكان حريق قد وقع في مخيم بالقرب من بلدة قب إلياس بالبقاع الأوسط وسط لبنان لأسباب مجهولة خلف قتيلاً واحداً على الأقل ومصابين حالتهما حرجة.   

وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رياض سيف قد اجتمع مع ممثلين عن اللاجئين السوريين في مخيم عرسال اللبناني، عبر الإنترنت، لبحث "اعتداء الجيش اللبناني على مخيمات اللاجئين في المنطقة" وفق بيان صادر عن الائتلاف.

وأكد سيف في الاجتماع الذي شارك فيه نواب الرئيس والأمين العام وعدد من أعضاء الهيئة السياسية، أن الائتلاف الوطني سيتواصل مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وسيعمل مع الجانب اللبناني على إيجاد حل دائم للمسألة.

وأوضح عضو الهيئة التربوية في لبنان خالد رعد، أن اللاجئين يعيشون حالة من الرعب والتوتر الشديدة بعد الاقتحام العنيف الذي استخدم فيه الجيش اللبناني الرشاشات الثقيلة والقنابل، لافتاً إلى أنه سقط عدد من القتلى من اللاجئين بينما تم اعتقال نحو 400 آخرين.

المساهمون