سورية: ضغوط ميدانية من اللاذقية إلى الغوطة

29 يناير 2016
تخوّف من هجوم على مناطق المعارضة شمال حلب(عمار البوشي/الأناضول)
+ الخط -


تُواصل قوات النظام السوري البرية، مع المليشيات الأجنبية الداعمة لها وبغطاء جوي روسي، هجماتها على مناطق سيطرة المعارضة السورية في كل مناطق المواجهة بين الطرفين، في ضغط يبدو متزايداً قبيل مفاوضات جنيف السورية. ويحاول النظام ضرب خطوط إمداد المعارضة في بعض المناطق، وحماية وتأمين خطوط إمداد قواته في مناطق أخرى، مع تواصل القصف الروسي العنيف على البنى التحتية والمناطق السكنية، لتشديد الضغط على المعارضة وقلب الموازين على الأرض.

ويبدو أن قوات النظام تسعى لمواصلة انتصاراتها في جبال اللاذقية التي تكبّدت فيها قوات المعارضة خسائر كبيرة في الأسبوعين الأخيرين. فبعد أن تمكنت قوات النظام من السيطرة بدعم جوي روسي على بلدة سلمى، أكبر البلدات التي كانت تسيطر عليها المعارضة في منطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، تمكّنت قوات النظام من السيطرة على بلدة ربيعة، أكبر البلدات التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة بمنطقة جبل التركمان المجاورة، لتبدأ قوات النظام، اعتباراً من يوم الأربعاء، موجة هجمات جديدة بهدف القضاء بشكل نهائي على كامل وجود قوات المعارضة بريف اللاذقية الشمالي.

وأشار الناشط الإعلامي حسن الحفاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن ثلاث غارات روسية استهدفت مناطق سيطرة المعارضة في منطقة جبل التركمان، ظهر الخميس، بالإضافة إلى غارات أخرى على مناطق جبل الأكراد ومناطق ريف جسر الشغور القريبة والواقعة بريف إدلب الجنوبي الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة.

ولفت الحفاوي إلى أن قوات النظام تحاول التمدّد في منطقة جبل التركمان على محاور الاشتباك القريبة من قمة زاهية، حيث تجري اشتباكات عنيفة في المنطقة مع محاولة قوات المعارضة الصمود أمام هجمات النظام البرية وغارات الطيران الروسي.

اقرأ أيضاً: النظام السوريّ يحاول استكمال سيطرته على الشيخ مسكين بدرعا

وسيعني تَمكُّن قوات النظام السوري من إحكام السيطرة على ريف اللاذقية الشمالي بالكامل، إبعاد خطر أي هجوم قد يكون محتملاً لقوات المعارضة على عقر دار الحاضن الشعبي للنظام السوري في الساحل السوري، الأمر الذي لن تقتصر تبعاته فقط على تفريغ قوات النظام المرابطة على جبهات القتال في الساحل للقتال بجبهات أخرى، بل سيمتد إلى خسارة المعارضة ورقة ضغط هامة في المفاوضات المنتظرة.

ولم تقتصر جهود النظام السوري عند هذا الحد، إذ تمكنت قواته جنوباً من السيطرة منذ أيام قليلة على بلدة الشيخ مسكين، شمال مدينة درعا، بعد أن كان وجود قوات المعارضة فيها يُشكّل تهديداً لخط إمداد قوات النظام الذي يصل العاصمة دمشق بمناطق سيطرة النظام في درعا. ونجح النظام السوري بالتالي بسحب ورقة التهديد بفصل مناطقه في درعا عن دمشق، من يد المعارضة السورية.

ويبدو أن خطة النظام مستمرة لحماية خطوط إمداده في ريف درعا، إذ هاجمت قواته مناطق سيطرة المعارضة في ريف الشيخ مسكين الجنوبي ومناطق ابطع التي تسيطر عليها المعارضة، بعمليات قصف عنيف بالصواريخ والمدفعية، يوم أمس الخميس، الأمر الذي يبدو أنه تمهيد لإطلاق هجوم جديد على قوات المعارضة في المنطقة.

وفي وسط سورية، تواصل قوات النظام السوري هجماتها على بلدة حربنفسه الواقعة في ريف حماة الجنوبي على الحدود الإدارية لمحافظة حمص، حيث تقع مناطق سيطرة المعارضة بريف حمص الشمالي. وتحاول قوات النظام تشديد الخناق أكثر على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حمص الشمالي والتي تقع أصلاً تحت حصار قوات النظام، وذلك لزيادة الضغط على قوات المعارضة في المنطقة والاستفادة بلا شك من ورقة حصار هذه المنطقة في مفاوضات جنيف المرتقبة.

أمر مشابه تماماً تقوم به قوات النظام في منطقة المرج، جنوب غوطة دمشق الشرقية أيضاً، والتي تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها قوات النظام. وتحاول الأخيرة تضييق الخناق على مناطق الغوطة الشرقية من خلال محاولة التقدّم في منطقة المرج لفصل مناطق سيطرة المعارضة السورية في غوطة دمشق القريبة من العاصمة عن مناطق سيطرة المعارضة في غوطة دمشق القريبة من القلمون، وبالتالي تقسيم المنطقة المحاصرة في غوطة دمشق الشرقية إلى منطقتين محاصرتين.

ويبقى التهديد الأبرز لقوات المعارضة ميدانياً، هو احتمال شن قوات النظام هجوماً مباغتاً وكبيراً شمال حلب يمكّنها من التقدّم من بلدة باشكوي التي تسيطر عليها إلى بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين بشكل جزئي من قوات المعارضة. وسيكون هذا الهجوم في حال نجاحه، نصراً كبيراً لقوات النظام يمكّنها من فصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب عن خطوط إمدادها بريف حلب الشمالي التي تصلها بالأراضي التركية. وسيضع ذلك المعارضة في موقف ميداني صعب، ذلك أن تمكُّن قوات النظام من حصار حلب، التي تسيطر المعارضة على نحو ثلثي مساحتها، سيؤدي إلى وقوع المعارضة في حلب تحت ضغط كبير لم تتعرض له مسبقاً، سيتمثل بحصار آلاف المقاتلين مع نحو ثلاثمئة ألف مدني يقيمون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بمدينة حلب.

اقرأ أيضاً: سورية: ثمانية قتلى في غارات استهدفت ريف حمص الشمالي

المساهمون