"الفضاء الأزرق": حملة موازية لمرشحي الانتخابات الجزائرية

12 ابريل 2017
الجزائر تتخوّف من عزوف الشباب (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

نقلت الأحزاب الجزائرية ومرشحوها للانتخابات التشريعية المقررة في الرابع من مايو/ أيار المقبل الحملة الانتخابية إلى صفحات "فيسبوك"، بعدما فتحت أغلب الأحزاب والوجوه المتنافسة للوصول إلى البرلمان الجزائري صفحات تواصل وتفاعل مع رواد الموقع لاستقطابهم وإقناعهم بالتصويت لصالحهم.


وأفردت بعض الأحزاب في صفحاتها مجموعة من الصور والفيديوهات، سواء على حساب الحزب أو على حساب إلكتروني لأحد مرشحيها، إضافة إلى عرض الملفات الكبرى في برنامجها الذي ستدخل به معترك الانتخابات المقبلة.

وعلى عكس الأحزاب الكبرى التي جرّبت وجودها في الفضاء الافتراضي في انتخابات البرلمان لعام 2012، فإن الكثير من الأحزاب، وحتى بعض المرشحين الجدد في الساحة السياسية الجزائرية، لم يكن لهم حضور من قبل في الفضاء الأزرق. وبمناسبة الاستحقاق الانتخابي فتح هؤلاء صفحات خاصة تتصدّرها صور المرشحين وأرقامهم في ورقة الانتخاب، فضلاً عن صور وزيارات لهم في أحياء مدنهم وقراهم ولقاءاتهم بـ"الشعب" في الشوارع، وزياراتهم الميدانية إلى المقاهي الشعبية.

وفي هذا الصدد، ركّزت "جبهة القوى الاشتراكية" في صفحتها على "فيسبوك" على مقطع فيديو خاص بالزعيم التاريخي الراحل حسين آيت أحمد، أحد قادة الثورة الجزائرية ومؤسس الحزب، لـ"دغدغة عقول ومشاعر الناخبين"، خصوصاً الكتلة الانتخابية الخاصة بالجبهة.

وعمدت باقي الأحزاب السياسية الى اتخاذ منحى مماثل، خصوصاً الأحزاب الكبرى والقوية في الساحة الجزائرية، والتي استخدمت من الصور والفيديوهات لزعمائها ومؤسسيها وشخصياتها الكبرى "التاريخية " في الترويج لبرامجها السياسية، تحسباً للسباق الانتخابي. فمثلاً ربط "تحالف حركة مجتمع السلم" حملته على "فيسبوك" بشخصية الراحل الشيخ محفوط نحناح، فيما أفرد "حزب العمال" مساحة كبرى لزعيمة الحزب السيدة لويزة حنون.



من جهتها، ركزت "جبهة التحرير الوطني" في دعايتها الانتخابية على صور للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الشرفي للحزب. أما "الحركة الشعبية الجزائرية"، لرئيسها عمارة بن يونس، فقد ركّزت في صفحتها على "فيسبوك" على تقارير عن التجمّعات التي يعقدها مرشحوها ورئيسها عبر الولايات، فضلاً عن برنامجها في الانتخابات.



ويعتقد أستاذ علوم الإعلام والاتصال، عبد الجليل هني، أن استخدام الفضاءات الإلكترونية بشتى أنواعها، خصوصا "فيسبوك" و"تويتر"، هي طريقة مثلى للدعاية التي تنتهجها بعض الأحزاب السياسية حتى قبل الحملة الانتخابية، مضيفاً أن هذه الفضاءات بإمكانها الوصول إلى الملايين. وتابع أنها على الأرض بإمكانها أن تتفوّق على النشاطات الميدانية والفضاءات المغلقة كالقاعات والمداومات.

كذلك لفت هني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحملة الانتخابية في الفضاء الأزرق لا تعني أنها "مجدية" أو بإمكان الأحزاب أن تكسب المعركة من خلالها، خصوصاً إن علمنا أن الجزائري عُرف في السنوات الأخيرة بعزوفه عن الانتخاب، وفقدانه الثقة بممثليه في البرلمان. واعتبر أن الصفحات على "فيسبوك" بإمكانها أن تخلق "هالة" و"دعاية" عكسية، بالنظر إلى زوارها والتعليقات المصاحبة لتلك الصور والفيديوهات التي تبقى سطحية وغير مدروسة إعلامياً وسياسياً.

من جهته، قال الإعلامي عبد الحفيظ سجال، لـ"العربي الجديد" إن المرشحين مطالبون بإقناع أكبر شرائح المجتمع الجزائري بالذهاب للاقتراع وكسب "ودهم" أيضاً، ولذلك بات استغلال مواقع التواصل الاجتماعي واقعاً مفروضاً، خصوصاً في أوساط الشباب المعروف عنه العزوف عن السياسة ومقاطعة الانتخابات على الرغم من أنه يمثل في الوقت ذاته أكبر وعاء انتخابي.

كذلك لاحظ سجال اختلاف آداء المرشحين على منصات التواصل الاجتماعي من حزب لآخر ومن مرشح إلى آخر، فالأحزاب المعروفة لها حضور دائم وفي كل الأوقات وتغطية دائمة لكل نشاطات الحملة الانتخابية، فضلاً عن مرشحي هذه الأحزاب.

ولفت الإعلامي سجال إلى أن ما يعاب، ربما، على المحتوى الانتخابي للمرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي أنه يبقى سطحياً ولا يُعالج الملفات التي تهم الناخبين، وفي بعض الحالات يبدو وكأنه يخاطب جمهوراً غير الذي من المفروض أن يتفاعل معه. وعزا سجال ذلك بالأساس إلى الضعف الدعائي للأحزاب والمرشحين، كون الحملات الإلكترونية غالباً ما يقودها هواة ولا علاقة لهم بالتسويق السياسي الإلكتروني المطلوب في هذه الظروف.