28 عاماً على انطلاقة "حماس": أزمات وتحديات

13 ديسمبر 2015
تتطوّر المقاومة سياسياً وشعبياً وعسكرياً (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
تعيش حركة "المقاومة الإسلامية" (حماس)، في ذكرى انطلاقتها الثامنة والعشرين، مرحلة حساسة ودقيقة، تلفّها الأزمات من جوانب عدة، ويتهدّدها مزيد من التضييق والحصار، مع بقاء التهديد الإسرائيلي الأقوى حالياً، إلى جانب الأزمات الداخلية في قطاع غزة المحاصر، التي لا تقلّ سوءاً عن الحروب.

وإن كانت الأزمات تلازم الحركة الإسلامية منذ سنوات، إلا أنها هذا العام تبدو أكثر حدة، وسط مرحلة ضبابية تمر بها القضية الفلسطينية والمحيط العربي، ولا تبدو في الأفق بوادر حل لكثير من الأزمات والإشكاليات التي تعاني منها "حماس" أو القطاع.

ويشير القيادي في حركة "حماس"، مشير المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الأزمات الذي تعانيها الحركة في غزة، تعود لتبنّيها برنامج المقاومة، ورفضها الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "أزمات الحصار وإغلاق المعابر والحروب المتلاحقة، تهدف لضرب مشروع حماس الرافض للانخراط بالتسوية والمفاوضات".

ويوضح المصري أنّ "حجم التناقض بين البرامج الموجودة على الساحة المحلية والعربية وبرنامج حركة حماس، الذي يتبنّى المقاومة كخيار استراتيجي لتحرير كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، يؤدي دوراً في تشديد الخناق المفروض على الحركة".

ويُبيّن أنّ "هذه الأزمات المصطنعة، ستبقى بأشكالها المختلفة في وجه المقاومة الفلسطينية، لكنها ستتهاوى وتتساقط تباعاً في وجه أصحابها، ومشروع المقاومة الذي تتبنّاه حماس، هو المشروع الذي يتقدم وسيبقى الأقوى، على الرغم من كل شيء".

اقرأ أيضاً: الآلاف يشيعون جثمان الشهيد ارشيد والاحتلال يصيب العشرات بالضفة

عسكرياً، يؤكد المصري أنّ "حماس تطوّرت بشكل كبير على الصعيد العسكري، بفعل التطوير المستمر الذي تقوم به كتائب القسام، الذراع العسكري للحركة، من أجل الاستعداد لأي مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل".
وينوه إلى أنّ "القدرات العسكرية للحركة أصبحت أضعاف القدرات التي كانت تمتلكها إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة صيف 2014، التي استمرت 51 يوماً، وتمكنت خلالها القسام من قصف مدينة حيفا المحتلة للمرة الأولى، وتنفيذ عمليات طاولت مواقع عسكرية داخل الأراضي المحتلة عام 1948".

ويلفت المصري إلى أنّ "حركة حماس وجناحها العسكري أديا دوراً في تغيّر الكثير من المعادلات على الساحة المحلية، وباتا قادرين على أي مواجهة عسكرية محتملة مع الاحتلال الإسرائيلي، بفضل التطوير الدائم وحالة الاحتضان الشعبي للمقاومة".

ويشير إلى أنّ "حالة الركود الموجودة حالياً في أداء المقاومة والتي ينتقدها البعض، هي ضمن مراحل الإعداد التي تلتزم بها المقاومة، والتي ستكون حاضرة، وبشكل قوي، لتغيير المعادلات في الصراع القائم مع الاحتلال، وبعض شركائه الإقليميين".

سياسياً، يرى المصري أنّ "حماس تقدّمت بشكل كبير بعد مرور 28 عاماً على تأسيسها، على الرغم من حجم التعقيدات التي تمر بها المرحلة الحالية، بفعل التضييق والحروب والحصار الذي يعاني منه القطاع وتعاني منه حماس".

ويرى أنّ "حماس تقدمت خطوات سياسية في مختلف الأصعدة، واستطاعت اختراق الحواجز وفرض المعادلات في صراعها مع الاحتلال، سواء من خلال احتضان الشعب الفلسطيني الذي تشكل الحركة رأس حربة المقاومة فيه، وكبرى الحركات الفلسطينية سياسياً".

ويستدل القيادي في الحركة الإسلامية على قوة "حماس" السياسية، من خلال نتائج الانتخابات التشريعية التي حققت فيها الحركة فوزاً كاسحاً عام 2006، والحروب المتلاحقة التي خاضتها في الأعوام 2008 ـ 2009 و2012 و2014 في غزة، بالإضافة لصفقة التبادل التي أجرتها مقابل الجندي جلعاد شاليط عام 2011.

من ناحيته، يقول المحلل السياسي حاتم أبو زايدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حركة حماس بعد مرور 28 عاماً على انطلاقتها، عززت من تواجدها على الساحة الفلسطينية والعربية، من خلال تمسكها بالثوابت وخيار المقاومة، وما حققته في حروبها الثلاث مع الاحتلال الإسرائيلي".

ويلفت أبو زايدة إلى أنّ "حماس ما تزال في حالة صعود متواصل، بعد فشل كل المحاولات التي هدفت لتصفية الحركة، سواء من خلال الحصار الإسرائيلي المفروض عليها منذ عشر سنوات، أو الحروب المتلاحقة على القطاع".

ويؤكد أبو زايدة أنّ "التحديات التي تواجه حماس الآن، هي الأكبر في تاريخها، وذلك نتيجة تزايد الضغوط عليها، بفعل الواقع الإقليمي الذي نعيشه، وحالة الحرب التي تعيشها بعض الأنظمة القائمة حالياً ضد التيارات الإسلامية الموجودة كمصر وبعض الدول الأخرى".

ويضيف أنّ "أحد أهم التحديات التي تعرّضت لها الحركة، هي تشديد الحصار منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي والانقلاب العسكري في مصر، الذي أدى لتجفيف المنابع المالية للحركة، وتعزيز الاحتلال للحصار المفروض على القطاع".

وعن خيارات الحركة للخروج من الأزمات التي تعيشها وعزلتها الحالية، يُبدي المحلل السياسي الفلسطيني، اعتقاده بأنّ "الخيارات ضئيلة للغاية، فإما أنّ تتوجه للعلاقة مع مصر وأن تنهي ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، أو التوجه نحو الاحتلال والاعتراف به، أو المصالحة مع الرئيس محمود عباس".

ويُنبّه أبو زايدة إلى أنّ "خيار التوجه نحو مواجهة عسكرية مع إسرائيل خطوة انتحارية وهي غير مضمونة النتائج للحركة، ويبقى خيار المصالحة مع الرئيس عباس قائماً ضمن محاولاتها لتحسين الواقع المعيشي في القطاع".

ويتابع قائلاً إن "منهج حماس السياسي الحالي يعتمد على الصبر، وانتظار نتائج ما يدور في المنطقة الإقليمية، على الرغم من عدم تعويلها بشكل كبير حالياً على الواقع الحالي، وما نتج عن ثورات الربيع العربي". ويتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع أبو زايدة، بالقول إن "الحركة الإسلامية التي انطلقت في العام 1987، عززت من تواجدها على الصعيد الفلسطيني والعربي، من خلال دورها المحوري في القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة".

ويؤكد عوكل، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "حركة حماس قادرة على الاستمرار وتطوير دورها وأدائها بشكل أكبر، على عكس الكثير من الحركات على الساحة الفلسطينية والعربية، التي اختفت وفقدت مكانتها في المجتمع بسبب مواقفها".

ويقول إنّ "الحركة على الصعيد الفكري أبدت مرونة كبيرة وانفتاحاً أكبر ممّا كانت عليه قبل فوزها بالانتخابات التشريعية ووصولها إلى سدة الحكم، ما عزز من مكاناتها وحضورها على الصعيدين العربي والدولي وصولاً إلى إدارتها للقطاع منذ نحو تسع سنوات".

ويُحدّد عوكل أنّ "الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات وعلاقة الحركة السلبية بالنظام المصري، يُعتبران التحدي الأكبر الذي تواجهه الحركة التي تسيطر على غزة منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007".

ويلفت إلى أنّ "واقع الحصار المشدد الذي تعاني منه الحركة منذ عزل مرسي، تسبّب في تحميل سكان القطاع جزءاً كبيراً من الأعباء المالية، بسبب عجزها عن توفير الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، وعدم إتمام المصالحة الفلسطينية".

وينوه عوكل إلى أنّ "حالة الانغلاق الحالية ستستمرّ بسبب عدم وجود بدائل أخرى أمام حركة حماس، وصعوبة إتمام المصالحة الداخلية في الفترة المقبلة، والعلاقة المتوترة مع الأنظمة العربية القائمة حالياً بسبب امتدادها لجماعة الإخوان المسلمين".

ويشير إلى أنّ "الحركة لا ترغب في التوجه نحو الخيار العسكري في الفترة الراهنة، لعدم وجود أي ضمانات حقيقة تقود نحو تغيير الوضع السياسي والمعيشي في القطاع، خصوصاً بعد تجربة الحرب الأخيرة عام 2014 وما تبعها من قيود جديدة على القطاع".

اقرأ أيضاً: مسيرات حاشدة لـ"حماس" في غزة بذكرى انطلاقتها
المساهمون