الإعلان الخليجي-الأميركي ضد "حزب الله": تجاهُل قطري وعُماني

17 مايو 2018
استهدفت العقوبات 10 من قادة "حزب الله"(Getty)
+ الخط -
تعاملت الدوحة ومسقط، أمس الخميس، بتجاهل إعلامي ــ سياسي، مع إعلان الرياض بعد واشنطن، الليلة قبل الماضية، عن اتفاق أميركي خليجي على إدراج عشرة من قادة "حزب الله" اللبناني على قائمة الإرهاب، منهم خمسة أعضاء في مجلس شورى الحزب، وفي مقدمتهم، أمينه العام، حسن نصرالله، إضافة إلى نائبه نعيم قاسم، ومحمد يزبك، وحسين خليل، وإبراهيم أمين السيد، فضلاً عن أربع شركات، قال بيان صدر عن "مركز استهداف تمويل الإرهاب"، الخليجي بمشاركة أميركية، إنها مرتبطة بالحزب، وأمر بتجميد أصول الأفراد وأرصدتهم.

وتعد هذه المرة الثانية التي يصدر فيها المركز، ومقره الرياض، قائمة عقوبات على الأنشطة الإرهابية منذ تأسيسه، أثناء زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للعاصمة السعودية في 21 مايو/أيار 2017، وانعقاد القمة الخليجية الأميركية خلالها. وبدا الحذر الإعلامي، من جانب دولة قطر وسلطنة عُمان، أقرب إلى التجاهل. ففيما أصدرت الإمارات والبحرين والكويت بيانات مماثلة للبيان السعودي، لم يصدر في الدوحة ومسقط بيان مماثل، على الرغم من عضويتهما في "مركز استهداف تمويل الإرهاب". وعلى الرغم من أن البيان السعودي ذكر الدولتين بالاسم في قراره، فقد تجاهلت وسائل الإعلام الرسمية، القطرية والعمانية، الإعلان السعودي، كما اكتفت قناة "الجزيرة" القطرية ببث الخبر عن العقوبات على قادة "حزب الله"، باعتبار أن وزارة الخزانة الأميركية هي التي فرضتها.

واقتصر ردُّ الفعل القطري "الإعلامي"، على إعادة تغريدة في موقع "تويتر"، من قبل مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية القطرية السفير أحمد الرميحي، لخبر وكالة الأنباء السعودية الذي فصّل القرار الأميركي ــ الخليجي في فرض العقوبات على قيادات "حزب الله" ومؤسسات مالية تابعة له. وفي الوقت الذي أورد البيان السعودي، الذي بثته وكالة الأنباء الحكومية الرسمية، دولة قطر، واحدة من حلفاء المملكة في مكافحة تمويل الإرهاب، وفي عضوية "مركز استهداف تمويل الإرهاب"، فإن الرياض ما زالت تتهم الدوحة "بتمويل الإرهاب"، وتفرض، مع الإمارات والبحرين ومصر، حصاراً عليها، وترفض تقديم أدلة على اتهاماتها.

وقد تزامن الإعلان السعودي، الليلة قبل الماضية، مع إعلان الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على "حزب الله"، طاولت قيادات بارزة في الحزب. فقد نشرت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان على موقعها الإلكتروني، قائمة بالأسماء التي تشملها العقوبات، وهي الأسماء نفسها التي جاءت في الإعلان السعودي. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن إدراج هؤلاء في القائمة جاء "عملاً بنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في السعودية الذي يستهدف الإرهابيين، والذين يقدمون الدعم للإرهابيين، أو الأعمال الإرهابية، وأنه تم القيام بهذا التصنيف بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية (الرئيس المشارك لمركز استهداف تمويل الإرهاب)، إضافة إلى الدول الأعضاء في مركز استهداف تمويل الإرهاب كافة، مملكة البحرين، دولة الكويت، سلطنة عمان، دولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة".

وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قبيل إعلان الخزانة الأميركية قرارها، وقبيل الإعلان السعودي. ووفق بيان منسوب للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، شكر بومبيو الوزير القطري على شراكة الدوحة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك استضافة قطر قاعدة "العديد" الجوية. وأشاد بالجهود المتواصلة التي يبذلها وزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب ومكافحة تمويل الإرهاب. وأكد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع جميع الشركاء في مجلس التعاون الخليجي، لضمان تنفيذ إدراج المطلوبين بشكل كامل وعدم استغلال الإرهابيين أنظمة التمويل الخاصة بهم، والجهات الفاعلة غير المشروعة. كما شدد الوزير على رغبة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في رؤية تخفيف حدة النزاع في الخليج، وحله في النهاية، لأنه يفيد إيران.

اجتماعات الكويت

وكان سبق إعلان وزارة الخزانة الأميركية، والإعلان السعودي، إدراج عشرة من قادة "حزب الله" على قوائم الإرهاب، استضافة الكويت يومي 9 و10 مايو/أيار الحالي، اجتماعات لـ"مركز استهداف تمويل الإرهاب"، ترأسته الولايات المتحدة والسعودية، وشارك فيه ممثلون من البلدان السبعة الأعضاء، البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة الأميركية. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والتعاون الدولي الكويتي، ناصر الصبيح، قوله إن الاجتماعات التنسيقية ناقشت آليات تفعيل المركز، واتسمت بالمهنية العالية، وكانت ذات طابع فني، وإنه تم الاتفاق على أن يكون هناك اجتماع آخر، يحدد تاريخه لاحقاً، لاستكمال نقاط تحتاج مزيداً من البحث والتنسيق فيما يخصها.

وسبق أن شاركت قطر، إلى جانب دول مجلس التعاون والولايات المتحدة في الاجتماع الأول للجنة التنفيذية لمركز استهداف تمويل الإرهاب، في الكويت في مارس/آذار الماضي، وتم الاتفاق على أن يتم تسمية ممثلين لهذه الدول وضباط اتصال للدول الأعضاء ليتم التواصل فيما بينهم. وقال المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري في مكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، مطلق القحطاني، لوكالة الأنباء الكويتية، إنه تم التوافق على أمور كثيرة في الاجتماع، وإن الهدف المشترك لكل الدول هو توحيد الجهود الدولية والإقليمية في محاربة الإرهاب وتمويله. وأشار إلى تفاهمات بشأن عقد المركز اجتماعات في أماكن مختلفة من الدول الأعضاء، إضافة إلى المسائل المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب والإجراءات التي ينوي المركز القيام بها في هذا الشأن.



ولا يعد إدراج السعودية، من خلال "مركز مكافحة تمويل الإرهاب"، قادة "حزب الله" على قائمة الإرهاب مفاجئاً، فقد سبق أن صنفت دول مجلس التعاون الخليجي، في مارس/آذار 2016، "مليشيا حزب الله منظمة إرهابية. ويشمل هذا التصنيف كافة قادة الحزب وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه". وقال الأمين العام لمجلس التعاون، عبد اللطيف الزياني، حينها، إن دول المجلس اتخذت هذا القرار جراء "استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها أعضاء هذه المليشيات، لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بأعمال إرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات". وأشار إلى أن هذا التصنيف جاء بناء على "دور الحزب في إثارة الفتن والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها". وأضاف أن دول مجلس التعاون تعتبر أن ممارسات مليشيات "حزب الله" في دول المجلس، وأعمالها الاٍرهابية والتحريضية في كل من سورية واليمن والعراق، تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي. كما أعلن وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة في مارس/آذار من العام نفسه، تصنيف "حزب الله" اللبناني "إرهابياً"، وتحفَّظ لبنان والعراق، مع ملاحظة من الجزائر.

مركز استهداف تمويل الإرهاب

يُذكر أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقعت، بحضور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الرياض في مايو 2017، بعد انعقاد القمة الخليجية الأميركية، مذكرة تفاهم لتأسيس "مركز لاستهداف تمويل الإرهاب". ويهدف المركز إلى قمع تمويل الأنشطة الإرهابية، واتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال تصنيف الأفراد والكيانات الممولة للأنشطة الإرهابية والإعلان عنها وفرض الجزاءات بحقها، والمشاركة بالمعلومات ذات الاهتمام المشترك المتعلقة بشبكات تمويل الإرهاب، وتنسيق الإجراءات اللازمة، مثل القيام بالتصنيف المشترك أو القيام باتخاذ الإجراءات الصارمة الأخرى بحق الإرهابيين، وشبكات تمويلهم، إلى جانب توفير خبراء لدعم الأعضاء للمساعدة في مجال بناء القدرات لمكافحة تهديدات تمويل الإرهاب.