ملثمو "مادما" الفلسطينية يعيدون مشاهد الانتفاضة لشوارع قريتهم

24 ديسمبر 2017
جنود الاحتلال ساندوا المستوطنين (معاوية نصار/العربي الجديد)
+ الخط -
أعاد الشبان الفلسطينيون الملثمون، يوم أمس السبت، مشاهد الانتفاضة الأولى في تصديهم لقطعان المستوطنين والقوات الكبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مواجهات عنيفة شهدتها قرية مادما، إلى الجنوب من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة.

بدأت المواجهة عند الساعة الثانية عصرًا، بتوقيت القدس، عندما هاجم أكثر من مائة مستوطن، المنطقة الجنوبية في القرية، وهي منطقة القعدات وبئر الشعر، التي يحاول مستوطنو "يتسهار"، المقامة على أراضي قرى جنوب نابلس، أن يصادروا الأراضي ويسيطروا عليها من خلال منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إليها، عدا عن الاعتداء المتواصل على البئر والأشجار فيها.

في تلك اللحظات، اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية من جيش الاحتلال وقوات حرس الحدود القرية، وقد حضرت من المدخل الغربي، واتجهت نحو تواجد قطعان المستوطنين، لتساندهم ضد أهالي القرية العُزل.

أهالي القرية، شبانًا وشيوخًا، خرجوا من منازلهم واتجهوا إلى المنطقة الجنوبية، ليواجهوا قطعان المستوطنين المتجمعين على حدود القرية، وعندما حاولوا الاعتداء على المنازل، انتفض الشبان في وجههم، لكن بنادق الجنود ورصاصهم كان يساند هجمة المستوطنين، وفق ما أكدته مصادر محلية لـ"العربي الجديد".

عند المساء، انسحبت قطعان المستوطنين، وكان حينها الشبان ما زالوا يتجمهرون في شوارع القرية. وغضبًا من القمع والإيذاء المباشر للأهالي من قبل جنود الاحتلال، أغلق الشبان شوارع القرية منعًا للقوة العسكرية من الخروج عبر المدخل الغربي، وتم احتجازهم لوقت طويل، إلى أن اقتحمت القرية قوة أخرى.

أكثر من خمسين جنديًا إسرائيليًا هاجموا القرية، وأطلقوا في البداية قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بشكل مكثف باتجاه الشبان والمنازل والأهالي، في محاولة لتأمين وتغطية انسحاب جيش الاحتلال المحتجز في المنطقة الجنوبية للقرية.



في المقابل، تجهز شبان القرية الملثمون بحجارتهم وزجاجاتهم الحارقة "المولوتوف"، إذ تمركزوا وسط القرية في مكان قريب جدًا من طريق انسحاب قوات الاحتلال، ووضعوا السواتر الحديدية بينهم وبين الجنود، في الوقت الذي أغلقت فيه المحال التجارية أبوابها، نظرًا لاشتداد وتيرة المواجهات.

وفي الوقت الذي كانت فيه قوة الاحتلال المحتجزة متواجدة في المنطقة الجنوبية، والمواجهات تشتد وسط القرية، كان الشبان يرشقون الجنود بالحجارة، وأكدت مصادر أن عددًا من الجنود أصيبوا بشكل مباشر بالحجارة، بينما رد جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر باتجاه الشبان، وهو ما أدى إلى إصابة شاب برصاصة حية في يده، تسببت في قطع بالأوتار والشرايين، وآخر أصيب بثلاث شظايا في الفخذ، بينما أصيب المصور محمد عامر بشظايا الرصاص الحي في رأسه، وذلك أثناء تغطيته للأحداث في قريته، ونُقل ثلاثتهم لمستشفى رفيديا لتلقي العلاج.

بالإضافة إلى ذلك، أصيب خمسة شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، عدا عن عشرات الإصابات بالاختناق جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع، حيث أمطر الجنود منازل المواطنين بقنابل الغاز، ما تسبب بإصابة الأطفال والنساء والكبار في السن بالاختناق.

يشير أهالي القرية إلى أن مثل هذه المواجهات، كانت أشبه بالانتفاضة، وأعادت لهم مشاهد الانتفاضة الأولى، بل أكثر، عندما كان الاحتلال يقتحم القرية للمرور عبرها وصولًا إلى معسكر للجيش، كان يقام على أراضي عصيرة القبلية، فترة التسعينيات من القرن الماضي.

استطاعت القوة العسكرية الراجلة المنتشرة في منطقة المصرارة، غربي القرية، أن تؤمن انسحاب الجيبات العسكرية بعد فترة طويلة، وبعد استخدامها المفرط للرصاص والقنابل، بينما رشق الشبان الجيبات بالزجاجات الحارقة أثناء انسحابها عبر منطقة العروق المجاورة للقرية.

كانت حينها شوارع القرية التي اندلعت فيها المواجهات، قد امتلأت بالحجارة والإطارات المطاطية المشتعلة، وما خلفته المواجهات العنيفة من آثار، لكن الشبان في مشهد رائع زاد ثقة الناس بهم، قاموا بحملة تنظيف وغسل للشوارع، شارك فيها الأطفال والشبان والشيوخ.

يقول أحد المشاركين في المواجهات لـ"العربي الجديد": "أهالي القرية وقفوا معنا، على الرغم من إصابتهم بالاختناق بالغاز وهم داخل منازلهم، كنا نعتقد أنهم سيعارضون المواجهات من وسط البلدة، لكن تشجيعهم واطمئنانهم علينا، رفع معنوياتنا أكثر، وزاد من عزيمتنا في حماية أرضنا من الاستيطان الذي يحميه جيش الاحتلال".