قانون الجمعيات الأهلية... عيّنة عن مخالفات البرلمان المصري

10 فبراير 2017
عبدالعال مستقبلاً السيسي أمام البرلمان المصري في فبراير الماضي(Getty)
+ الخط -
يمارس النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، والكتل النيابية الموالية له، ممثلة برئيس البرلمان، علي عبدالعال، وائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، مخالفات دستورية تترجم بدأب مجلس النواب على الانعقاد، في الفترة الأخيرة، من دون اكتمال النصاب القانوني، وتمرير قرارات وقوانين يشوبها البطلان بسبب الغياب الدائم لأعضائه عن الجلسات. بالإضافة إلى ذلك، انتهك البرلمان الدستور في مناسبات عدة، منها على سبيل المثال: عدم تنفيذ حكم قضائي، واجب النفاذ، يقضي ببطلان عضوية النائب، أحمد مرتضى منصور؛ وعدم تقديم النواب إقرارات الذمة المالية الخاصة بهم، أو إصدار قانون للعدالة الانتقالية، أو عرض اتفاق قرض صندوق النقد الدولي.

ولم يكتف هذا المجلس بقرارات تمديد حالة الطوارئ بشمال سيناء إلى "ما لا نهاية"، والتمهيد لإسقاط عضوية النائب، محمد أنور السادات، بعد كشفه موازنة البرلمان "السرية" ووقائع إهدار مئات الملايين من أموال المصريين على شراء السيارات الجديدة وتخصيصها كمكافآت وبدلات للنواب، بل أخفى قانون الجمعيات الأهلية الذي أقره المجلس منذ أكثر من شهرين كاملين، وفق مصادر مصرية.

واعترضت منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية وأطراف حقوقية على نصوص القانون المُعد من الأجهزة الاستخباراتية، والذي مُرر بواسطة ائتلاف الأغلبية في البرلمان المصري. وسبب رفض هذه الأطراف القانون يعود إلى نصوصه التي تُقيّد عمل منظمات العمل الأهلي، من خلال إنشاء جهاز يغلب على تشكيله الطابع الأمني، لمراقبة أنشطتها ومصادر تمويلها في إطار تقويض العمل المدني والحقوقي في مصر. وأقر البرلمان القانون بصفة نهائية، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أن السيسي لم يُصادق عليه إلى الآن، ولم يُنشر في الجريدة الرسمية، وهو ما يشكل مخالفة لنصوص الدستور التي منحت رئيس الجمهورية حق الاعتراض على أي قانون خلال ثلاثين يوماً من موافقة المجلس النيابي عليه، في وقت تضاربت فيه التصريحات حول إرسال عبدالعال القانون من عدمه إلى مؤسسة الرئاسة.


إخفاء القانون من قبل أذرع النظام جاء عقب انتقادات وجهتها دول الغرب على نصوصه التي تفرض عقوبات سالبة للحرية على الجمعيات القائمة، وذلك بحبس مسؤوليها مدة خمس سنوات، وبفرض غرامات مالية تصل إلى مليون جنيه (ما يقارب نحو 55 ألف دولار)، حال إجرائها استطلاعات رأي أو بحوثاً ميدانية، أو تعاونها بأي شكل مع منظمات دولية، دون الحصول على الموافقات اللازمة.

وفي رده على مطالبة إحدى المشاركات بمؤتمر الشباب الأول، بتعديل القانون، قال السيسي إن "مشروع القانون في البرلمان، ولا يستطيع التدخل فيه". وبعد ذلك، تمت مراجعة رئيس البرلمان، عبدالعال، حول إرسال القانون إلى الرئاسة، لكنه رد بأنه لم يُرسله بعد، علماً بأن تاريخ الواقعة يعود إلى 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي عقب تمرير القانون (في نوفمبر/تشرين الثاني 2016) وإعلان رئيس البرلمان عن إرساله إلى الرئاسة. ونصت مواد الدستور المصري واللائحة المنظمة للبرلمان على أن عدم رد رئيس الجمهورية على مشروع القانون في المدة المُحددة، يجعل القانون سارياً ويُنشر في الجريدة الرسمية. إلا أن الغموض لا يزال سيد الموقف حول القانون، الذي تساءل عدد من النواب في طلبات مقدمة إلى عبدالعال عن مصيره، من دون تلقي إجابة.

ووجه السيسي، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، خلال لقائه ممثلين عن جمعيات أهلية، بتشكيل مجموعات عمل تضم الوزارات المعنية، لوضع توصيات حول سبل تعزيز التعاون القائم بين الحكومة ومنظمات العمل الأهلي، وطرح صيغ جديدة للتعاون من أجل تنفيذ مشاريع مشتركة. وطلب السيسي عرض التوصيات عليه خلال ثلاثة أسابيع، وهو ما لم يحدث. وفي اجتماع للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، يوم الاثنين الماضي، مع ممثلين عن منظمات غير حكومية، قال رئيس اللجنة، علاء عابد، إن اللجنة تبحث إعداد تشريع جديد يساعد منظمات المجتمع المدني في الحصول على التمويل الأجنبي، بشرط أن يكون تحت رقابة الدولة وبما ينسجم مع "مصلحة الوطن"، وفق تعبيره، دون الإشارة إلى القانون المُختفي في أدراج السلطة.