وأثار الإعلان عن مناقشة مجلس الحكومة قانون الخدمة العسكرية سجالًا واسعًا في البلاد، خاصة أنه لم يتم الكشف عن فحوى القانون، بين من يرى أنه قد يتضمن العودة إلى التجنيد الإجباري، وبين من يتوقع أن يقتصر فقط على إعادة تنظيم الخدمة العسكرية بشروط جديدة.
وبدأ المغرب العمل بالخدمة العسكرية في سنة 1966، من خلال فرض التجنيد الإجباري، الذي كان يمتد إلى عام ونصف العام، ولم يكن يستثنى منه سوى الذين يعانون من العجز البدني أو أصحاب المسؤوليات العائلية أو الطلبة في الجامعات، غير أنه في 2007 قرر العاهل المغربي إلغاء هذه الخدمة.
ويرى كريم عايش، عضو مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن طرح القانون 44.18 على طاولة المجلس الحكومي "يشكل مقدمة أولية للنقاش وإرساء رؤية استراتيجية، قوامها دراسة منهجيات التجنيد العسكري"، مورداً أن كثيراً من التكهنات تتوقع أن يتضمن مشروع القانون العودة إلى إجبارية الخدمة العسكرية.
وانتشرت التكهنات على مختلف المنابر الإعلامية، ورسم الخبراء أكثر من سيناريو محتمل، معللين ذلك بتجارب سابقة وفق معطيات قانونية وإجرائية لا تتضمن أرقامًا ولا تقييمات، بسبب السرية التي تحيط بكل ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، بالنظر إلى حساسية الموضوع وارتباطها المباشر برئاسة أركان الحرب متمثلة في الملك.
وفي ما يخص دلالات عرض قانون الخدمة العسكرية حاليًا، يقول عايش لـ"العربي الجديد"، إنها "تتمثل في الرغبة بضخ دماء جديدة داخل المؤسسة العسكرية، وتشبيب هياكلها وفتحها في وجه الشباب"، مرجحًا أحد اتجاهين؛ الأول إمكانية إدماج التكوين العسكري داخل المنظومة التعليمية، عبر إجبار التلاميذ على قضاء فترات دراسية وتكوينية داخل الثكنات في الميدان.
وتابع الخبير أن "هذا الاتجاه سيمكن من إغناء الجيش بعناصر مكونة علميًا ومؤهلة لتطويره والرفع من مستواه الأكاديمي والحيوي بتلاميذ يافعين كلهم طاقة وحماس للذود عن الوطن ضد الأخطار، مما يفتح آفاقًا مهنية للتلاميذ المتفوقين ذهنيًا وبدنيًا ليقووا صفوف القوات المسلحة".
أما الاتجاه الثاني، كما يضيف المتحدث، فهو "إجبارية التجنيد وفق شروط محددة؛ كبطالة المعني بالأمر وخلوه من المسؤولية الأسرية وإعالة والديه، كما كان معمولًا به في النظام القديم للتجنيد، قصد امتصاص البطالة وحالة الضياع التي يعاني منها جل الشباب الفاقد للكفاءة والتكوين، ما يمنحهم تكوينًا عسكريًا يتسم بالتحلي بالانضباط والتكوين على الالتزام العسكري الصارم".
وذهب عايش إلى أن كلا الاتجاهين يعبّران عن تطور طبيعي على درب التحديث والتطوير الذي عرفته المؤسسة العسكرية منذ تولي الملك محمد السادس، الذي عمل على إعادة هيكلتها وتغيير العديد من كوادرها، والرفع من فعاليتها، مستفيدة من انفتاحها على التجارب العسكرية الخارجية، والتزامها إلى جانب حلف شمال الأطلسي والتحالفات والبعثات إلى الخارج في مهام حفظ السلام.
ولم يفت المحلل ذاته أن يشير إلى أن "ارتفاع حدة تلويح جماعة البوليساريو بالحرب عجّل بالتفكير مليًا في تعزيز الجيش المغربي بالعدد، الذي سيكون عنصر احتياط بعد الخدمة كفيلًا بالاندماج السريع في متطلبات أي رد عسكري فوري".