الحدود البحرية المغربية ــ الإسبانية: صداع مزمن للرباط

14 يوليو 2017
خطوة المغرب سياسية أكثر منها قانونية(فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

عاد ملف ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا، الذي يثير الكثير من الجدل والريبة بين البلدين، إلى الواجهة مجدداً، مع إدراج الحكومة المغربية أخيراً المجالات البحرية قبالة سواحل الصحراء في المنظومة القانونية الوطنية، ما يعني ترسيم الحدود البحرية لسواحل الصحراء.

القرار المغربي، المتخذ ضمن مجلس الوزراء، فسرته الرباط بأنه "يدحض كل الادعاءات المشككة في أن هذه الحدود البحرية لا تدخل في نطاق السيادة المغربية"، وبأنه يقطع الطريق أمام مناورات جبهة البوليساريو في المحاكم الأوروبية ضد ما تسميه "منتجات الصحراء". وسارع نواب حزب "نوفا كاريا" الإسباني إلى دعوة الحكومة الإسبانية إلى اتخاذ قرار صارم حيال الخطوة المغربية، التي اعتبرها بعض السياسيين الإسبان قراراً توسعياً للمغرب. وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان ما حصل قبل سنتين، عندما طلبت إسبانيا، من جانب واحد، من الأمم المتحدة ترسيم حدودها البحرية الإقليمية، وهو ما استهجنته الرباط في حينه، واعتبرته استفزازاً لها.

ويقول المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف العلاقات المغربية الإسبانية، الدكتور سمير بنيس، لـ"العربي الجديد"، إن توسيع المياه الإقليمية، المتواجدة بين الصحراء المغربية وجزر الكناري، التابعة للسيادة الإسبانية، هي من المواضيع الشائكة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا. ولفت إلى أنه خلال السنوات القليلة الماضية ظهرت بعض البوادر التي سرعت من عملية قطع المغرب الطريق على أي محاولة إسبانية للسيطرة على هذه المياه الإقليمية. وبحسب القانون الدولي الذي تحكمه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإن لأي دولة الحق في ترسيم حدودها إلى ما يصل إلى 200 ميل، انطلاقاً من خط ساحلها، وهو ما قامت به إسبانيا منذ سنوات في جزر الكناري. وهناك بند آخر في الاتفاقية نفسها يسمح للدول الساحلية بتوسيع مياهها الإقليمية لتشمل 350 ميلاً انطلاقاً من خطها الساحلي. وأوضح الخبير أن إسبانيا حاولت الاستفادة من حالة عدم الوضوح القانوني للمياه الإقليمية للصحراء المغربية، باعتبارها منطقة متنازعاً عليها، وعملت على سن قانون تقوم بموجبه بتوسيع مياهها الإقليمية لما يفوق 200 ميل بحري، لتشمل بذلك المياه الصحراوية. ويشرح بنيس أن "المغرب فطن لهذا المخطط الإسباني، وقام بقطع الطريق عليه، من خلال الاحتكام إلى لجنة حدود الجرف القاري التابعة للأمم المتحدة، إذ راسل هذه اللجنة في مارس/ آذار 2015، وعبر عن رفضه التام لأي محاولة أحادية الجانب لترسيم الجرف القاري".

وتوقع بنيس أن تكون الخطوة التي قام بها المغرب، من خلال جعل السواحل الصحراوية تابعة للمياه الإقليمية المغربية، محاولة لقطع الطريق على كل محاولة إسبانية في المستقبل من أجل إدراجها ضمن المياه الإقليمية الإسبانية. وفيما يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تؤثر على المصالح المشتركة بين البلدين، قال بنيس إنه على الرغم من الأهمية التي يوليها كلا البلدين لهذه المياه الإقليمية، فمن غير المنتظر أن تؤثر هذه الخطوة المغربية على العلاقات بين الرباط ومدريد. ووصف المستشار الدبلوماسي الخطوة التي قام بها المغرب، بكونها ذات مغزى سياسي أكثر منه قانونياً، إذ إن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تنص على أنه في حال وجود دولتين جارتين، فإنه لا يمكن لأي منهما توسيع منطقتهما الاقتصادية الحصرية أو جرفهما القاري بشكل أحادي الجانب. وترى الاتفاقية أنه ينبغي على البلدين التوصل إلى اتفاق ثنائي حول تحديد المنطقة الإقليمية الحصرية، وفي حال فشلهما في التوصل إلى ذلك، فيتوجب عليهما التوصل إلى حل مؤقت، وفي حال فشلا في هذا الأمر فإن عليهما اللجوء إلى التحكيم الدولي. وخلص بنيس إلى أن قيام المغرب بإدراج الصحراء ضمن منطقته الاقتصادية الحصرية يعتبر إشارة لإسبانيا بأن المغرب حريص على حماية مصالحه الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة. وقال إن المملكة توجه إشارة إلى جارتها الشمالية بكونها ستتصدى لكل محاولة إسبانية لاستغلال الفراغ القانوني الذي توجد فيه المياه الإقليمية التابعة للصحراء، وتوسيع منطقتها الإقليمية بشكل أحادي الجانب، لتشمل مياه الأقاليم الصحراوية.

المساهمون