الداخلية المصرية تبدأ عملية تصنيف للمعتقلين

24 ابريل 2017
أحد المعتقلين بعد الإفراج عنه سابقاً (فريد قطب/الأناضول)
+ الخط -

تسعى وزارة الداخلية المصرية إلى القيام بعملية مراجعة شاملة للمعتقلين، سواء من الحاصلين على أحكام أو ممن لا تزال محاكمتهم قائمة، وتصنيفهم للتعامل مع ما قد يطرأ حيال الإفراج عن بعضهم. ويواجه النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، ضغوطاً دولية وإقليمية من أجل حل ملف المعتقلين على خلفية قضايا سياسية، وتحسين أوضاع السجون لناحية التكدس والتعذيب والإهمال الطبي. وفي سبيل ذلك، أصدر السيسي قراراً بالعفو عن قائمتين، تضمنتا أسماء لم تسلمها لجنة العفو الرئاسي المشكّلة العام الماضي.

وتزامن ذلك مع مراجعة الأسماء التي سلمتها لجنة العفو الرئاسي في القائمتين، وقيام وزارة الداخلية بإعادة تصنيف المعتقلين في السجون المصرية بشكل موسع، بحسب ما كشفته مصادر متطابقة قريبة من ملف المعتقلين لـ"العربي الجديد".

وتذهب التقديرات، إلى أن عدد المعتقلين في السجون المصرية يتراوح بين 40 ألفا و60 ألف معتقل منذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي في عام 2013، بحسب تقارير حقوقية من منظمات دولية ومصرية.
وتجاوز عدد القتلى في السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة 300 شخص، سواء بفعل التعذيب أو الإهمال الطبي، ويواجه المئات الحبس دون الفصل في قضاياهم على الرغم من تجاوزهم الحد الأقصى في الحبس الاحتياطي. ورصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محاكمة 10069 مدنياً في محاكم عسكرية.

ويشكك مراقبون في دفع النظام المصري نحو التخفيف من معاناة المعتقلين والإفراج عن الشباب الذين تم القبض عليهم على خلفية الأزمة السياسية التي تشهدها مصر. وتشير مصادر إلى أن "هذا التصنيف الجديد ليس فقط بحسب القضايا التي حصل فيها المعتقلون على أحكام أو التي لا تزال قيد النظر في القضاء، ولكن أيضاً مراجعة أسماء المعتقلين وبيان مدى قربهم لجماعة الإخوان المسلمين". وتضيف بأن "كل معتقل يصنف بأنه في جماعة الإخوان أو متعاطف معهم إذا كان مشاركاً في التظاهرات رفضاً لما حدث في 3 يوليو/تموز 2013، وذلك رغم أن لا علاقة قوية له مع جماعة الإخوان المسلمين".

وتردف بأن "هذا التصنيف يتعرّض له المعتقلون بشكل مستمر وسط عملية اختبار لهم، في لقاءات تحدث مع ضباط من جهاز الأمن الوطني أو ضباط المباحث في السجن". وتشير إلى أن "المتعاطف أو الرافض لما حدث في 3 يوليو ربما يكون أكبر فرصا للخروج من السجن، سواء في العفو الرئاسي أو من خلال إنهاء فترة السجن الاحتياطي إذا لم يصدر بحقه أحكام".

وتؤكد بأن "هناك مستوى ثانياً من التصنيف يتعلق بمدى قناعة كل معتقل بالعنف وحمل السلاح ضد الدولة، واختبار هذا الأمر يكون بطريقتين، الأولى مباشرة عن طريق سؤال من أحد الضباط للمعتقلين، والثاني غير مباشر من خلال جواسيس الداخلية وسط المعتقلين".



وتلفت المصادر إلى أن "من يثبت قطعياً تصديق حديثه مع المعتقلين أو في المناقشات داخل السجن مع أقواله لضابط الأمن الوطني، يكون أقرب للخروج وتصنيفه بأنه غير خطر". وتنوّه إلى أن "هذه التصنيفات تتم لشباب الإخوان أو الموالين لهم أو الشباب الذين تم القبض عليهم بشكل عشوائي في التظاهرات، ولكنّ هناك معتقلين ينتمون للتيار الجهادي وأفكارهم تكون ثابتة فيما يتعلق باستخدام العنف وتكفير الحاكم، وهؤلاء لهم قصة ثانية في التعامل".

وحول قيادات جماعة الإخوان المسلمين، تقول المصادر ذاتها إن "هناك بالتأكيد تواصلاً مع بعضهم داخل السجون، ولكن هناك صعوبة في أن يشملهم أي عفو خلال الفترة القصيرة المقبلة، حتى لو تمت تسوية الأزمة في مصر". وتعتبر أن "محاولات وزارة الداخلية والعفو الرئاسي تُعدّ انفراجة في ملف المعتقلين، ولكن في النهاية هناك شباب سيدفع الثمن، تحديداً الحاصلين على أحكام عسكرية أو الذين وردت أسماؤهم في قضايا كبيرة على خلفية استخدام العنف، بغض النظر عن حملهم السلاح أم لا".

في المقابل، تكشف مصادر أمنية أن "هذه التصنيفات لا تعني الإفراج عن السجناء، خصوصاً أن التخوفات لا تزال قائمة في حمل المفرج عنهم للسلاح". وتضيف في تصريحات خاصة، أن عمليات الإفراج عن السجناء تتم من خلال العفو الرئاسي، والرؤية الأمنية تذهب إلى صعوبة الإفراج عن أعداد كبيرة على دفعات متقاربة، نظراً لأن عمليات المراقبة لمن يخرج من السجون تكون مرهقة للأجهزة الأمنية".

وتشدّد على أن "التأكد من عدم حمل أي من المفرج عنه لأفكار التكفير وحمل السلاح تكون عملية شديدة التعقيد داخل السجون، لأن هناك من خرج من السجون عقب ثورة 25 يناير وعاد لحمل السلاح والسفر لمناطق النزاعات المسلحة".

وتشير المصادر إلى أن "الأجهزة الأمنية تسعى لنبذ أفكار التطرف داخل السجون من خلال جلسات مع عدد من المعتقلين المعروف عنهم عدم تبني العنف، فضلاً عن إعطاء دروس في الدين للرد على دعوات التكفير المنتشرة في السجون".