اتساع مظاهر الإضراب في العراق... وتعزيزات إضافية لحماية القنصلية الإيرانية في كربلاء
فيما تتسع دائرة التظاهرات في بغداد والجنوب العراقي، ويتصاعد حجم الإضراب، خاصة في ذي قار وواسط ورصافة بغداد، حاصر متظاهرون ليلة أمس محيط القنصلية الإيرانية في كربلاء وأنزلوا العلم الإيراني وأحرقوه ورفعوا العلم العراقي على سورها الخارجي مع إلقاء قنابل حارقة باتجاه القنصلية.
وتدخلت قوات عراقية خاصة لتفرق المتظاهرين الغاضبين الذين رددوا شعارات مناوئة للتدخل الإيراني من قبيل "إيران بره بره، كربلا تبقى حرة".
وقام متظاهرون، فجر الاثنين، بقطع طرق رئيسية وساحات وجسور، في بغداد ومدن الجنوب، استجابة لدعوات الإضراب العام التي أطلقت في ساحات التظاهر بهدف الضغط على الحكومة لتحقيق مطالب المتظاهرين.
وقالت مصادر بشرطة المحافظة إن قوات الأمن فرضت إجراءات أمنية مشددة في المدينة، وخصوصا في الطرق المؤدية إلى مبنى القنصلية الإيرانية في المدينة، بعد تظاهر المئات ليلة الأحد– الاثنين أمام القنصلية، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أن بعض طرق كربلاء قطعت أيضاً من قبل محتجين غاضبين، كما شهدت المدينة عزوف الطلبة عن الدوام استجابة لدعوات الإضراب.
وتتضارب حتى الآن حصيلة عملية تفريق المتظاهرين في كربلاء من قبل قوات الأمن العراقية، ففي الوقت الذي تتحدث فيه مصادر أمنية عراقية عن قتيل وسبعة جرحى من المتظاهرين، نقلت وسائل إعلام محلية عراقية، عن مصادر لم تسمها، مقتل ثلاثة متظاهرين وجرح 12 آخرين، مشيرة إلى أن المتظاهرين حاولوا الدخول إلى مبنى القنصلية الإيرانية في كربلاء وأن بعض المصابين في حالات خطرة.
حصلية مفوضية حقوق الإنسان
وفي السياق، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، اليوم الاثنين، في أول تأكيد رسمي على حصيلة ضحايا القنصلية الإيرانية في كربلاء، مقتل ثلاثة متظاهرين وإصابة 12 آخرين، خلال استخدام القوات العراقية الرصاص الحي لتفريق محتجين تجمعوا أمام مقر القنصلية الإيرانية في كربلاء، ليلة الأحد–الاثنين.
وقالت المفوضية، في بيان، إنها "تراقب من خلال فرقها الرصدية الأحداث التي جرت في كربلاء منذ مساء يوم الأحد، والتي نتج عنها صدام بين القوات الأمنية والمتظاهرين الذين حاولوا دخول القنصلية الايرانية، مؤكدة أن الصدامات أسفرت عن مقتل ثلاثة متظاهرين وإصابة 12 آخرين.
وأضافت "ندين استمرار سقوط الشهداء والمصابين"، داعية القوات العراقية إلى الالتزام التام بتطبيق معايير الاشتباك الآمن وعدم استخدام الرصاص الحي وإحالة الأشخاص الذين قاموا بإطلاق النار المباشر ضد المتظاهرين للتحقيق.
وطالبت المفوضية كافة المتظاهرين بالبقاء في الأماكن المخصصة للتظاهرات وديمومة تظاهراتهم السلمية وعدم تعريض المباني الدبلوماسية للخطر.
واليوم الاثنين، أغلق محتجون طرقاً رئيسية، أغلبها في جانب الرصافة من بغداد، وطرقا أخرى في جانب الكرخ.
وقالت، مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ أبرز الطرق التي أُغلقت هي طريقا الدورة ومحمد القاسم السريعان، اللذان يعدان من أهم طرق العاصمة، فضلاً عن إغلاق جميع مداخل ومخارج منطقة الزعفرانية وأبو دشير ببغداد.
وأوضحت المصادر أنّ محتجين أغلقوا أيضاً جسر حي البنوك شمالي العاصمة، والجسر الرئيس في منطقة الميكانيك جنوبها، وجسر 14 تموز، وساحة عدن في مدينة الكاظمية، والساحة الرئيسية في حي البلديات، وساحة بيروت، كما قام العشرات من شباب مدينة الشعلة شمال غربي بغداد بالاستلقاء في الشوارع الرئيسية بهدف منع الحركة وإيصال رسائلهم إلى الحكومة.
وذكرت المصادر أنّ عدداً من مدارس وجامعات وكليات بغداد أضرب عن العمل، وأن موظفي وزارة العلوم والتكنولوجيا ومؤسسات أخرى استجابوا لدعوات الإضراب.
وفي مدينة الديوانية (مركز محافظة القادسية)، جنوبي البلاد، لم يكتف المتظاهرون بقطع الطرق والجسور، بل قاموا بإغلاق عدد من المؤسسات والمباني، أبرزها المبنى القديم للمحافظة ومؤسسة الشهداء ومديرية التربية وأغلب المدارس الموجودة في المدينة.
كما شهدت محافظة واسط جنوباً إضراباً شمل قطع أغلب جسورها وطرقها، وأُغلقت المدارس والكليات، بينما تجمع المئات أمام المؤسسات الرئيسية فيها للحيلولة دون استئناف الدوام.
وفي البصرة (أقصى جنوب العراق)، استمرت الاعتصامات بالقرب من المنشآت النفطية، ومنع متظاهرون الموظفين من الوصول الى حقلي نفط "القرنة 1" و"القرنة 2".
في الأثناء، توافد، صباح الاثنين، آلاف المتظاهرين إلى ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية التي تمثل المكان الرئيس للاعتصام والاحتجاج في محافظة ذي قار، داعين إلى تطبيق الإضراب العام في المحافظة، كما شهدت محافظات جنوبية أخرى كالمثنى وبابل والنجف وميسان توافدا لآلاف المحتجين للمشاركة في التظاهرات والاعتصامات.
في غضون ذلك، اتهم زعيم مليشيا "العصائب"، قيس الخزعلي ما وصفه بإحدى الرئاسات الثلاث (رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية) بالمشاركة فيما وصفه بـ"مؤامرة الفوضى" (في إشارة للاحتجاجات).
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الخزعلي قوله إن ثلاثة أطراف تشترك في مشروع يهدف إلى إحداث فتنة وفوضى في العراق، موضحاً أن الطرف الأول يتمثل بأميركا وإسرائيل، والثاني من بعض الدول الخليجية وخصوصا الإمارات، والثالث داخلي يتمثل بإحدى الرئاسات الثلاث، وأحد أهم قادة الأجهزة الأمنية.
وبين أنّ الأطراف الثلاثة المذكورة تعمل من أجل تجنيد أطراف أخرى محلية تقوم بتنفيذ أجندتها بالاستفادة من ثلاث جهات، التي هي بحسب قوله "العملاء المحليون الذين يتمتعون بخبرات عسكرية من أجل تجنيد المخربين، والجهة الثانية التي تضم أشخاصا ينتمون لحركات منحرفة، والجهة الثالثة هم الأشخاص الذين ما زالوا ينتمون إلى حزب البعث".
إلى ذلك، حذر المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة (عادل عبد المهدي) عبد الكريم خلف، من احتمال انهيار جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، والذي يتجمع المتظاهرون في الجانب الشرقي منه، موضحا، في تصريح نقله التلفزيون الرسمي، أن حرق وتدمير الوسادات المطاطية لجسر الجمهورية أدى إلى حدوث خلل في جسم الجسر قد يؤدي إلى انهياره.
من جهته، أفتى المرجع الديني العراقي قاسم الطائي بحرمة استخدام الأسلحة الممنوعة وقنابل الغاز المسيل للدموع، التي تؤدي إلى قتل المتظاهر، أو شل الجهاز العصبي.