قمة روسية تركية بموسكو: تسليم إدلب مقابل منطقة آمنة؟

23 يناير 2019
الملف السوري يهيمن على مباحثات أردوغان وبوتين اليوم(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
يعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، في موسكو، لقاء مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وسط توقعات بأن تتصدر الأوضاع في سورية، وإدلب تحديداً، جدول أعمال المباحثات، استكمالاً للاتفاقات بشأن منطقة منزوعة السلاح التي توصل إليها الرئيسان في سوتشي في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وقبيل توجهه إلى موسكو، أكد أردوغان أنه سيبحث مع بوتين العلاقات الثنائية ومختلف القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها سورية، بما فيها مسألة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، مشدداً على أن تركيا "لن تسمح بإقامة منطقة آمنة في سورية تتحول إلى مستنقع جديد ضدها". كما أكد أن تركيا "أظهرت عزمها من خلال المبادرة التي وضعتها بشأن إدلب".



وفي هذا الإطار، رجح الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن اللقاء بين بوتين وأردوغان سيهيمن عليه ملفان رئيسيان، وهما الأوضاع في إدلب ومنبج وشرقي الفرات، وإقامة منطقة آمنة على الحدود السورية التركية.

وقال سيميونوف، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه ستجري مناقشة سيطرة "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من إدلب، و"كيفية وفاء موسكو وأنقرة باتفاقات سوتشي، إذ إنه من البديهي أن ذلك بات أمراً شبه مستحيل". ومع ذلك، لا يستبعد أن تقبل روسيا بتأجيل العملية العسكرية في إدلب لفترة ما.
وحول واقعية التوصل إلى اتفاق بشأن إقامة منطقة آمنة، رأى أنه "قد تسعى أنقرة وموسكو لوضع خطة عمل لانتقال إدلب أو الجزء الأكبر منها إلى سيطرة النظام السوري، من دون أن تعرقل تركيا ذلك. وفي الوقت نفسه، لن تعرقل روسيا إقامة منطقة آمنة على امتداد الحدود التركية السورية". وبالنسبة إليه "ليس من المستبعد أن تقام منطقة آمنة كهذه في إدلب أيضاً لضمان مصالح تركيا في المناطق الحدودية من هذه المحافظة".
من جهتها، ذكّرت "وكالة الأنباء الفيدرالية" شبه الرسمية الروسية والموالية للكرملين، بأن مبادرة الرئيس التركي تقتضي إقامة منطقة آمنة واسعة على الحدود السورية التركية بعرض 32 كيلومتراً، بينما يعتبر الأكراد أن أردوغان يسعى بهذه الخطة لـ"احتلال" مناطق جديدة في الشمال السوري بعد عفرين. 
وبرأي مدير "معهد التنمية الحديثة للدولة"، دميتري سولونيكوف، فإن هناك بالفعل خطر تكرار سيناريو عفرين في الشمال السوري، حيث تشكل المنطقة الآمنة فرصة لتركيا لتحقيق مصالحها الجيوسياسية.
وقال سولونيكوف لـ"وكالة الأنباء الفيدرالية"، إن "أنقرة تقلق بالدرجة الأولى على حدودها الجنوبية، إذ إن وحدات الأكراد ذات الصلة بحزب العمال الكردستاني، تشكل خطراً عليها". ولفت إلى أن "الوضع في إدلب الحدودية ليس بهادئ أيضاً، حيث تجمع هناك الإرهابيون من كافة الأراضي السورية". وخلص إلى القول "بالطبع، فإن هذه المبادرة لأردوغان موجهة بالدرجة الأولى لتسوية المهام الداخلية للأتراك (في إشارة لردع حزب العمال الكردستاني)، وليس فقط قضايا الأمن القومي، وهم يعولون في ذلك على دعم الجانب الروسي".
ومع ذلك، رجحت الوكالة أن روسيا قد لا تدعم الخطة التركية بشأن المنطقة الآمنة، مشيرة إلى أن "موسكو، على عكس أنقرة، تنحاز لمبادئ استقلال الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، المنصوص عليها في إطار عملية أستانة". وقال سولونيكوف بهذا الخصوص إن "مهمة موسكو هي إعادة كامل أراضي البلاد إلى سيطرة الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية"، على حد قوله. وتابع قائلاً: "إذا كانت روسيا ستمثل في هذا الحوار طرف دمشق والشعب السوري، فإن تركيا ستمثل مصالحها هي فقط. قد يحدث تنسيق ما لهذه المواقف، لكنه لن يتسنى، على الأرجح، تحقيق تنسيق كامل في جولة واحدة".
مع العلم أن المسؤولين الأتراك أكدوا مراراً الالتزام بوحدة الأراضي السورية، بما في ذلك قول وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أول من أمس، إنّ "جميع الجهات لديها أجندة خاصة في سورية، وإنها ليست حريصة مثل تركيا على وحدة الأراضي السورية، وتحقيق الاستقرار والسلام فيها".

وكان معاون الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، قد أكد قبل أسبوع أن أردوغان سيقوم بزيارة عمل إلى موسكو في 23 يناير/ كانون الثاني، وسيجري خلالها بحث الوضع في سورية على ضوء نوايا واشنطن سحب قواتها.
بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن لقاء الرئيسين سيتركز على الوفاء بالاتفاقات الروسية - التركية بشأن إدلب، معتبراً في الوقت نفسه أنها "لا تقتضي منح حرية كاملة للإرهابيين الذين يواصلون قصف مواقع للقوات السورية والمواقع المدنية من المنطقة منزوعة السلاح، ويحاولون مهاجمة القاعدة الجوية الروسية في حميميم". 
يذكر أن بوتين أعلن في ختام لقائه مع أردوغان في سوتشي في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، عن توصلهما إلى اتفاق إقامة منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب ذات عمق 15 - 20 كيلومتراً على امتداد خط التماس بين المعارضة المسلحة وقوات النظام، اعتباراً من 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، على أن تتولى مجموعات دورية متحركة تابعة للوحدات التركية والشرطة العسكرية الروسية المراقبة في المنطقة.