أضحت الساحة الأردنية بيئة خصبة ومناسبة لتكاثر الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات، بسبب غياب الإصلاح السياسي، وتصاعد حدة الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، بالتلازم مع سوء الإدارة الحكومية.
وتلجأ فئات متعددة من المجتمع الأردني إلى ساحات الاعتصام، ومنهم ضباط أمن متقاعدون، وحملة شهادة دكتوراه، ومعطلون عن العمل، وموظفو جامعات، وعاملون على سيارات التطبيقات الذكية، وطلاب، وعاملون في القطاعات الحكومية والخاصة، بحثاً عن حلول لمطالبهم، بعد أن فشلت الوسائل الأخرى في تحصيل حقوقهم.
وآخر تلك الاعتصامات وأخطرها محاولة ضباط أمن متقاعدين الانخراط في اعتصام مفتوح أمام مجلس النواب الأردني وسط العاصمة الأردنية عمّان، إذ نفذ العشرات من متقاعدي الأمن العام، اليوم الإثنين، اعتصاماً أمام المجلس للمطالبة بصرف مستحقات الإسكان وإعادة صرف المدخرات، كما كانت عليه في صندوق الادخار سابقاً.
ويطالب المعتصمون بزيادة المستفيدين من الإسكان إلى 40 مستفيداً بدلاً من 30، إضافة إلى تراجع مديرية الأمن العام عن قرارها باعتبار مدخرات الضباط جزءاً من سداد القروض، وإكمال الدفعة التي تم الاتفاق عليها سابقاً بصرف مستحقات الإسكان لـ700 ضابط، والتراجع عن قرار هيئة الصندوق، وإعادة صرف المدخرات كما كانت وفق آلية صرف الصندوق منذ التأسيس.
وتوافد المعتصمون من مختلف محافظات المملكة استجابة لدعوة لجنة متابعة صندوق الإسكان للضباط المتقاعدين، مؤكدين استمرار الاعتصام إلى حين الاستجابة لمطالبهم، وتراجع مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود عن قرار اعتبار مدخرات الضباط جزءاً من سداد القرض.
وفي السياق، طالب رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، رئيس الحكومة عمر الرزاز، ومدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود، بإيجاد حل سريع لملاحظات ومطالب متقاعدي الأمن العام، والمتعلقة بصندوق إسكان الضباط.
وأكد الطراونة، خلال استقباله اليوم وفداً يمثل لجنة متقاعدي الأمن العام، سعي المجلس إلى جانب دوره الرقابي والتشريعي، إلى إيجاد حلول وتوافقات متعلقة بالمطالب والحقوق العمالية، وتلك المتعلقة بالمتقاعدين في مختلف الجهات.
من جهة أخرى، واصل المعطلون من محافظة المفرق اعتصامهم لليوم السادس عشر على التوالي وسط مدينة المفرق، وذلك للمطالبة بتوفير فرص عمل لائقة لهم.
كما نفذ العشرات من موظفي الجامعة الهاشمية وقفة احتجاجية اليوم الإثنين، حيث طالبوا بالتأمين الصحي والمياومة والإجازات المرضية ومكافأة نهاية الخدمة.
واعتصم سائقو التطبيقات الذكية، أمس الأحد، أمام مبنى هيئة تنظيم قطاع النقل البري؛ احتجاجاً على "عدم تنفيذ" الهيئة لوعد بالاستجابة لثلاثة من مطالبهم الأساسية في مارس/ آذار الماضي، وهي زيادة العمر التشغيلي للمركبة ليصبح 8 سنوات بدلاً من 5 سنوات، ضمن آلية واضحة للزيادة، وإصدار التصاريح باسم السائق ليتمكن من العمل على جميع التطبيقات المرخصة من دون فرض أي رسوم، والسماح بعمل شخصين على المركبة الواحدة شريطة القرابة من الدرجة الأولى أو الثانية.
كما اعتصم عدد من الطلبة الأردنيين في الجامعات السودانية، الأحد، أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للمطالبة بفتح أبواب الجامعات الأردنية لهم، بعد إغلاق الجامعات السودانية بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها حالياً.
واعتصم المئات من النشطاء والحراكيين الأردنيين، الخميس الماضي، للأسبوع 21 على التوالي، في ساحة مستشفى الأردن، بالقرب من الدوار الرابع، مقر الحكومة الأردنية، مطالبين بتغيير النهج السياسي للدولة.
ويطالب المحتجون بحلّ مجلسي النواب والأعيان، وإجراء إصلاح سياسي شامل يبدأ بتغيير آلية تشكيل الحكومات، باستعادة ما وصفوها بالأموال المنهوبة، وفتح ملف "التخاصّية" وبيع الشركات الوطنية.
واعتصم العشرات من حملة شهادة الدكتوراه المعطلين عن العمل الأربعاء الماضي أمام مبنى رئاسة الوزراء في الدوار الرابع للمطالبة بإيجاد فرص عمل أكاديمية لهم في الجامعات والمؤسسات الحكومية.
ورفع المعتصمون لافتات طالبت بإيجاد فرص عمل لهم في الجامعات الأردنية، كما طالبوا بإجراء التعديلات الناظمة لسوق العمل في الجامعات الحكومية والخاصة، وجعل وظيفة عضو هيئة التدريس في الجامعات الأردنية من الوظائف المحصورة في الأردنيين فقط.
ونفذ عدد من أصحاب مكاتب استقدام العمال اعتصاماً الأربعاء الماضي، بسبب ما يعتبرونها "سوء التعامل معهم من قبل وزارة العمل وتأخير معاملاتهم".
وطالب المشاركون في الاعتصام، والذين يزيد عددهم عن 300 شاب معطل، غالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية، بتوفير فرص عمل لهم في القطاع العام.
وشهد الأردن في الفترة الأخيرة العديد من الاعتصامات التي نفذها متعطلون عن العمل توافدوا إلى عمان بمسيرات راجلة للاعتصام أمام الديوان الملكي، إضافة إلى العديد من الاعتصامات المطلبية والعمالية، في القطاعين العام والخاص.
ويعاني الأردنيون من ظروف اقتصادية صعبة، فقد ارتفع الدين القومي في الأردن أخيرًا ليصل إلى حوالى 87 مليار دولار، وفق موقع صندوق النقد والبنك الدوليين.