العراق: الصراع على الوزارات الشاغرة يعطل استكمال حكومة الكاظمي

14 مايو 2020
تولى الكاظمي مهام وزارة الخارجية مؤقتاً (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
يواصل رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، مشاوراته مع قادة الكتل السياسية للتوصل إلى اتفاق على إكمال حكومته التي لا تزال سبع وزارات فيها شاغرة، أبرزها الخارجية، والنفط، والعدل، وسط استمرار الخلافات بين قوى التحالف السياسي الواحد حيال ما تبقّى من وزارات، وتتركز تلك الخلافات على الشخصيات المرشحة لهذه الحقائب، ورغبة كل جهة سياسية بأن تكون لها حصة من إحدى الوزارات الشاغرة. ومنح البرلمان العراقي، خلال جلسة امتدت إلى ساعة متأخرة الأربعاء الماضي، الثقة لحكومة غير مكتملة برئاسة الكاظمي، إذ تم التصويت على 15 وزيراً، فيما رُفض 5 مرشحين لوزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة والهجرة، وتم تأجيل التصويت على مرشحي وزارتي الخارجية والنفط، بسبب الخلافات بين القوى السياسية على تلك الحقائب.

وأصدر الكاظمي بياناً الثلاثاء أعلن فيه عن توليه مهام وزير الخارجية إلى حين تسمية وزير، كما أمر بتولي وزراء آخرين في حكومته إدارة الوزارات الشاغرة، إذ تسلم وزير التربية علي مخلف مهام وزير التجارة، ووزير التعليم نبيل كاظم تسلّم مهام وزير العدل، ووزير الشباب عدنان درجال مهام وزير الثقافة، ووزير النقل ناصر حسين بندر مهام وزير الهجرة، وكلف أيضاً وزير المالية علي حيدر عبد الأمير بمهام وزير النفط، وذلك وفقاً للنظام الداخلي لمجلس الوزراء الذي يجيز إدارة الوزارات بالوكالة إلى حين تسمية وزير أصيل لها.

وقال مقرب من الكاظمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات بين القوى السياسية على الحقائب الوزارية ما زالت قائمة، على الرغم من سعي الكاظمي لإكمال حكومته بشكل سريع كما وعد، لكن لا مؤشرات على إمكانية حسم الملف قبل عيد الفطر". وأوضح أن "هناك خلافاً سياسياً كبيراً بين المكوّنات الشيعية على حقيبتي النفط والزراعة، فضلاً عن تباين بين القوى السياسية السنّية على وزارة التجارة، بين كتل محددة تدعي كل واحدة منها أنها ممثل المكون السياسي". وأضاف أن "هناك خلافاً عميقاً آخر على الحقيبتين الوزاريتين اللتين اعتُبرتا من حصة المكون الكردي، وهما الخارجية والعدل، فقوى المكون الكردي قدّمت شخصيات للوزارتين، لكنها رُفضت من القوى السياسية الشيعية، إذ اعتُبر أحد المرشحين من عرابي استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق في سبتمبر/أيلول 2017، ولا يصلح ليكون وزير خارجية، وآخرين اعتُبروا مجربين أو حزبيين، في وقت هناك إصرار سياسي كردي على ترشيح خالد شواني لحقيبة العدل وفؤاد حسين لحقيبة الخارجية". وختم المقرب من الكاظمي بالقول إن "رئيس الوزراء لا يستطيع تقديم أي أسماء إلى البرلمان للتصويت عليها من دون وجود اتفاق سياسي مسبق عليها، خوفاً من تكرار سقوطها في التصويت مجدداً، ولهذا يسعى إلى حسم الملف بأسرع وقت، لكن الخلافات بين القوى السياسية كبيرة جداً".

من جهته، قال النائب عن "تحالف الفتح" حنين قدو، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية ما زالت مستمرة حول الحقائب الوزارية حتى الساعة، ولم يُحسم هذا الملف، ونعتقد أن حسم هذا الملف ربما بعد العيد بفترة ليس قليلة". ولفت قدو إلى أن "المرشح لوزارة العدل (خالد شواني)، كان قد رفع السلاح سابقاً في وجه الجيش العراقي أيام إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان، فمن المعيب وغير المعقول تصويت البرلمان على شخصية رفعت السلاح بوجه الجيش العراقي، ولا بد أن يكون هناك تغيير سريع للمرشح، كما أن مرشح الخارجية (فؤاد حسين)، يرفض غالبية أعضاء البرلمان التصويت له لأسباب مختلفة".
وأضاف قدو أن "الوزارات الشاغرة الأخرى لغاية الآن لم يُقدَّم لها أي مرشحين، بسبب عدم الاتفاق بين الكتل السياسية، خصوصاً أن كل كتلة داخل المكون الواحد تريد الحصول على ما تبقى من وزارات شاغرة"، مشيراً إلى أن دعم القوى السياسية للكاظمي وحكومته، "ليس دعماً مطلقاً وإلى ما لا نهاية، فهذه القوى ستراقب عمل الكاظمي وحكومته، وستقيّم وفق هذا العمل الاستمرار في الدعم من عدمه".

وفي السياق، أكد النائب عن تيار "الحكمة" علي البديري، في حديث مع "العربي الجديد"، استمرار الخلافات على الحقائب الوزارية الشاغرة "خصوصاً أن رئيس الوزراء يرغب بتقديم الحقائب الشاغرة دفعة واحدة للتصويت عليها، وعدم تقديم كل وزارتين أو أكثر، للتصويت عليها". وأوضح البديري أن "الخلافات على الحقائب لا تختلف عن الخلافات على تشكيل الكابينة الوزارية، فالقوى السياسية ما زالت تريد الحصول على الحقائب، كما أن رئيس الوزراء لا يستطيع تجاوز تلك القوى السياسية، ففي النهاية هي من ستصوّت على المرشحين في البرلمان، وهذه الخلافات ربما تطول كثيراً قبل حلها".

في المقابل، قال النائب المستقل باسم خشان، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى السياسية العراقية تتقاتل حالياً للاستحواذ على ما تبقى من حقائب وزارية، حتى أن هناك جهات سياسية حصلت على وزارات في الكابينة الوزارية المصوّت عليها لكنها تصر على الحصول على المزيد، للسيطرة أكثر على الدولة العراقية ومواردها". ورأى أن "هدف تلك القوى السياسية من وراء السيطرة على الوزارات، ليس خدمة المواطن، وإنما استغلال مواردها لأغراض سياسية وحزبية، وحتى تحويل الوزارة إلى مكتب اقتصادي تابع لها، وهذه الأعمال تقوم بها القوى السياسية المتنفذة منذ سنين، وحتى يومنا هذا". وتوقع النائب المستقل "ألا تكون حكومة الكاظمي مختلفة عن الحكومات السابقة، فهي أيضاً شُكّلت وفق نظام المحاصصة الطائفية والسياسية، والقوى المتنفذة من جديد سيطرت على الوزارات المهمة في الدولة، وهذا سيدفع الشارع العراقي إلى الانفجار بوجه حكومة الكاظمي، كما انفجر سابقاً بوجه حكومة عادل عبد المهدي".
المساهمون