المعارضة السورية تبدأ التنفيذ العملي لاتفاق إدلب

07 أكتوبر 2018
قيادي معارض: "تحرير الشام" سحبت أيضاً أسلحتها(فرانس برس)
+ الخط -
مع اقتراب استحقاق تثبيت المنطقة العازلة في محيط سيطرة قوات المعارضة في الشمال السوري، في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأوّل الجاري، تطبيقاً للاتفاق الروسي ــ التركي الأخير حول إدلب، تشير معطيات على الأرض إلى أنّ فصائل المعارضة بدأت بالفعل اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، سحب سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة المفترضة. ويأتي ذلك في وقت سُجّلت زيادة في التوتر واشتباكات دامية بين "هيئة تحرير الشام" (وجبهة النصرة عمودها الفقري) و"الجبهة الوطنية للتحرير" (تجمع الفصائل المعارضة).

وأفادت مصادر ميدانية تحدّثت لـ"العربي الجديد"، بأنّ "فصائل المعارضة السورية باشرت منذ يوم الجمعة سحب سلاحها الثقيل من المنطقة المفترضة التي ستكون منزوعة السلاح في محيط سيطرة تلك الفصائل في الشمال السوري"، وذلك تنفيذاً لاتفاق سوتشي. وأوضح قيادي في المعارضة، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّه "تمّ سحب قاذفات الصواريخ، والمدافع الميدانية والعربات المدفعية، وكشف في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "هيئة تحرير الشام" سحبت هي الأخرى أسلحتها الثقيلة من المنطقة، معتبراً أنّها "افتعلت مشكلة في ريف حلب الغربي الجمعة لإشغال الشارع السوري المعارض، والتغطية على انسحابها من المنطقة منزوعة السلاح". كما أشار إلى "وجود انقسامات داخل الهيئة بهذا الشأن".

من جانبه، قال النقيب عبد السلام عبد الرزاق، القيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير" لـ"العربي الجديد"، إنّه في "ريف حلب الغربي وأغلب جبهات المناطق المحررة، ليس هناك سلاح ثقيل على خطوط التماس أو في خطوط الدفاع الأولى، إنّما في الخطوط الدفاعية الخلفية"، مضيفاً "بدأ تنفيذ الاتفاق، ونحن لم يكلفنا أي عناء للأسباب التي ذكرتها".

وفي السياق ذاته، قال العقيد فاتح حسون، القيادي في "الجيش السوري الحرّ" لـ"العربي الجديد"، إنّ "تطبيق اتفاق سوتشي يمضي قدماً، حيث انسحب عدد من الجماعات المصنفة متطرفة من المنطقة منزوعة السلاح، وتمّ البدء بسحب السلاح الثقيل إلى خارج المنطقة باتجاه الداخل، مع وجود تيارات ضمن المنظمات المصنفة متطرفة، تحاول أن لا تطبق الاتفاق". وأضاف "لكنه في المحصلة، سيمضي لأسباب كثيرة، أهمّها موافقة الأهالي عليه وإصرار الجانب التركي على تطبيقه بالتوافق مع الفصائل المعتدلة".

وحول مدى صحّة ما تردّد من أنباء عن طلب تركيا بيانات مفصّلة من الفصائل بشأن العناصر والعتاد في إدلب والمناطق الأخرى، قال العقيد حسون: "نعم، فتقديم هذه البيانات ليس بالبدعة ولا المستهجن، وهو معمول به منذ عام 2012 من قبل الفصائل المنظمّة، وكانت ترفعه لرئاسة أركان الجيش الحر"، مضيفاً أنّ "تركيا لديها هذه البيانات المحدّثة دورياً، كجهة داعمة مشرفة على العديد من الفصائل العسكرية الثورية العاملة في مناطق تواجد قواتها العسكرية". وعمّا إذا كان للأمر علاقة بتطبيق اتفاق سوتشي، قال "كل الأمور التنظيمية والإدارية والميدانية مرتبطة ببعضها البعض، والبيانات المتعلّقة بها تستخدم في أكثر من مجال".

وينصّ اتفاق سوتشي على إنشاء منطقة آمنة ستكون ما بين 15 و25 كيلومتراً على الحدود الفاصلة بين إدلب ومناطق النظام، وستكون خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء المعارضة "المعتدلة" فيها واحتفاظها بالسلاح الخفيف، وطرد المتطرفين من المنطقة، إضافة إلى فتح الطريقين الدوليين حلب - حماة، وحلب - اللاذقية قبل نهاية العام الحالي.

وكانت "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تضم أكبر فصائل "الجيش السوري الحرّ" في شمال غرب سورية، قد قالت منذ أيام إنها أبلغت أنقرة برفضها لأي وجود للجيش الروسي ضمن المنطقة العازلة التي تم الاتفاق على إنشائها في قمة سوتشي.

في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أمس السبت، إنّ "جميع الاتفاقات الخاصة بإدلب السورية، هدفها الرئيسي هو القضاء على بؤرة الإرهابيين، وتدمير المسلحين الذين لا يلقون أسلحتهم هناك"، مشيراً في حديث صحافي إلى أن بلاده "تأمل في أن يتم تنفيذ هذه الاتفاقات بحذافيرها". وشدّد بوغدانوف على أنّ "اتفاقيات إدلب مؤقتة"، وهدفها "استعادة وحدة وسيادة الدولة السورية".

في غضون ذلك، استؤنفت المعارك بين الفصائل المسلحة في الشمال السوري، وتحديداً بين "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير". وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إنّ "هيئة تحرير الشام" سيطرت أمس السبت، على قرية ميزناز غرب مدينة حلب وأخرجت منها "الجبهة الوطنية للتحرير"، بعد مواجهات بين الطرفين أدّت إلى مقتل قيادي من الأخيرة، وهو عبدالله رماح، قائد "لواء شهداء الأتارب".

وأشارت المصادر إلى انقطاع طرق عدة جراء الاشتباكات، بينها طريق الأتارب ــ معارة كفرنوران غرب حلب، وهو الطريق الرئيسي للإمداد العسكري في المنطقة، موضحةً أنه تم استخدام الأسلحة الثقيلة في الاشتباكات التي دارت في محيط بلدة ميزنار قبل أن تتمكّن "هيئة تحرير الشام" من السيطرة عليها. وتسود أجواء توتر بين الجانبين منذ أيام، على الرغم من اتفاقهما، أمس الأول، على إزالة الحواجز في المنطقة.

وكان قد قتل يوم الجمعة طفلان ومدني آخر، خلال اشتباكات بين "الهيئة" و"جبهة التحرير" وتحديداً حركة "نور الدين الزنكي" في قرية كفر حلب بريف حلب الغربي، وذلك إثر محاولة "تحرير الشام" اقتحام القرية، حيث أطلق عناصرها الرصاص على تظاهرة خرجت لمنعهم من البقاء في كفر حلب. وبررت "الهيئة" ما حصل بالقول إنّها كانت تريد اعتقال أشخاص تصفهم بـ"المفسدين"، في حين برّرت منابر أخرى تابعة لـ"الهيئة" أيضاً الهجوم على القرية، بالقول إنه استهداف لخلايا مصالحات تابعة للنظام. وتبع ذلك الوصول إلى اتفاق بين "الهيئة" والمجلس المحلي في كفر حلب يقضي بخروج عناصر "نور الدين الزنكي" المحاصرين من القرية نحو الأتارب.

وأمس، قال المكتب الإعلامي في "جبهة تحرير سورية" إنّ "الهيئة" نقضت الاتفاق في ريف حلب بعد مبادرة طرحتها شخصيات للصلح، حيث بدأت الهجوم في الساعة السادسة من صباح أمس، وبشكل مفاجئ، على بلدة ميزنار". وأفاد ناشطون بأنّه إضافة إلى مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفلان، فقد أسفرت الاشتباكات منذ يوم الجمعة عن مقتل 3 عناصر من "هيئة تحرير الشام" ومثلهم من "الجبهة الوطنية للتحرير"، فيما دفعت الأخيرة بأرتال عدة تحمل العشرات من عناصرها من ريف عفرين وريف حلب الشمالي الشرقي، إلى القطاع الغربي من ريف حلب.

وقبل أيام، أعلن الجانبان عن التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف فوري لكل أشكال التصعيد بينهما، وذلك بعد مقتل عنصرين من "الجبهة" قرب بلدة الهبيط جنوبي إدلب بإطلاق نار من قبل مجهولين، ليتبين لاحقاً أنهم من "تحرير الشام". ونصّ الاتفاق على تسليم عناصر "الهيئة" المتورطين بالقتل إلى "جبهة أنصار الدين" باعتبارها ضامناً لتنفيذ الاتفاق. وتتكرّر الاشتباكات في بلدات ريف حلب الغربي التي تشارك فيها "تحرير الشام" مع فصائل أخرى، خصوصاً مع حركة "نور الدين الزنكي" التي تسيطر على مساحات واسعة في المنطقة، وانضمت إلى "الجبهة الوطنية للتحرير" أخيراً.

إلى ذلك، سيطرت "الجبهة الوطنية لتحرير سورية" على جبل الشيخ حسين، بريف حلب الغربي، وذلك في تنفيذ لتهديدات أحد قادتها، ويدعى توفيق شهاب الدين، الذي قال في تسجيل صوتي له أخيراً إنه "إن لم تخرج هيئة تحرير الشام من كفر حلب، فسنقوم بتوسيع المعركة لتشمل كامل الرقعة المحررة، وسنعتقل عناصر الهيئة حتى تتوقف عن بغيها وقتالها الفصائل".

من جهة أخرى، هزّ انفجار قوي مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، أمس السبت، تبعته حرائق عدة في المنطقة الصناعية بالمدينة. وقال ناشطون إن سيارة مفخخة انفجرت وسط المدنيين في المنطقة، ما تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى.

وفي سياق متصل، وفيما عثر أفراد من الدفاع المدني على جثة عنصر من "هيئة تحرير الشام" ملقاة على الأرض قرب بلدة كفرعميم شرقي محافظة إدلب، حيث قتل رمياً بالرصاص، قتل عنصر من "الجبهة الوطنية للتحرير" وجرح مدني جراء قصف وإطلاق نار لقوات النظام السوري شمال مدينة حماة وسط سورية.

المساهمون