"داعش" يخسر معظم مناطق سيطرته في سورية... وروسيا وأميركا توزعان تركته

21 أكتوبر 2017
دور سعودي رئيسي في إعادة إعمار الرقة(بولنت كيليس/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن محاربة تنظيم "داعش" في كل من الرقة ودير الزور تسير، حتى الآن، كما هو متفاهم عليه بين اللاعبين الدوليين الرئيسيين في الملف السوري، إذ يتقدم النظام غرب وجنوب نهر الفرات، مدعوماً من المليشيات الموالية، بالتزامن مع تقدم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) و"مجلس دير الزور العسكري" شرق وشمال نهر الفرات، بدعم من التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، وإن وقعت بعض الخروقات من قبل قوات النظام، إلا أنها لا تعتبر خرقاً للتفاهمات المترجمة على الأرض.

وقال ابن دير الزور، الإعلامي عمر أبو ليلي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قسد سيطرت على كامل الريف الغربي لدير الزور، وهي اليوم على مشارف مدينة دير الزور، وقد توغلت في الريف الشرقي للدير، وسيطرت على بلدات رويشد وشهيل وعناد، ووصلت إلى ناحية الصور الواقعة على نهر الخابور، لتعود وتتجه شمالاً بمحاذاة النهر باتجاه ناحية مركدة التي لا يفصلها عنها أكثر من كيلومتر واحد". ولفت إلى أنه "من المرجح أن تكون قسد تهدف إلى السيطرة على الريف الشرقي الملاصق لريف الحسكة الجنوبي، قبل أن تتوجه جنوب الصور باتجاه ناحية البصيرة، ومن ثم متابعة التقدم باتجاه ريف البوكمال في مناطق شمال شرق نهر الفرات".

ورأى خليل أن "قطع النظام لنهر الفرات، ووصوله إلى ناحية ذيبان وبعض النقاط المحيطة بها، لا يعد خرقاً كبيراً للتفاهمات الروسية الأميركية، وقد يكون في إطار تحصين مواقعه في مدينة الميادين، في ظل تأخر تقدم قسد في الريف الشرقي الموازي للنهر، وذلك بسبب اتساع المساحة الموكل لها السيطرة عليها وكثافتها السكانية، في حين تعد المناطق الموكلة للنظام أسهل، إضافة إلى أنه غالباً ما يدخل البلدات بعد انسحاب عناصر داعش منها". واستدرك "أما في حال تقدمت القوات النظامية باتجاه حقل العمر النفطي، وهو أحد أهم حقول النفط في دير الزور، والذي يبعد عن ذيبان نحو 7 كيلومترات، يكون النظام قد نفذ رغبة داعش بقطع الطريق أمام قسد والأميركيين للتوجه إلى ريف البوكمال، إضافة إلى حرمانهم من حقل العمر وحقل التنك بالقرب من البوكمال، وهذا ما لا أعتقد أن التحالف سيقبل به. إذ يمكن أن يتم الضغط على النظام لتسليم مناطق شمال وشرق النهر إلى قوات سورية الديمقراطية، كما تم في الحسينية، مقابل مدينة دير الزور، إن صح قصف التحالف لها كما تم تناقل المعلومات، والأيام القليلة المقبلة ستوضح الأمور أكثر".

ولفت إلى أن "النظام يقصف، منذ أسبوع، شحيل والحوايج وذيبان، الخالية أصلاً من المدنيين ومن مقاتلي داعش، في حين لم يتم توثيق مقتل أي مقاتل من التنظيم منذ بداية شهر سبتمبر/ أيلول. كما أن النظام منذ أعلن سيطرته على الميادين لم يقدم لنا صوراً لكثير من أحياء وشوارع المدينة الرئيسية، وهو كثيراً ما يعلن السيطرة على مناطق قبل أن يصلها، مستغلاً خلو تلك المناطق من المدنيين". ورجح أن "يكون التنظيم يخطط لتسليم النظام ما تبقى من ريف دير الزور قاطعاً الطريق على قسد والأميركيين، والانسحاب إلى البادية السورية، خصوصاً منطقة الجبال التدمرية وسط الصحراء". وأوضح أن "البادية هي ملعب التنظيم، حيث يتقن القتال والعيش فيها، خصوصاً أنه جاء منها في الأصل، ومنها يمكن أن يوجه العديد من الضربات في العديد من المناطق بسهولة، خصوصاً أنه كسر أخيراً حصاره في دير الزور بعد أن أعاد سيطرته على منطقة الوعر وسرية الوعر على الحدود السورية العراقية، جراء إرساله عدة مفخخات إلى نقاط المليشيات التابعة للنظام والمتمركزة في المنطقة. وتعتبر الوعر المجاورة لريف البوكمال بوابة البادية بالنسبة إلى التنظيم".


وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس الجمعة، أن نحو 92.6 في المائة من الأراضي السورية قد تحررت من مسلحي تنظيم "داعش". وفي تصريح مبطن عن أن القوات الروسية لن تغادر سورية، أعلن رئيس لجنة الدفاع النيابية في مجلس الدوما، الجنرال فلاديمير شامانوف، أنه "بعد انتهاء العمليات العسكرية في سورية، ستكون هناك حاجة إلى شن عمليات خاصة قد تستمر لفترة طويلة، من أجل تطهير هذا البلد من فلول الإرهابيين. سيحاول الكثيرون منهم حلق لحاهم، كثيرون سيحاولون الانضواء في الإدارة، وكثيرون أيضاً سيحاولون التغلغل داخل هيئات الحكم الذاتي المحلي. ومكافحة هذه المحاولات عملية طويلة".

وفي الرقة، يبدو أنه تم حسم موضوع تقاسم السيطرة، فقد أعلنت "قسد" رسمياً السيطرة على المدينة بشكل كامل، إضافة إلى أريافها الغربي والشرقي والشمالي، الواقعة شرق وشمال نهر الفرات، في حين سيطر النظام على الريف الجنوبي للرقة باستثناء منطقة مدينة الطبقة وسد الفرات ومناطق في محيطهما، تمتد إلى الهورة والمنصورة وطرف النهر المقابل لمدينة الرقة. ولا توجد معلومات مؤكدة حول مصير هذه المناطق في المستقبل القريب، إن كانت ستبقى تحت سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، أو تسلم إلى النظام بما أنها جنوب النهر. وتنحصر مناطق سيطرة تنظيم "داعش" اليوم شرق نهر الخابور وناحية مركدة وصولاً إلى الحدود السورية العراقية، وهي الزاوية الشرقية الجنوبية من محافظة الحسكة. كما تمتد سيطرته في الريف الشرقي لدير الزور الملاصق لريف الحسكة، في شرق الخابور وصولاً إلى البوكمال، إضافة إلى مثلث التقاء نهر الخابور مع نهر الفرات، جنوب شرق خشام، على الضفة الشمالية الشرقية للفرات. كما يسيطر التنظيم على جزء من الريف الجنوبي لدير الزور، والممتد من جنوب البوكمال وصولاً إلى المحطة الثانية، إلى هريبشة وكباجب والشولة على طريق السخنة دير الزور، متابعاً إلى حميمة ومحيط السخنة والطيبة وقصر الحيرة الشرقي في ريف حمص الشرقي، والتي تشكل عمق البادية السورية. ولا يزال "داعش" يحتفظ ببعض الجيوب له، وإن كانت محاصرة وليست ذات مساحة جغرافية مؤثرة، في عدد من البلدات في ريف عقيربات، إضافة إلى جيب صغير في مناطق المعارضة، في بلدات مريجب الجملان والنفيلة والشاكوسية ودوش وحسرات في ريف حماة الشرقي، وبلدة القريتين وعدة نقاط في محيطها بريف حمص الشرقي، وجيب صغير أيضاً في جنوب العاصمة دمشق في منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك وفلسطين والتضامن، إضافة إلى منطقة وادي اليرموك في أقصى الجنوب السوري على المثلث السوري الأردني والأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل، حيث يسيطر "جيش خالد بن الوليد"، المبايع لتنظيم "داعش"، منذ سنوات.

ورأى مصدر معارض، طلب عدم الكشف عن هويته، أن "تقاسم تركة داعش قد ينسحب على العديد من القضايا السياسية وإعادة الإعمار، إذ ستكون كل من روسيا وأميركا وصيتين على تنظيم شؤون تلك المناطق، إدارياً ومدنياً، عبر المجالس المحلية المشكلة فيها، كما ستكون لكل منهما الحصة الأكبر في إعادة إعمار تلك المناطق واستثمار ثرواتها، وهذا بدا واضحاً من إعلان الأميركيين تصديهم لإعادة الخدمات إلى مدينة الرقة، والحديث عن دور سعودي رئيسي في إعادة إعمارها، واللقاءات التي تمت مع المجلس المدني لمدينة الرقة في بلدة عين عيسى مع مسؤولين أميركيين وسعوديين في السياق ذاته". وقال "هذا ليس ببعيد عن بدء الروس استثمار بعض الحقول في البادية الخاضعة لسيطرتهم، وتوقيع اتفاقيات مع النظام للبدء بإعادة إعمار البنية التحتية. وبالطبع حصة إيران والصين ظاهرة كذلك، بالرغم من تصريحات الغرب حول ربط ملف إعادة الإعمار بالوصول إلى حل سياسي". إلا أن المصدر رأى أن "مسألة الحل السياسي ستأتي تباعاً بحسب التصور الروسي الأميركي، خصوصاً أن الأخير صرح بأن ما يهمه هو القضاء على داعش بغض النظر على يد من ستتم العملية. وهنا يظهر أن الحل السياسي مؤجل إلى ما بعد داعش، إلا أن الدول المنخرطة في الحرب السورية قد استنزفت وتستعجل جني أرباح الحرب". يشار إلى أن قيادات في "قسد" تؤكد دائماً أن مهمتها هي قتال "داعش" في مناطق شمال وشرق نهر الفرات، وأنها ستتجنب أي صدام مع النظام تلبية لرغبة أميركا وروسيا، مع احتفاظها بحق الرد إن تعرضت إلى اعتداء من قبل قوات النظام.