تمر على قطاع غزة، اليوم الخميس، الذكرى العاشرة للعدوان الإسرائيلي الذي خلف 1500 شهيد وأكثر من 5000 جريح، والذي أطلقت عليه إسرائيل اسم "الرصاص المصبوب" وأطلقت عليه قوى المقاومة الفلسطينية اسم "الفرقان".
في لحظة واحدة، أغارت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية قبيل ظهر السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2008 على 90 موقعاً حكومياً وأمنياً ومدنياً، في أعنف موجة قصف يشهدها قطاع غزة، وأقساها كانت تلك التي استهدفت مقر "الجوازات" الأمني غربي مدينة غزة، خلال دورة تخريج لعناصر من الشرطة، ما أدى لاستشهاد العشرات، منهم مدير عام الشرطة في حينه، توفيق جبر، وإصابة العشرات.
بدت العملية الإسرائيلية "المجنونة" بأهداف كبيرة، لم يتحقق منها شيء، أبرزها إنهاء حكم حركة "حماس" للقطاع، واستعادة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة قبل الحرب بعامين. وتسارعت تهديدات الاحتلال في تلك الحرب التي أدت لاستشهاد وزير الداخلية في حكومة "حماس"، سعيد صيام، والقيادي بالحركة نزار ريان وعائلته في قصف منزلهم في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.
وتزامن العدوان الإسرائيلي الذي لم يترك بقعة في القطاع الساحلي الضيق إلا واستهدفها، مع اشتداد الحصار الإسرائيلي ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، ومع حالة عربية سلبية غير داعمة للمقاومة، وتشجع إسرائيل على استمرار العدوان.
ومُحيت عائلات كاملة من السجل المدني من جراء القصف العشوائي الإسرائيلي، ومسحت مناطق قبالة الحدود تماماً، كعزبة عبدربه شرقي جباليا شمال القطاع، وأصبحت عشرات المنازل في القطاع أثراً بعد عين نتيجة القصف الذي تواصل لنحو 22 يوماً.
ولم تكن المقاومة الفلسطينية في حينها تمتلك ما بحوزتها اليوم من إمكانيات عسكرية، وكان عملها متواضعاً مقارنة بما كان في عدوانَي 2012 و2014، لكنها حققت مع العدوان البري بعضاً من الإنجازت التي جعلت قادة الاحتلال يفكرون ملياً قبل استمرار التوغل في بعض المناطق.
وعقب الحرب، شكلت الأمم المتحدة لجنة تقصي حقائق وتحقيق دولية، وأصدر تقرير "غولدستون"، لكنه لم يصل إلى محكمة الجنايات الدولية، وقيل حينها إنّ السلطة الفلسطينية لم تتشجع لنقله إلى هناك، رغم ما فيه من إدانة واضحة للجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين في القطاع.
وفي ذكرى العدوان، أقامت وزارة الداخلية والأمن الوطني، اليوم الخميس، احتفالاً بمناسبة اليوم الوطني لشهداء الوزارة، تحدث فيه القيادي في "حماس" خليل الحية، الذي أكد أنه في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات "كانت المؤامرة على وجودنا وعلى شعبنا وعلى مقاومتنا".
وقال الحية: "في حرب الفرقان، كان المشهد واضحاً أرادوا لشعبنا ومكوناته أن تنهار"، غير أنه ذكر أنّ غزة نفضت الغبار عنها ونفضت ريح البارود عن أجساد شهدائها.
ودعا الحية، وهو نائب بالمجلس التشريعي، إلى إنجاز مصالحة فلسطينية حقيقية، مؤكداً أن "شعبنا وفصائلنا وكل مكونات شعبنا عليها واجب وضرورة أن نعيد بناء مؤسساتنا الوطنية وأن نرمم بيتنا الفلسطيني على أسس واضحة وشراكة حقيقية، لنعزل فريق التعاون الأمني وفريق المصالح ولنذهب مباشرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ودعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير وإجراء الانتخابات".