يعقد المجلس المركزي الفلسطيني دورته الثلاثين، يوم غد الأحد، في ظل مقاطعة الجبهتين الشعبية والديمقراطية بشكل رسمي، بالإضافة إلى مقاطعة حركة "المبادرة الفلسطينية"، واستمرار الانقسام بين حركتي فتح وحماس، الذي ما زالت جهود إنهائه تراوح مكانها من دون أي تقدم يذكر.
ومن المتوقع أن تكون الجلسة الافتتاحية ظهر غد الأحد، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، فيما ستكون الجلسة الرسمية مساءً، إذ سيلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كلمة في دورة المجلس الذي يُعقد تحت شعار "دورة الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية".
واعتبرت الجبهتان أن عقد المجلس المركزي يأتي لتكريس سياسة التفرد والاستحواذ التي يقوم بها الرئيس عباس، للاستفراد بالقرار الوطني الفلسطيني، وللتهرب من تنفيذ القرارات السابقة للمجلس المركزي والمجلس الوطني.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية عمر شحادة، لـ"العربي الجديد": "هذا المجلس المركزي يجري توظيفه لتكتيكات محددة لدى الرئاسة الفلسطينية، وهم يدركون قبل غيرهم أن عقد المجلس على هذه الشاكلة من مجموعة من الأعضاء، في غالبيتهم الساحقة من موظفي السلطة، وبشكل ينطوي على منطق فردي مطلق في التعامل؛ لا يمكن أن يستجيب للتحديات الوطنية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، من سياسات الاحتلال، إلى سياسات التطبيع العربية تحت عنوان ما يسمى بصفقة القرن".
وتابع شحادة "هذه السياسة، فضلًا عن أنها لن تجدي نفعًا لمواجهة التحديات الوطنية، تعتبر تهديدًا حقيقيًا لجهود إنهاء الانقسام من جانب، وإحباطًا لأي جهد جماعي وطني لحماية منظمة التحرير ومواجهة صفقة القرن، بل على العكس من ذلك استمرار هذه السياسة القائمة على التفرد والاستحواذ والإقصاء سيقود عمليًا، عاجلًا أم آجلًا، لإلحاق أكبر الضرر بمن يقوم بهذه السياسة وبمنظمة التحرير، بل يمكن أن يصب في طاحونة تدعي السلطة وقيادتها أنها تواجهها سواء على المستوى الداخلي والخارجي".
ورأى شحادة أن "الهدف من عقد المجلس المركزي في هذه المرحلة، وفي ظل مقاطعة فصائل فلسطينية كبيرة هو التهرب من تنفيذ قرارات المجلس المركزي منذ عام 2015 حتى الآن، أو حتى قرارات المجلس الوطني الانفرادي الذي عقد مؤخرًا، والذي كان على رأس قراراته إنهاء الانقسام واستعادة وحدة منظمة التحرير واعتبارها أولوية ملحة، ووقف العقوبات على قطاع غزة، باعتبار أن التعطيل كان لسبب تقني".
أما "الجبهة الديمقراطية"، فأكدت في بيان صدر عنها اليوم السبت، مقاطعتها أعمال الدورة الـ30 للمجلس المركزي الفلسطيني، وعللت ذلك بأن "الأسباب التي اقتضت مقاطعة الدورة السابقة ما زالت قائمة بل تزداد تعقيداً، في ظل سياسة التفرد والاستفراد والاستئثار، التي تتبعها القيادة الرسمية، متجاوزة بذلك أسس الائتلاف الوطني في منظمة التحرير، ومبادئ الشراكة الوطنية والمشاركة في صنع القرار والسياسات الوطنية، عبر اللجوء إلى معالجة القضايا الوطنية بالمراسيم الرئاسية الفردية، ما يلحق الضرر والأذى الكبيرين بالحالة الوطنية، ويقود إلى إضعاف دور منظمة التحرير ومؤسساتها واهتزاز موقعها التمثيلي".
وتابع البيان، الذي وصل إلى "العربي الجديد" نسخة عنه، أن "من أهم الأسباب التي دعت الجبهة الديمقراطية إلى مقاطعة الدورة الـ 30 للمجلس المركزي تتمثل بشكل بارز في إمعان القيادة الرسمية في تعطيل العديد من القرارات المتوافق عليها في دورتي المجلس المركزي في آذار (مارس) 2015 وكانون الثاني (يناير) 2018، كما في الدورة الأخيرة للمجلس الوطني (30/4/2018)، والمماطلة في تنفيذها؛ كما في غياب التحضير الجماعي للدورة الـ 30 للمجلس المركزي، وعدم وضوح وظيفتها".
وترى الجبهة أن "جميع المؤشرات تُنبئ بأن دورة المجلس المركزي التي ستعقد غدًا الأحد، لن تكون إلا ستارًا للتمويه على استمرار سياسة المماطلة والتسويف في تنفيذ قرارات الإجماع الوطني وترحيلها من مجلس إلى آخر، ومن دورة إلى أخرى، وهو ما لن تكون الجبهة الديمقراطية طرفًا في توفير الغطاء له، وبخاصة في ظل الإصرار على تجاهل دعواتها إلى التحضير الجماعي للمجلس المركزي من خلال دورة حوار يشارك فيها رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس والأمناء العامون لفصائل المنظمة".
أما حركة "المبادرة الفلسطينية"، فأكد أمينها العام مصطفى البرغوثي أن الحركة قررت مقاطعة دورة المجلس المركزي الثلاثين.
وقال البرغوثي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد التشاور لن نشارك في دورة المجلس المركزي المقرر عقدها غداً الأحد في مقر الرئاسة برام الله".
وكانت المبادرة قد أرجأت الإعلان عن قرارها النهائي حول المشاركة أو مقاطعة المجلس المركزي إلى حين استكمال التشاور بين أعضائها، مساء اليوم.
وقالت المبادرة، في بيان صحافي، إن "ممثليها لن يشاركوا في دورة المجلس المركزي الثلاثين بسبب الاستمرار في عدم تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجالس المركزية السابقة، خاصة قرارات التحرر من الاتفاقيات القائمة مع الجانب الاسرائيلي، وقرار المجلس الوطني الذي اتخذ بالإجماع بإلغاء الإجراءات المتعلقة بقطاع غزة".
وتابع البيان "ومن أسباب المقاطعة، عدم إجراء مشاورات جدية تنسجم مع مبادئ الشراكة الوطنية مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، للتحضير لهذه الدورة، ولضمان عدم اتخاذ قرارات جديدة قد تضعف فرص المصالحة الوطنية".
وفي حين أكدت المبادرة مقاطعة جلسة المجلس المركزي، إلا أنها تمسكت بعضويتها في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وبضرورة العمل المشترك على تفعيل دور المنظمة الوطني التحرري والوحدوي، كإطار جامع لكل القوى الفلسطينية وممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، على أساس الاحترام الدقيق لقوانينها"، حسب ما جاء في البيان.