وفي الوقت الذي يتحدث فيه بعضهم عن ضغوط نقابية لإطلاق سراح هؤلاء، فإنّ البعض الآخر يعتبر أن قضايا الرأي العام والضغوط التي تسببها هذه القضايا، أدت إلى غضب القضاة التونسيين.
ويبدو أنه وفي كل مرة تبرز فيها إحدى القضايا العامة على السطح، تزيد الحملات والضغوط على القضاة، ما دفع بنقابة القضاة التونسيين إلى إصدار بيان حذّرت فيه من تواتر حملات التشكيك ضد القضاة، ومما يتم تداوله إعلامياً من اتهام للقضاء بعدم الحياد خدمة لتوجهات سياسية.
وحذّرت نقابة القضاة التونسيين، من "محاولات الضغط على القضاة وتشويه سمعتهم"، داعية إلى "النأي عن ممارسات ضرب مصداقية القضاء، والتشكيك في القضاة"، مؤكدة، في بيان لها، أن "من حق المواطن التونسي أن يتمتع بقضاء مستقل لا تتخذ أحكامه على المقاس ولا وفق الرغبات والمصالح السياسية، بل وفق القانون".
وأكدت النقابة أنّه "لا سبيل لمحاولة تكميم الأفواه وعزل القضاة عن الشأن الوطني عبر التشهير بهم وضربهم خدمة لمصالح ضيقة أو تصفية لحسابات سياسية"، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء، أو الجهات القضائية المعنية ممثلة في التفقدية العامة بوزارة العدل، هما الجهتان المخول لهما تلقي أي شكايات أو مآخذ ضد القضاة"، مشددة على أنها "لن تسمح بمثل هذه التجاوزات الجسيمة في حق القضاة، موضّحة أنّ القاضي ليس في حل من المساءلة لكن يجب أن يكون في إطار ما اقتضاه القانون".
وقالت العمري، إنّ "نقابة القضاة تحذّر من حملات التشويه التي تستهدف القضاة التونسيين، موضحة أن هذا لا يعني التستر على القضاة، فالقاضي لا يتمتع بحصانة مطلقة وليس فوق المساءلة والمحاسبة، ولكن هذا لا يعني استهدافهم وتشويههم، وحتى في صورة وجود مآخذ على أي قاض يمكن التوجه للتفقدية العامة وللمجلس الأعلى للقضاء"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن لمجرد إبداء مواقف تهم الشأن العام أو لأي سبب آخر تشويه القضاة والحط من كرامتهم ما يضرب مصداقية القضاء".
وحذرت العمري من أنّ "ضرب القضاء الذي يعتبر ملجأ التونسيين عموماً، من شأنه ضرب مصداقية الأحكام الصادرة وحق المواطنين وحتى الدولة في العدالة والقانون"، مؤكدة أنّ نقابة القضاة "على مسافة واحدة من الجميع، وهي في نفس الوقت لا تنتصر للقضاة بصفة عمياء لأن هناك دائماً احتكاماً لدولة القانون والمؤسسات".
وأشارت إلى أنّ "المبادئ لا تتجزأ، ولا يمكن رمي التهم جزافاً على أي قاض، والاستهداف العشوائي للقضاة وحتى للمواطنين لم يعد مقبولاً، مبينة أنّ "القاضي قد تكون له رؤية وأفكار ويمكنه مثلاً الحديث عن الفقر والتهميش والتنمية والبطالة وإبداء الرأي في القضايا ذات الشأن الوطني، في إطار حرية التعبير المكفولة دستورياً، ولكن دون الدخول في التجاذبات السياسية من باب التجرد والحياد، مشيرة إلى القاضي لا يسيّس، ولا يخوض في الشأن السياسي "فهذا خط أحمر وغير مسموح به"، كما تقول.
ورأت أنّه "يجب عدم الضغط على القضاة بمناسبة نظرهم في القضايا التي اصطلح بتسميتها قضايا الرأي العام، ولو أن التسمية غير دقيقة لأن كل القضايا مهمة، وبالتالي أن يؤثر هذا على أحكام القاضي الذي لا يحكم تحت أي ضغط، مهما كان الملف ومهما كانت الشخصيات التي يتضمنها الملف".
وبينت رئيسة نقابة القضاة، أن "لا انتماء سياسياً لأي قاض، ولا بد أن نترك القضاة يحكمون بحسب القانون لأنّ ضرب القضاء يعني ضرب السلم الاجتماعي، وبالتالي فلن تتحقق أهداف العدالة خاصة إذا تم تشويه القضاة والضغط عليهم وضرب مصداقيتهم"، مؤكدة أنّه "لا بد من حماية القضاء وإبعاده عن جميع التجاذبات والصراعات السياسية، فالدولة مستمرة بخلاف الأحزاب".
وحذّرت العمري من أنّ "الضغط على القضاة ورميهم بالتهم ونسبة ادعاءات لهم ومحاولة التدخل في سير القضايا المعروضة عليهم، لا يضرب فقط استقلال القضاء، بل ينال أيضاً من حق المتهم أيّاً كان، في محاكمة عادلة، وحق المواطن التونسي عامة في قضاء مستقل أحكامه لا تتخذ على المقاس ولا وفق الرغبات والمصالح السياسية".