بريطانيا: يوم برلماني حاسم في مصير "بريكست" وحكومة جونسون

03 سبتمبر 2019
بريطانيا قد تتجه نحو حل البرلمان والدعوة لانتخابات عامة(Getty)
+ الخط -
يشهد البرلمان البريطاني، اليوم الثلاثاء، أحد أكثر أيامه المصيرية، حيث يصوّت النواب على مشروع قانون يجبر الحكومة على تأجيل موعد "بريكست" المقرّر نهاية الشهر المقبل. وكان رئيس الوزراء بوريس جونسون قد رفض احتمال تأجيل "بريكست"، يوم أمس الأحد، ما يقود بريطانيا باتجاه حل البرلمان الحالي، والدعوة لانتخابات عامة.

ويعود النواب، اليوم الثلاثاء، إلى ويستمنستر في وقت يستعدّ نواب محافظون "متمردون" لدعم المعارضة في محاولة فرض إرجاء جديد لموعد "بريكست"، ومنع خروج من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي. ويُفترض أن يجري تصويت أول بشأن جدول "بريكست"، مساء الثلاثاء، في مجلس العموم. إذا كانت نتيجته سلبية بالنسبة للحكومة، يعتزم جونسون تقديم اقتراح بتنظيم انتخابات تشريعية، في 14 أكتوبر/تشرين الأول.

وألقى جونسون كلمة، مساء الإثنين، من أمام مقر رئاسة الوزراء، بعد اجتماعه بحكومته، مذكّراً الجميع بعزمه على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، باتفاق أو من دونه.

وبينما قال إنّه لا يريد التوجه إلى الانتخابات، حذر نواب حزبه (المحافظين) في اجتماع خاص تلا كلمته أمام الصحافيين من أنّهم، في حال صوّتوا، اليوم الثلاثاء، لصالح قانون المعارضة، فإنّه سيدعو لانتخابات عامة تقام يوم 14 أكتوبر/ تشرين الأول، والتي إن تمت، ستكون ثالث انتخابات في غضون خمس سنوات.

ونقلت صحيفة "ذا تايمز"، عن مصدر رفيع في الحزب الحاكم، قوله إنّ الحكومة ستقوم بطرح مشروع قانون على البرلمان، يجعل من موعد الانتخابات العامة 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بدلاً من الموعد الحالي في 5 مايو/ أيار 2022. وأضاف المصدر أنه في حال نجح النواب، اليوم الثلاثاء، في السيطرة على الأجندة البرلمانية، وتمرير تشريعات تمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، فإنّ جونسون لن يكون أمامه خيار سوى التوجه لانتخابات عامة.

وبينما تمتلك الحكومة البريطانية أغلبية صوت واحد فقط في البرلمان، يُنتظر أن يصوت نحو 17 نائباً محافظاً إلى جانب المعارضة، لاعتراضهم على خطة حكومة جونسون. ولم تفلح تهديداته بفصلهم من الحزب، ومنعهم من الترشح في الانتخابات المقبلة على قوائم المحافظين، في ردعهم.

وكانت صحيفة "ديلي تلغراف" قد كشفت، اليوم الثلاثاء، عن مراسلات حكومية تحمل اسم مستشار جونسون؛ دومينيك كمنغز، وتقول إنّ المفاوضات الجارية حالياً مع الاتحاد الأوروبي ليست سوى خدعة لإضاعة الوقت، وجزء من استراتيجية حكومية لتطبيق "بريكست" من دون اتفاق. إلا أنّ وزير الخارجية دومينيك راب، قال، لـ"بي بي سي"، اليوم الثلاثاء، إنّ مشروع القانون المطروح أمام البرلمان مساء اليوم "أمر غير مسؤول"، لأنه "يكسر العصا التي تستند إليها الحكومة في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أنّ المرونة الأوروبية الأخيرة سببها إدراك بروكسل لجدية استعداد بريطانيا للخروج من دون اتفاق.


ولكن وزير المالية السابق فيليب هاموند، والذي يقود التمرد على جونسون في حزب المحافظين، وصف تصريحات راب بأنها غير دقيقة، وقال: "لا يوجد أي تقدم في المفاوضات" بعد مرور 12 يوماً من مهلة 30 يوماً التي منحتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لجونسون. ونفى هاموند أن يكون ذلك مسؤولية متمردي المحافظين، مؤكداً أنّ حكومة جونسون لا تمتلك بدائل لخطة المساندة الأيرلندية التي تطالب بإزالتها من اتفاق "بريكست".

وفي ظل جو الاستقطاب وعدم اليقين الحالي، يوجد احتمال ألا ينجح المحافظون في الانتخابات المقبلة، وخصوصاً بسبب المنافسة الحادة التي يواجهونها على قواعدهم الشعبية من قبل حزبَي "بريكست" و"الديمقراطيين الليبراليين"، وهو ما سيجعل من عهد جونسون الأقصر في تاريخ بريطانيا، حيث يحمل الرقم القياسي حالياً رئيس الوزراء جورج كاننغ عند 119 يوماً فقط في الحكومة في عام 1827.

ومن جانبه، أكد "حزب العمال" استعداده للانتخابات العامة، ونيته دعمها، ولكن بعد ضمان أن تتم قبل موعد "بريكست"، كي لا يستخدم جونسون فترة حل البرلمان لإخراج بريطانيا من الاتحاد.

وعلى الرغم من أنّ قانون الانتخابات البريطاني يحدد موعد الانتخابات، والذي قد يكون في منتصف الشهر المقبل إن هزم مشروع جونسون هذا الأسبوع، فإنّه باستطاعة رئيس الوزراء تعديل موعده لاحقاً، ومن دون العودة إلى البرلمان. ولذلك سيسعى "العمال" لضمان دعم الجهود البرلمانية الحالية لوقف "بريكست" من دون اتفاق، قبل التوجه لصناديق الاقتراع.

ويشمل مشروع القانون المطروح على مجلس العموم، تأجيل موعد "بريكست" ثلاثة أشهر حتى نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل، ما لم يتم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بحلول موعد القمة الأوروبية المقبلة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول. وخلال فترة التمديد، يمكن لبريطانيا الخروج من الاتحاد إن تم التوصل لاتفاق مبكر.

وترك زعيم حزب "العمال" جيريمي كوربن، كل الخيارات مفتوحة بما فيها تقديم مذكرة حجب ثقة عن الحكومة. ويدعم كوربن تنظيم انتخابات تشريعية "ليقرر الناس مستقبلهم". عندها، سيقوم حزب العمال بحملة لإجراء استفتاء جديد بشأن الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي.

ويُرتقب خروج تظاهرات لصالح إجراء انتخابات مبكرة، اليوم الثلاثاء، أمام البرلمان.

قرار قضائي

وفي المحاكم معركة أخرى قضائية، حيث تواجه حكومة جونسون طعوناً عدة تهدف إلى منع تعليق البرلمان.

وتنظر أعلى محكمة مدنية في اسكتلندا، اليوم الثلاثاء، في الأسس الموضوعية لطلب قدّمه نواب مؤيدون لأوروبا من أجل الطعن في قرار تعليق البرلمان.

وحاول هؤلاء، الأسبوع الماضي، بحسب ما أوردته "فرانس برس"، منع التعليق لكنّ طعونهم المقدمة وفق آلية عاجلة رُفضت.

من جهتها، تنظر المحكمة العليا في أيرلندا الشمالية في طعن آخر، قدّمه بشكل طارئ الناشط في مجال حقوق الإنسان ريمون ماكور.

والخميس، ستتناول جلسة في لندن شكوى قدّمتها سيدة الأعمال والناشطة المعارضة لـ"بريكست" جينا ميلر ودعمها رئيس الوزراء السابق المحافظ جون ميجور. وفازت جينا ميلر عام 2017 في معركة قضائية لإرغام الحكومة التي كانت تترأسها تيريزا ماي، على استشارة البرلمان في ما يخصّ آلية الانسحاب.