إيران: أيّ رصاصة سنردّها بـ10 وترامب "مبتزٌ دولي"

22 يونيو 2019
أسقط الحرس الثوري الإيراني طائرة أميركية مسيّرة (Getty)
+ الخط -
في وقت تتجه فيه الأوضاع نحو هدوء حذِر على خلفية التصعيد الأخير بين واشنطن وطهران بسبب إسقاط الأخيرة طائرة مسيّرة أميركية، جدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، اليوم السبت، التأكيد أن بلاده "لن تسمح باختراق أجوائها، بغض النظر عن طبيعة القرارات الأميركية".

وأوضح موسوي، في تصريحات نقلتها عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية، "نحن مستعدون لمواجهة أي تهديد ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية". فيما اعتبر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصور نفسه كأنه "مبتز دولي".

وفي إشارة إلى مواقف ترامب من إسقاط الطائرة، أضاف موسوي، أن "قراراتنا ليست خاضعة لقراراتهم، وسنواجه أي اعتداء، سواء هددوا أم لم يهددوا، ولن نسمح باختراق أجوائنا".



رصاصة مقابل 10

إلى ذلك، أكدت القوات المسلحة الإيرانية، اليوم، أنها سترد على "إطلاق رصاصة واحدة" من الولايات المتحدة، بـ"إطلاق 10 رصاصات".

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، لوكالة "تسنيم"، إن "إطلاق مجرد رصاصة واحدة صوب إيران، سيؤدي إلى حرق جميع المصالح الأميركية ومصالح حلفائها في المنطقة"، مؤكداً أن "الوضع الإقليمي اليوم يميل لصالح الجمهورية الإسلامية".

وشدد شكارجي على أن بلاده "لا ترغب في الحرب، ولن تشن الحرب على أي دولة"، مؤكداً أن ذلك "ليس شعاراً، وليس من موقف الضعف".

وأضاف أن القوات المسلحة الإيرانية "ترصد جميع تحركات العدو الأميركي في المنطقة بشكل دقيق"، مؤكداً أنها "ستواجه التهديد بالتهديد، والرصاصة بعشر رصاصات.. وفي حال ارتكب العدو أي خطأ، سيدفع ثمنا غالياً".

ووصف المتحدث العسكري الإيراني الدعوات الأميركية للتفاوض، بـ"المخادعة والتي لا تنسجم مع الحقائق الميدانية"، معتبراً أن "التفاوض تهديد حقيقي يهدف إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية بأقل الخسائر".

كما أكد أن واشنطن تريد من خلال التفاوض "نزع قدرات إيران الدفاعية، ثم مهاجمتها"، مشيراً إلى أنها "اتبعت السياسة ذاتها مع النظام العراقي السابق"، معتبراً أن الدعوة إلى التفاوض "تأتي بعد أن عجزت أميركا وحلفاؤها عن شن حرب"، مؤكداً أن "أميركا ضعيفة وغير قادرة على إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

كما أشار المتحدث الإيراني إلى أن استراتيجية بلاده "هي تهدئة الأوضاع في المنطقة واستتباب استقرارها وتعزيز أمنها"، متهما واشنطن "بزعزعة الأمن الإقليمي لنهب منافع وثروات المسلمين".

وأوضح أن "بعض حكام المنطقة الذين تصفهم أميركا بالأبقار الحلوبة يناصرونها وهم يخونون المسلمين والعالم الإسلامي".

وكان "الحرس الثوري" الإيراني أعلن، الخميس الماضي، أن قوات الجو الفضائية التابعة له "أسقطت، فجر الخميس، طائرة مسيّرة أميركية قال إنها اخترقت الأجواء الإيرانية، بالقرب من مضيق هرمز".

واعتبر قائد هذه القوة، أمير علي حاجي زاده، اليوم، أن اختراق طائرة التجسس الأميركية الأجواء الإيرانية "يتعارض مع المقررات والأعراف الدولية"، مؤكداً أن قواته "عملت بموجب واجبها القانوني" لإسقاطها.

وفي تلميح إلى أن عملية الاختراق قد تكون حدثت بلا قرار أعلى السلطات الأميركية، قال حاجي زاده إن "هذه المخالفة الأميركية ربما ارتكبها جنرال أو عاملون"، مضيفاً "أننا لسنا مطلعين على تفاصيل ذلك، لكن هذا الإجراء مثل انتهاكاً للملاحة الجوية من قبل طائرة تجسس وردنا كان طبيعياً".

ويأتي هذا التصريح كردٍ على محاولة ترامب التقليل من أهمية الحادث بالقول في معرض أول تعليق له على إسقاط الطائرة، إنه "ربما حدث بطريق الخطأ".

وهدّد حاجي زادة بأن القوات المسلحة الإيرانية "ستكرر ردها في حال تكرر اختراق الحدود الإيرانية"، مشيراً إلى أن "منظومة دفاع جوي إيراني الصنع هي التي أسقطت الطائرة المسيرة الأميركية التي تتمتع بتقنيات فائقة التقدم".

وأوضح أن إيران "تنتج جميع معداتها العسكرية التي تحتاج إليها بنفسها، لأن لا أحد يزودنا بمعدات دفاعية مثل الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي".​

وكان حاجي زاده، كشف أمس الجمعة، عن حطام طائرة التجسس الأميركية، قائلاً إن "مقر منظومة الدفاع الجوي أسقط الطائرة، في الساعة الرابعة وخمس دقائق فجراً، بعدما وجّه لها أربعة تحذيرات قبل عشر دقائق من إسقاطها، لكن لم تكترث لها".

وأضاف حاجي زاده أنه "كان بإمكاننا إسقاط طائرة أميركية مأهولة من طراز "P8" أيضاً كانت برفقة طائرة التجسس المسيرة"، معتبراً أن "الهدف من إسقاط الطائرة المسيرة كان توجيه تحذير للقوات الإرهابية الأميركية".

شمخاني: "ترامب مبتز دولي"

من جهته، اعتبر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن "(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب يسعى، من خلال نقض القوانين والمعايير الدولية، إلى طرح نفسه كمبتزٍ دولي يمارس سلوكاً غير قابل للتوقع"، مضيفاً أن ترامب "يتصور أنه يمكنه، من خلال اتباع هذا السلوك، نقض حقوق الشعب الإيراني".

ولفت شمخاني إلى أن ترامب "قد حقق بعض أهدافه المادية" من خلال ممارسة هذا السلوك مع الخليجيين، وذلك في إشارة إلى السعودية والإمارات، معتبراً أن سلوك الرئيس الأميركي "أحدث تحديات كثيرة على الساحة الدولية".

واليوم، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، مجدداً، في مقال خصّ به وكالة "إيسنا"، ما أوردته وكالة "رويترز" أمس، عن أن الوسيط العماني قد نقل رسالة تحذير أميركية إلى طهران، متهماً الوكالة بالسعي إلى "تغيير المعادلة" لصالح الولايات المتحدة من خلال نشر "أخبار ملفقة".

وانتقد خسروي وسائل الإعلام الإيرانية لتعاطيها مع الخبر، داعياً إياها إلى أن تكون "حارس المرمى الذكي لتأمين الأهداف الوطنية وعدم التحول إلى منصة للخصم".



مواصلة تقليص التعهدات النووية

على صعيد آخر، وفي خضم التوتر مع الولايات المتحدة، حاول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، اليوم، إثارة موضوع الاتفاق النووي مجدداً، كأنه أراد القول إن أساس هذا التوتر يعود إلى موقف كل من الإدارة الأميركية وبقية شركاء الاتفاق منه.

وفي هذا السياق، هدّد موسوي بأن بلاده ستبدأ تنفيذ المرحلة الثانية من تعليق تنفيذ تعهدات نووية "بقوة"، ما لم تنفذ بقية أطراف الاتفاق النووي تعهداتها.

وأضاف موسوي أنه "بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، طالبنا الشركاء المتبقون فيه بالبقاء فيه، مؤكدين أنهم سينفّذون تعهداتهم"، لكنه أشار إلى أنه "بعد مرور عام من هذا الانسحاب، لم يلتزموا بتعهداتهم، سواء عجزوا في ذلك أو لم يرغبوا".

وأوضح المتحدث الإيراني أنه "في حال إطلاق (الأوروبيين) وعوداً جديدة، فالقرار سيكون بيد النظام والمجلس الأعلى (الإيراني) للرقابة على تنفيذ الاتفاق النووي".

وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أعلن، في الثامن من مايو/أيار الماضي، عن قرارات "مرحلية"، تعلّق إيران بموجبها تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي، رداً على الضغوط الأميركية، وما تصفه طهران بمماطلات الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، بعدما صفّرت العقوبات الأميركية منافعها الاقتصادية من الاتفاق النووي.

وأعلنت طهران أنها ستعلق بعض تعهداتها على مرحلتين، بدأت المرحلة الأولى خلال الشهر الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، على أن تبدأ المرحلة الثانية في حال لم يلبّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال ستين يوماً، لتخفيف آثار العقوبات الأميركية. وتشمل المرحلة الثانية رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وتفعيل مفاعل آراك النووي.

وتنتهي المهلة الإيرانية في السابع من يوليو/تموز المقبل، وسط حديث إيراني عن أن طهران لم تلمس بعد خطوات عملية أوروبية تلبّي مطالبها. كما أن أوروبا من جهتها تحذّر إيران من الاستمرار في تقليص تعهداتها، داعية إياها إلى مواصلة الالتزام بهذه التعهدات.