ورغم أن هذه التعيينات كانت شبه متوقعة، إلا أن مراقبين اعتبروها ترتيبا وتنظيفا للبيت الداخلي، وأنها تدخل في إطار الإصلاحات و"الحرب على الفساد" التي بدأتها الحكومة منذ فترة.
وأكدت رئاسة الحكومة التونسية، في بيان لها اليوم، تغيير رئيس ديوان الشاهد، الهادي الماكني، وتعويضه بالمستشار الاقتصادي للرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، رضا شلغوم، وتعيين الهادي الماكني كاتباً عاماً للحكومة، وأحمد زروق مستشاراً لدى رئيس الحكومة مكلفا بالوظيفة العمومية والحكامة والإصلاح الإداري.
ويعتبر شلغوم من أبرز الشخصيات التي سبق أن رشحت لهذا المنصب عند تشكيل حكومة الشاهد، إذ تم تداول اسمه.
وشغل شلغوم منصب وزير المالية السابق في الحكومة المؤقتة، وولد بقفصة في العام 1962، وهو حاصل على شهادة الدراسات العليا اختصاص تمويل التنمية والإجازة في العلوم الاقتصادية، ومتخرج من معهد الدفاع الوطني.
وقبل تعيينه في منصبه الجديد، شغل محمد رضا شلغوم منصب رئيس هيئة السوق المالية، كما اضطلع قبل ذلك بعدة مهام، منها رئيس ديوان وزير المالية ومدير عام الامتيازات الجبائية والمالية بوزارة المالية، ومدير الادخار والسوق المالية بالوزارة نفسها.
وعيّن في سبتمبر/ أيلول عام 2006 عضواً بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، كما أنه حاصل على الصنف الرابع من وسام الجمهورية.
أما الهادي الماكني، الذي تم تغييره من ديوان رئيس الحكومة إلى كاتب عام الحكومة، فقد تقلد هذا المنصب برتبة وامتيازات وزير منذ تاريخ 29 أغسطس/ آب 2016، وبقي في منصبه عاماً واحداً.
ويبدو أن أسباب تغيير الماكني يعود إلى الجدل الكبير الذي أثاره تعيين زوجته بديوان رئيس الحكومة، إذ صدر أمر حكومي عدد 675 لسنة 2017 ، مؤرخ في 2 يونيو/ حزيران 2017، عينت بمقتضاه إيمان بالريش، حرم الماكني، مستشارة للمصالح العمومية، مكلفة بمأمورية بديوان رئيس الحكومة ابتداء من 28 أبريل/ نيسان 2017.
ويبدو أن تعيين إيمان بالريش، والذي أثار عدة تساؤلات حول تدخل زوجها في تعيينها ونيلها هذا المنصب، وراء المسارعة بالتغيير دون الإقالة، بحسب ما دعت إليه بعض الأوساط السياسية.
ويرى المحلل السياسي، محمد بوعود، أنّ الشاهد بدأ بتنظيف البيت الداخلي، مبينا أنه شرع بمستشاريه وأقرب الناس إليه، مرجحاً أن تكون هناك تغييرات أخرى في الأفق.
وأوضح بوعود، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة التونسية تريد من وراء هذه التعيينات إبراز جديتها في مكافحة الفساد وفي الإصلاح، خاصة وأنها لا تقدر في الوقت الراهن على إجراء تعديل وزاري، مرجحاً وجود عدة عراقيل قد تعيق هذا التعديل الذي كثر الحديث حوله.
وبين المتحدث ذاته أن من أبرز العراقيل وجود وزراء من "النهضة" و"النداء"، ما يجعل الاستغناء عنهم صعبا، بسبب تركيبة الحكومة والتوازنات التي يفرضها المشهد السياسي رغم فشل بعضهم.
واعتبر المحلل السياسي أن رئيس الحكومة سيكون أمام خيارين، فإما المضي قدما في التعديل الحكومي، أو التريث إلى حين وجود دعم سياسي حوله، مبينا أن "الحكومة بمثل هذه التعيينات فضلت ترتيب البيت الداخلي وإجراء تعديل يكون في حدود قدراتها، وهي بداية لتغييرات قد تأتي أو لا تأتي، وبالتالي ستكون أمام خيارين: إما أن تكتفي بتعيينات تكون في حدود ضيقة، ما يجنبها الصدام بالأحزاب، أو مواصلة العمل".
وأشار بوعود إلى أن "اختيار شلغوم متوقع، لأن موضوع عودته مطروح منذ فترة، خاصة وأنه عين وزيرا للمالية سابقا، وكان مستشارا للسبسي"، معتبرا أنه "حافظ على استقلاليته، حيث لم يعرف عنه التحزب أو الانتماء لأي جهة".
ويرى بوعود أن اسم رئيس الديوان الماكني ارتبط أخيرا بترقية زوجته، والتي ربما تكون قد تمت دون أي موجب، ولكن بدل إقالته تم تعيينه في منصب آخر، ما يعني أن التغيير داخلي، وتم بين بعض المكاتب وليس تعديلاً كبيراً.