بالمقابل، فإنّ عمليات الاعتقال والرمي العشوائي ما زالت تخيم على تظاهرات الجنوب، ما أدى إلى سقوط ضحايا جدد في البصرة وذي قار وواسط وميسان.
وقالت مصادر محلية في محافظة ذي قار، إنّ 3 متظاهرين قُتلوا وأُصيب 19 آخرون بنيران قوات حماية وأقارب رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة جبار الموسوي. وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، أنّ حماية وعناصر من عشيرة الموسوي، أطلقوا النار على المتظاهرين الذين دخلوا المقر، ما أدى إلى مقتل وإصابة 22 من المحتجين.
وبينت المصادر أنّ ذلك تسبب باقتحام عشرات المتظاهرين للمبنى وإحراقه بشكل كامل، مضيفة "بعد ذلك توجه المحتجون إلى منزل محافظ ذي قار في مدينة الناصرية وقاموا بإحراقه".
ولفتت إلى أنّ المتظاهرين رددوا شعارات مطالبة بإقالة الحكومتين المحلية والاتحادية، ومحاسبة الضباط والمسؤولين المتورطين بقتل المتظاهرين.
ودعا متظاهرو ذي قار السكان هناك إلى المشاركة في عصيان مدني يبدأ، منذ يوم غد الأحد، يتضمن قطع الطرق والجسور وإغلاق جميع المؤسسات الحكومية باستثناء الخدمية، وذلك لحين إجراء التغيير الشامل في المنظومة السياسية.
وعلى الرغم من حظر التجوال في البصرة، والتهديدات التي أطلقها قائد الشرطة رشيد فليح ضد المحتجين، إلا أنّ عشرات المتظاهرين تمكنوا من التسلل من خلال طرق فرعية إلى مناطق قريبة من مبنى الحكومة المحلية، قبل أن تقوم قوات الأمن بتفريقهم من خلال إطلاق الرصاص الحي، بعد ذلك شهدت البصرة حملة اعتقالات طاولت عددا من المشاركين في التظاهرات.
وفي بغداد، تمكن متظاهرو ساحة التحرير وسط بغداد من إزالة الحاجز الأول على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء.
وبحسب أحد الناشطين في احتجاجات بغداد، فإنّ القوات العراقية أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهرين، الذين أطلقوا مناشدات لوقف عملية القمع التي تسببت بإصابة العشرات، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ أعداد المتظاهرين تزايدت بشكل كبير مع حلول المساء.
وعبرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس باسخارت، عن أسفها لسقوط المزيد من الخسائر في الأرواح، وحدوث إصابات بين صفوف المتظاهرين في مختلف المحافظات العراقية، مؤكدة، في بيان، أنّه "لا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تهدد استقرار العراق".
وأشارت إلى قلقها "من محاولة هذه الكيانات تهديد استقرار العراق ووحدته، والنيل من حق المواطنين في التجمع السلمي لعرض مطالبهم المشروعة"، في إشارة إلى مشاركة مليشيات مدعومة من الحكومة العراقية في قمع الاحتجاجات.
ولفتت إلى أنّ "العراق قطع شوطاً طويلاً ولن يتحمل الانزلاق إلى دائرة العنف من جديد"، مضيفة "لا تزال القيود مفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنّ خدمة الإنترنت متقطعة"، داعية القادة العراقيين إلى "عدم الاكتفاء بالدعوة إلى الحد من الفساد، بل العمل على إغلاق اللجان الاقتصادية في الأحزاب والتيارات السياسية".
ودانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، الاعتداءات وعمليات القتل التي رافقت التظاهرات منذ اندلاعها، يوم أمس الجمعة، مشددة، في بيان، على "ضرورة التمسك بالسلمية، وتجنب الاحتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين، وعدم المساس بمؤسسات الدولة، من أجل قطع الطريق على المندسين والمخربين".
كما شددت على "ضرورة مضي الحكومة بحزمها الاصلاحية الممكنة"، داعية مجلس القضاء الأعلى إلى تشكيل محكمة عليا تختص بما حصل من اعتداءات أثناء التظاهرات.
في الأثناء، قالت رئاسة البرلمان العراقي، إنّها أوقفت عمل مجالس المحافظات، بناء على طلب من اللجنة القانونية البرلمانية مرفق بطلب يضم تواقيع أكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب.
يُشار إلى أنّ إلغاء مجالس المحافظات أو تجميدها يعد واحداً من أبرز المطالب التي ينادي بها المتظاهرون، بسبب الفساد الكبير الذي يعشعش في الحكومات المحلية المتتالية.