وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن "مسؤولي الاتحاد الأوروبي رفضوا تغيير أسماء ممثلي اللواء المتقاعد خليفة حفتر في اللجنة العسكرية المشتركة التي أعلن عن أسماء أعضائها خلال مؤتمر برلين الأحد الماضي، مشددين على رفض أي مماطلة في بدء اللجنة العسكرية في أعمالها المناطة بها".
ورجح المصدر أن تبدأ اللجنة العسكرية، التي لا تزال قائمة أسمائها غير معلنة، مطلع الأسبوع المقبل.
وعن أول أعمالها، قال: "وضع نقاط محددة لكلا القوتين (قوات حكومة الوفاق وقوات حفتر) تمثل خطا فاصلا بينهما، والتسريبات الأولى تشير إلى معسكرات محددة جنوب طرابلس سيتم تحديدها لتنسحب إليها قوات حفتر لضمان عدم التماس بين القوتين".
وأكد المصدر أن الاتحاد الأوروبي، الذي يقود مبادرة برلين في طريق تطبيقها، يولي الجانب العسكري أولوية كبيرة في ظل استشعاره خطر إقدام حفتر وحلفائه الإقليميين على خرق الهدنة، ونسف كل ما توصل إليه المشاركون في برلين.
وكان من أبرز بنود البيان الختامي للمؤتمر، الذي وقعت عليه 16 دولة ومنظمة، إلى جانب طرفي الأزمة، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، والالتزام بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وتشكيل لجنة عسكرية لتثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار، تضم 5 ممثلين عن كل من طرفي النزاع.
كما تضمن البيان دعوة الأمم المتحدة إلى تشكيل لجان فنية لتطبيق ومراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، ودعوتها كذلك للعب دور في مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار، وإنشاء لجنة مراقبة دولية برعاية أممية، لمواصلة التنسيق بين كافة الأطراف المشاركة في المؤتمر، على أن تجتمع شهريا.
عراقيل حفتر
وبحسب الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ، يمكن أن تتأخر نتائج اجتماعات اللجنة العسكرية إلى وقت أكثر مما تأمله الأطراف الدولية، موضحا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر يستبق أي تحرك دولي بوضع عقبات كبيرة أمامه، فليست طرابلس المهددة فقط، إذ هناك خطر يتهدد مصراته أيضا".
وأضاف عبد الحفيظ أن "تكتل القوة العسكرية الأكبر للحكومة في مصراته يرجح أن يكون المعركة الأكثر خطورة في حال أقدم حفتر على التقدم أكثر باتجاهها، وهنا لن يكون هدف حفتر السيطرة على مصراته بقدر ما يكون هدفه نسف كل الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الدولية".
وأوضح أن "تحديد المواقع العسكرية جنوب طرابلس أكثر سهولة من التعامل مع الوضع شرقي مصراته، بسبب المسارب والطرقات الصحراوية التي تشرف عليها سرت الواقعة تحت سيطرة حفتر حاليا، وكونه أيضا لديه مؤيدون قبليون في بني وليد الأكثر قربا من سرت بالنسبة لمصراته"، مرجحا أن "تتجه خطط حفتر لجر الساحة لحرب أوسع فإشعالها في محيط مصراته سيسرع من اقتحامه لمواقع الأحياء السكنية في طرابلس، وتمترسه داخلها سيعقد الوضع العسكري، ولن يكون الوقت متاحا عندها لأي حل يأتي من الخارج".
وفيما يوافق المحلل السياسي الليبي مروان ذويب على إمكانية جرّ حفتر الساحة لحرب أوسع، يرى أن "قمة برلين حاصرته، وقيدت حرية حركته بشكل كبير عندما سحبت منه حلفاءه، فعلى الأقل لن يكون بمقدور القاهرة وأبوظبي إرسال دعمهما له بحرية وسرعة كالسابق"، لافتا إلى أن تشديد قمة برلين على ضرورة إلزام كل الأطراف بقرار حظر توريد السلاح يستهدف عرقلة قدرات حفتر العسكرية.
وأضاف ذويب: "الحديث أصبح معلنا ومحددا، فالأمين العام للأمم المتحدة اتهم حفتر صراحة بجرائم حرب في تقريره أمس، وقمة برلين تحدثت صراحة عن وصول مرتزقة لصفوف حفتر، بل وبصراحة قال وزير الخارجية الألماني إن حفتر يضع في كل مرة عرقلة"، مؤكدا أن "الخيارات باتت ضئيلة أمام حفتر رغم استمرار مخاوف المجتمع الدولي من خطورة خرقه لكل الاتفاقات".
الحوار السياسي: ارتباك معسكر حفتر
وفي وقت لاتزال جهات القتال تعيش هدوءا شاملا وحذرا، توارى حفتر عن الأنظار، ما زاد من الغموض الذي يلف موقفه من كل ما تم التوصل إليه في مؤتمر برلين.
وفي مقابل إعلان المجلس الأعلى للدولة عن تحديد ممثليه الـ13 في جلسات الحوار السياسي المنتظر انطلاقها نهاية الشهر الجاري في جنيف برعاية البعثة الأممية، لايزال مجلس النواب المجتمع في طبرق غير مستعد لتحديد ممثليه حتى الآن، إذ اكتفى بالإعلان عن تكليف أحد النواب بالتواصل مع البعثة لطلب توضيحات أكثر حول دور هؤلاء الممثلين.
ورجح ذويب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يكون تأجيل مجلس النواب الإعلان عن مرشحيه راجعا إلى عدم وضوح موقف حفتر من نتائج برلين حتى الآن، والتي تبدو معاكسة لمشروعه العسكري في البلاد.
وكان رئيس البعثة الأممية غسان سلامة قد أعلن قبل أسبوعين عن مسار سياسي لحلّ الأزمة الليبية يعقد في جنيف نهاية يناير/كانون الثاني الجاري، بمشاركة 40 شخصية، بواقع 13 ممثلاً عن كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتمثيله في الحوار، فيما ستختار البعثة 14 شخصية أخرى.
ويرى ذويب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "معسكر حفتر يعيش ارتباكا كبيرا أحدثته الدهشة من نتائج قمة برلين التي تبدو على خلاف ما كان يصبو إليه"، لافتا إلى أن "تصريحات حلفائه في القاهرة وأبوظبي، التي بدت أكثر ميلا لدعم الحل السياسي، زادت من قتامة الوضع عنده، ما وضعه في حيرة وارتباك".