رسائل سيادية مصرية لشيوخ سيناء: تمسكوا بأماكنكم

22 ابريل 2016
المدنيون ضحية المواجهات بين الجيش والمسلحين في سيناء(Getty)
+ الخط -
تحاول بعض الأجهزة السيادية المصرية التواصل مع شيوخ القبائل في سيناء (شرق مصر)، لتهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة. كما تسعى هذه الأجهزة إلى عدم إثارة قبائل سيناء ضد الدولة والجيش المصري، خصوصاً أنّ اتخاذ موقف الحياد حيال المواجهات المسلحة بين القوات المشتركة من الجيش والشرطة يصبّ لصالح مسلحي تنظيم "ولاية سيناء"، الذي سبق أن بايع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وحاول الجيش الزجّ بالقبائل السيناوية في الصراع القائم أكثر من مرة، لكن مع تزايد الانتهاكات، والتجاوزات، وعمليات القتل العشوائي، والاعتقالات التزمت معظم القبائل بالحياد التام حيال تطور المواجهات. وتكشف مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" عن اتصالات قام بها جهاز سيادي في الدولة مع عدد من شيوخ القبائل في سيناء خلال الفترة الماضية. وتقول المصادر ذاتها إنّ الاتصالات تطرّقت إلى محاولة تهدئة شيوخ القبائل، خصوصاً مع تصاعد التجاوزات بحق الأهالي والمدنيين هناك. وتضيف أنّ هذا الجهاز السيادي طالب، بشكل واضح وصريح، بعدم تصعيد الموقف ضد الجيش، فضلاً عن وقف عمليات التهجير التي يقوم بها الأهالي قسراً، جراء القصف العنيف بالطائرات ومدفعية الجيش.



وتشدد هذه المصادر الخاصة على أنّ هناك رسالة من الجهاز السيادي للأهالي، تؤكد أن تغييراً قريباً سيحدث ويؤدي إلى انفراجة كبيرة، "فتمسّكوا بأماكنكم"، فضلاً عن وعود بحلّ الأزمة في سيناء، وإنهاء أشكال التجاوزات بحق الأهالي كافة، وعودة الهدوء إلى المنطقة قريباً.

وعلى الرغم من عدم توضيح الاتصالات من الجهاز السيادي طبيعة هذه الانفراجة في الأزمة، بيد أنّها، وفقاً لمصادر قبلية، تنطوي على أمرَين؛ "إمّا تغيّر جوهري سيطرأ، أو ربما تعديل في استراتيجية وتكتيك عمليات الجيش المصري".

وكان شيوخ سيناء أبدوا تحفّظاً وضيقاً شديداً من مسألة إهانة النساء، بشكل كبير، في الكمائن الأمنية، وتحديداً في كمين الريسة. وتزايدت الانتهاكات مع الحملات العسكرية المستمرة في سيناء، منذ ما يزيد عن عامين، عقب المواجهات بين الجيش ومسلحي تنظيم "ولاية سيناء"، المبايع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ولجأ الجيش إلى تهجير أهالي الشريط الحدودي مع قطاع غزة في مدينة رفح المصرية خلال العامين الماضيين، لإقامة قناة مائية بدعوى منع حفر الأنفاق التي تتسلّل منها العناصر المسلحة.

وأمام تطور القدرات العسكرية لتنظيم "ولاية سيناء"، لم يجد الجيش دعماً من القبائل، خصوصاً مع الانتهاكات بحق الأهالي. وقبل ما يزيد عن أسبوعين، نفّذ سلاح الطيران المصري غارات جوية مكثفة وصلت لما يزيد عن 50 غارة، بحسب مصادر قبلية، ما دفع بعض الأهالي إلى ترك منازلهم خوفاً من قصفهم وسقوط قتلى وجرحى. وعقب استهداف تنظيم "ولاية سيناء" كمين الصفا الأمني في مدينة العريش، وسقوط 18 قتيلاً من رجال الشرطة، نفّذ الجيش عمليات تهجير وإخلاء منازل في محيط الكمين.

وتقول مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إنّ العلاقات بين الجيش وشيوخ القبائل، عموماً، سيئة للغاية، خصوصاً في ظل تجاوزهم تماماً في العمليات المسلحة بسيناء. وتضيف المصادر القبلية أنّ العمليات المسلحة هدمت كل الأعراف والتقاليد، وبالتالي كان على شيوخ القبائل التزام الحياد، في ظل الضغوط الكبيرة الممارسة عليهم من الشباب لمنع التعامل مع الجيش. وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ الجيش منع الاتصالات بين شيوخ القبائل والأجهزة السيادية في الدولة، مثل المخابرات والمخابرات الحربية، وهو ما ضاعف من الأزمة بحق الأهالي والمدنيين العزل، الذين يتم استهدافهم من قبل قوات الجيش بشكل عشوائي. وتوضح أنّ هناك فرقاً بين شيوخ القبائل الحكوميين المعيّنين بمعرفة الدولة، وشيوخ آخرين لديهم تأثير على العائلات وقبائلهم.

وتلفت المصادر القبلية إلى أن التواصل بين الأجهزة السيادية والأمنية في الدولة يتم، معظم الوقت، مع الشيوخ المقربين من الدولة دون غيرهم، وبالتالي فإن الأزمة ستظل قائمة، لأن هؤلاء الشيوخ ليس لديهم كلمة على أحد وغير مؤثرين. وتطالب المصادر ذاتها الجيش والدولة بالتواصل مع شيوخ القبائل المؤثرين من دون الالتفات إلى آخرين مقرّبين منهم لا ينقلون الصورة الحقيقية، ويكتفون فقط بدعم وتأييد انتهاكات الدولة، بدعوى السيطرة على سيناء والقضاء على المسلحين. وتشدد على أن عدداً من شباب القبائل انضم إلى التنظيمات المسلحة، وبعضهم طلب الانضمام، وهذا ما يعمّق الأزمة، وهو ما سبق وحذّر منه كثيرون، لكن لم يكترث أحد من الجيش والدولة لهذا الخطر.

ميدانياً، تمكّن تنظيم "ولاية سيناء" من تنفيذ نحو 30 عملية، منذ مطلع الشهر الحالي، ضد قوات الجيش والشرطة، بمعدل خسائر بشرية يتجاوز الـ35 ضابطاً ومجنداً بين قتيل وجريح. وقبل ثلاثة أيام، نفّذ عناصر التنظيم حملة أمنية على الشيخ زويد، ما أسفر عن تدمير عدد من الآليات العسكرية، وسقوط نحو 20 عسكرياً بين قتيل وجريح، فيما قتل وأصيب ما يزيد عن 12 مدنياً بينهم أطفال ونساء، في قصف جوي ومدفعي.