الشارع المصري يتجاهل "أفراح" إعلام السيسي بانتصار ترامب

10 نوفمبر 2016
الاحتفاء الإعلامي ذاته تبع لقاء السيسي وترامب بنيويورك(دومينيك رويتير/AFP)
+ الخط -


استقبل الشارع المصري نبأ فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية بالفتور، والانشغال بتظاهرات غد الجمعة المرتقبة، وبمتابعة زيادة أسعار السلع الأساسية وأزمة انخفاض الإمدادات البترولية.

غير أن الإعلاميين التابعين للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، احتفوا بصورة مبالغ فيها بفوز ترامب، إلى حد المباهاة والافتخار بأن السيسي كان "أول رئيس (عربي) يهنئ ترامب هاتفياً"، وبأنه دعاه لزيارة مصر، واستشهدوا في هذا السياق بإشادة ترامب بالسيسي أكثر من مرة.

وتحوّل هذا التباهي بتلك الإشادات إلى مادة خصبة للسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر النشطاء أن اهتمام الإعلام الرسمي والمؤيد للنظام، وترحيبه بفوز ترامب بهذه الصورة المبالغ فيها، جاء نكاية في منافسته، هيلاري كلينتون، المتهمة من قبل السيسي وإعلامه بـ"دعم جماعة الإخوان" والإسلام السياسي.

واتجه النشطاء إلى السخرية العكسية من المشهد، بصيغة أن جميع الحجج التي كان إعلام السيسي يسوقها لفشله سياسياً واقتصادياً قد ذهبت أدراج الرياح، وأن البيت الأبيض "أصبح في جيبه"، ولم يعد هناك ما يستدعي اتهام واشنطن بالتآمر على مصر، والعمل لإفشال برامج السيسي الاقتصادية.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن التقارب المتوقع بين ترامب والسيسي لن يؤثر إيجابياً على مصر، سياسياً أو اقتصادياً، خاصة أن المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية لمصر مستمرة من دون انقطاع منذ 2014، كما أن التنسيق بين البلدين قائم بالفعل على المستوى العسكري والاستخباري في سورية وليبيا وسيناء وفلسطين.
ويتوقع المراقبون ألا يؤدي فوز ترامب إلى تغيير عاجل في السياسات الأميركية تجاه مصر، في ظل انشغال ترامب بأولويات أخرى، كالحرب على تنظيم "داعش"، ومسألة المهاجرين والحدود الجنوبية.

بينما ترجّح مصادر دبلوماسية مصرية بالولايات المتحدة لـ"العربي الجديد" أن تتراجع الانتقادات الأميركية لمصر في مجالات حقوق الإنسان، والتي زادت وتيرتها على خلفية إعادة طرح قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، والتضييق على عمل الحقوقيين في مصر، واستمرار الممانعة في فتح مراكز في القاهرة تابعة لمنظمات أميركية.


وتوضح هذه المصادر أن "السيسي في غاية الارتياح لفوز ترامب، وهو بالتأكيد متفائل بخفض وتيرة الانتقادات الرسمية من واشنطن لسياساته، والتي زادت في الفترة الأخيرة، في ملفات حقوق الإنسان تحديداً".

وفي تصريحات خاصة سابقة، ذكرت المصادر أن "لقاءات غير رسمية بين دبلوماسيين مصريين وعدد من مساعدي ترامب عقدت منذ يونيو/حزيران الماضي، وبين السيسي ونواب ورجال أعمال جمهوريين داعمين لترامب".

وأضافت المصادر أن "هذه اللقاءات كشفت وجود العديد من نقاط الاتفاق التي يمكن استثمارها للدفع بالعلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة بعد نجاح حملة ترامب الرئاسية، خاصة في سياق التعاون العسكري والأمني لمكافحة الإرهاب، وتذليل العقبات أمام حصول مصر على مزيد من صفقات الأسلحة الأميركية، وجذب استثمارات الشركات الكبرى".

وظهر التفاهم والتنسيق بين السيسي وترامب طوال الأشهر الخمسة الماضية، من خلال تصريحات ترامب المشيدة بالسيسي كأحد الرؤساء الذين سيعول عليهم لمحاربة الإرهاب، وكذلك من خلال اللقاءات غير الرسمية بين دبلوماسيين مصريين ومساعدين لترامب وشخصيات كبيرة مؤيدة له.

والتقى الطرفان في سبتمبر/أيلول الماضي على هامش مشاركة السيسي في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك، وكان لافتاً أن الإعلان عن اللقاء لم يكن من الرئاسة المصرية، بل من وليد فارس، أحد مستشاري ترامب، والذي أجرى قبلها زيارة إلى مصر التقى فيها بعدد من القيادات الدينية والمسؤولين.

واستهدفت زيارة فارس مد جسور الثقة والتعاون بين ترامب والنظام الحاكم في مصر، والبناء على المساحات المشتركة بينهما، خاصة في ما يتعلق بمعاداة الأصولية الدينية وتيارات الإسلام السياسي.

وكانت الرئاسة المصرية قد أصدرت بيانين عن اللقاءين اللذين عقدهما السيسي مع ترامب ومنافسته كلينتون في نيويورك؛ كشفا الفوارق في معاملة السيسي للمرشحين، والاحتفاء المصري بحديث ترامب عن مستقبل علاقته بالنظام الحاكم في مصر.

وذكر البيان، آنذاك، أن السيسي وترامب تباحثا حول العلاقات الثنائية الاستراتيجية التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة، ولا سيما ما يتعلق بالتعاون على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين.

ونقل البيان عن ترامب "تقديره للسيسي وللشعب المصري على ما قاما به دفاعاً عن بلادهم، بما حقق مصلحة العالم بأكلمه" وتأكيده على "ما يكنّه لتاريخ مصر من احترام كبير، والدور الريادي الهام الذي تقوم به في الشرق الأوسط".

ونسب البيان لترامب "دعمه الكامل لجهود مصر فى مكافحة الإرهاب، وتأكيده أن الولايات المتحدة ستكون تحت إدارته – حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية – صديقاً وحليفاً قوياً يمكن لمصر الاعتماد عليه خلال السنوات القادمة".

وأشار ترامب، بحسب البيان، إلى علاقات الشراكة القوية والممتدة التى جمعت بين البلدين على مدار العقود الماضية، مؤكداً حيوية هذه الشراكة بالنسبة لأمن واستقرار الشرق الأوسط، وأوضح أن البلدين لديهما عدو مشترك هو الإرهاب والتطرف.